25 فردا بالشارع.. وجهاز عروستين.. حصيلة مرة لحريق بولاق أبوالعلا
على حصيرتين متقابلتين، في أحد شوارع منطقة بولاق أبوالعلا تجلس 20 سيدة، يكسوهن السواد الناجم عن حريق منازلهن، وتعلو الوجوه حسرة، سجلت أحداثا لا تكفيها الكلمات للتعبير عن مرارتها، فالحدث الذي حل بأسرهن أكل الأخضر واليابس، وتحطم على صخرته آمال المتعبين في الحي المصنف إداريا بالعشوائي.
في طرف الحصير تجلس أصغرهن (20 عاما) تجاورها أكبر النسوة التي كست وجهها علمات المشيب ( 70 عاما) وبصحبتهن 3 أطفال لم يتوقفن عن البكاء، بالإضافة إلى 7 رجال تركوا الحصيرة لإخواتهم وأبناء عمومتهم، وجلسوا على مقهى قريب، دون أموال أو ملابس أو حتى بطاقات هوية".
هؤلاء هم ضحايا الحريق الذي ارتفعت نيرانه في إحدي حواري شارع العقيد إسماعيل بمنطقة بولاق أبوالعلا، ثالث أيام عيد الفطر المبارك، وعلى إثره فقدت العائلات أماكن إقامتهم، وما هو أكثر من ذلك.
وزار المنطقة مساعد محافظ القاهرة، ووعد الأهالي بتوفير مساكن.
في الجهة اليسرى من الشارع يقبع منزل مكون من 3 طوابق، إضافة لآخر أرضي وبه 12 غرفة تسكن كل غرفة إحداها، وشقة تسكن فيها صاحبة العقار، ويدفع السكان 2 جنيه إيجارا شهريا للغرفة لأن عقودهم إيجار قديم، وغالبا لا تطلبه منهم المالكة.
حدث أشبه بكابوس نوم مرعب عاشتها هبة -إحدى المتضررات - من الحريق (24 عامًا) حيث كانت تحاول أن تستغرق في النوم بعد يوم عمل مهلك، لأنها تعمل إدارية بإحدي المدارس في منطقة كرداسة، لتستطيع إعالة أمها التي تركها زوجها، وخالتها التي توفي عنها زوجها هي الأخرى".
سمعت هبة أصوات استغاثات تدور في رأسها كالطواحين، «كنت نائمة عندما سمعت صراخ خالتي زبدة وهي تقول البلكونة بتولع يا بنات، وأيقظت الجميع وبمجرد نزولنا من العقار إنهار تماما، وكان بداخله تحويشة العمر، فأنا أعمل منذ أعوام لكي أجهز نفسي للزواج فأنا كما يقولون مشبوكة».
ولهبة قريبة تعيش معهم وهي آية وتعمل في أحد مصانع الملابس وتبلغ من العمر 21 عاما، وغير حاصلة على مؤهل عال بعد تأكيدات مساعد محافظ القاهرة حول توفير سكن بديل خلال أيام «إحنا مش عايزين نبعد عن هنا، عزوتنا هنا وأهلنا وجيرانا العشرة».
بصوت أكلته نيران الخوف من المجهول تكمل آية التهام قطعة خبز كانت إحدى الجارات منحتها لها، تقول "لا نعرف ماذا يحمل لنا المستقبل".
أما أم إسلام -60 عاما- صاحبة العقار المنهار وهي الميسورة حالا إن تمت مقارنتها بباقي العائلات قالت «البيت دا كان بيأوي أكتر من 30 بني آدم، أنا معرفش اتبنى إمتى ولكنه منذ ما وعيت على الدنيا وأنا عايشة فيه، ولم يكن به عيب ولا حتى آيل للسقوط».
وكانت هناك سيدتان رفضتا ذكر أسمائهما يشبها أبناء إفريقيا قالت إحداهما «إحنا من الصعيد من إسنا، ولكننا ولدنا هنا وبالطبع لا نقدر على العودة للصعيد مرة أخري، لو رحت هناك أتوه، وأشغالنا هنا»،
وأكملت "إحنا شاحتين الهدوم اللي علينا دي، والعيال معندهمش هدوم يروحوا بيها الشغل حتى، إحنا خسرنا كل حاجة".
كذلك كان هناك صبيان أكبر من سن المراهقة قليلا وكانا يعملان في الباله، وغالبا دموعهما وهما يقولان «الهدوم التي كانت في المنزل نحن نعمل بها، ولكنها لم تكن ملكنا وبالتالي فقد نفقد أعمالنا بسبب هذا الحريق»
لكن الرأي الهندسي يحمل تفاصيل أخرى، فقال المهندس محمد حازم الذي يعمل في أحد مكاتب الإنشاءات الهندسية، عند سؤاله عن سبب إنهيار العقار رغم السيطرة على الحريق «قد يكون بسبب عدم تطابق الخلطة الخرسانية للمواصفات، ودون عمل اختبارات الرمل والزلط والماء والإضافات الكيميائية".
وأضاف أن العقار مبني 3 أدوار وقد يكون أحد تلك الأدوار لم يكن مرخصا به، ما أدى إلى زيادة الحمل، عند حدوث الحريق».