محمود أبوحبيب يكتب: مدرسة الإمام "الطيِّب"
كغيري من الآباء، أسعى لإدخال البهجة على أبنائي، فعند مروري بالألعاب والمطبوعات الخاصة بالأطفال أحاول أن أجلب لهم ما يساعدهم فى تنمية عقولهم، راجيًا فى ذلك أن يتحقق حُلم الآباء بأن يَروا أبناءهم فى مكانة مشرفة، كُلها مساع إذا كُللت بالتوفيق من الله تُصبح واقعًا سعيدًا.
والأطفال كعادتهم عندما تَجلب لهم شيئًا دائمًا ما يسألون عن أصله، ويعجز العقل أحيانًا عن الإجابة عن بعضها لأننا غير مدركين قيمة عقل الطفل- فنجلب لهم ما لا نعرف أصله- الذى جبله الله لشغف التعلم، سجيةً يسأل الطفل بها دون أن يعى الحكمة من سؤاله، سوى حب التعلم الذى فطره الله عليه، "فطرة الله التى فطر الناس عليها".
فى واحدة من هذ المرات، جلبت لمحبوبتى الصغيرة "مجلة نور" ولأن القدر ساق بى أن أكون واحدًا من أبناء الأزهر والعاملين فيه، عند سؤالها المعتاد عن المجلة والشخصيات، وجدتنى مندفعا أشرح لها الشخصيات. ولشدة شفغها بها، تطرقت معها رويدا رويدا لقصة المجلة، وأَصبحتْ تسألني فى كل إجازة وأنا عائد من عملى عن عددها الجديد دون غيرها.
وفى إحدى المرات كنت أُتابع أحد لقاءات شيخ الأزهر- بحكم عملى- فوجئت بسؤالها من هذا يا بابا؟، فحار عقلى ماذا أقول لها، لأنى أدرك أنها لا تعي معنى كلمة شيخ الأزهر ولا رئيس مجلس حكماء المسلمين، فكل هذه الإجابات تُرهق عقلها المتواضع جدًا، ولكن سرعان ما وجدتُ بيت القصيد، الذى يتناسب مع عقلها ويجعلها تعرف مَن هذا بصورة قريبة إلى تصورها العقلي سَلسة على إدراكها الذهني، وقلت لها "أحضري مجلة نور"، وبعبارات تَعقلها أكثر فأكثر، أجبتها بأنه مَن كلف بإصدار "مجلة نور"، وتلقى المجلة دعمًا كبيرًا حبًا منه فى الأطفال.
ولم أكد أنتهى من حديثى عن دور الإمام فى مجلة نور، إلا وفاجأتني بقولها إنى أريد أن أدخل "مدرسة الشيخ الطيِّب"، وبسؤالى لها المتوقع لماذا يا صغيرتي؟، فبادرتنى بإجابة على قدر إدراكها، "لأنه عملي مجلة فيها صور وحكايات حلوة".. لم يكن حُب صغيرتى للإمام لأنه شيخ الأزهر الذى نعرفه ويعرفه العالم أجمع بدوره ورمزية مؤسسته، بل كان حُبا ارتبط بشىء مُحبب إلى نفسها.
حرص الإمام على رعاية الأطفال والاهتمام بهم، وأهمية تشكيل شخصية الطفل وفق المنهج الأزهري القويم، بما يعكس الفهم الصحيح للدين الإسلامي من خلال أفكار خلاقة، تُناسب أَعمارهم، وتُنمي مَواهبهم، وقُدراتهم الإبداعية، وتُسهم في غرس مبادئ المواطنة، والحوارمع الآخر، والتسامح، والسلام، وتُرسخ قيمة العلم والمعرفة في نفوسهم، هو الذى جعل فضيلة الإمام يُهدى مجلة" نور" لأطفال العالم، كل هذا وأكثر جعل "يارا"وغيرها من الأطفال يُحبون - وبالفطرة - الإمام الطيِّب.