صناديق الانتخابات.. الباب الملكى للديمقراطية
الذين يقولون بالاعتداء على الديمقراطية فى مصر، هذه فرصتهم ليقولوا كلمتهم أمام الصناديق التى سيقفون أمامها يوم الإثنين القادم، ولثلاثة أيام متوالية، يضعون فيها أوراق قراراتهم، بانتخاب مرشحهم لرئاسة الجمهورية، دونما ضغط من أحد، أو إملاء على إرادة أى منهم، بل فى حرية شخصية، وبإشراف قضاء شامخ نزيه، وغير مُسيّس.. وهى ذاتها الصناديق التى ستُبرهن على إفكهم وضلالاتهم وادعاءاتهم بأن الديمقراطية فى مصر عند مفترق طرق، لأنها ــ أى الصناديق - هى برهان الديمقراطية وإعلان الحرية الشخصية لكل مصرى، يختار عندها من يشاء من بين مُرشحين اثنين للرئاسة.
حرِىٌّ بالجميع، ومن يتهمون الديمقراطية فى نزاهتها النزول والوقوف قُبالة الصناديق، والإدلاء بآرائهم، سلبًا أو إيجابًا، قبولًا أو رفضًا، لأحد المرشحين أو كليهما معًا، وما دون ذلك، هروب من الميدان وتقاعس عن ممارسة الحق الانتخابى، حتى يعرف الجميع، الوزن النسبى للمرشح الفائز، وكيف كان فوزه، وكم هم الذين وافقوا عليه واختاروه أو رفضوه، أو أبطلوا أصواتهم بالكلية.. هذا إن كان الجميع يحرص على صورة بلادهم التى ينتمون إليها، وهذه هى الديمقراطية، وهذه هى السياسة التى تعلمناها، ويعلمها كل هؤلاء.. وغير ذلك سيكون ضربًا من التدليس ومحاولة التشويه، ليس لصورة الحاكم الذى سيأتى، بل لمصر التى يزعمون العمل من أجلها، إذا كانوا حقًا من المنتمين إلى ترابها!.
وقد قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى: (لو نزل كل الناخبين، وقال ثلثهم: لا، أشرف عندى من أن ينزل نصف الناخبين، حتى ولو قالوا كلهم: نعم).. ولا أعتقد أن الرئيس كان يقصد بعبارته هذه، الحرص على صورة إيجابية شخصية، بل كان أحرص على صورة مصر أمام العالم، وصورة شعبها الذى عرف الحضارة ومارس الديمقراطية، قبل أن يستيقظ التاريخ، ويوم كانت كل الديمقراطيات العريقة الآن، تغط فى عصور الجهالة، وتأسرها سرابيل الدين المتشنج، التى عرقلت مسيرتها قرونًا طويلة، قبل أن تشق عن طوقها هذه السرابيل البالية، وتطل برأسها نحو النور.
الصناديق الانتخابية، هى إذن، الباب الملكى لممارسة الديمقراطية، مفتوحة أمام كل من كان له قلب أو أصغى السمع وهو بصير.. أما هؤلاء الذين يفتعلون الأزمات، ويصنعون العقبات الوهمية أمام الناس على الشاشات، فإن صناديق الانتخابات هى التى ستعرى كذبهم، وتفضح ضلالاتهم، لأن أبواب الخيار كانت مفتوحة أمامهم، يدخلون من أى باب شاءوا، وهم الذين أوصدوا ألف باب دونها، تآمرًا منهم على رسم صورة شائهة، تحمل ملامح مضللة، عن مصر، دون أن يفطنوا، أو ربما متغافلين، عن أن المصريين اكتشفوا، فى لحظة تاريخية، خلال ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، أن عليهم الاختيار، ما بين الانتصار لمصر، أو الاستسلام لمخاطر الفوضى والإرهاب والضياع الذى تصنعه جماعة الإخوان وعصاباتها، والقوى الإقليمية والعالمية التى تقف وراءها.. ولن ينسى المصريون مطلقًا، الأيام الصعبة، حين انعدم الأمن فى حياتهم، بعد أحداث يناير ٢٠١١، وأصبح مجرد الخروج من البيت إلى الشارع، مغامرة محفوفة بالمخاطر التى تهدد حياة الإنسان.. واكتشف المصريون، بالحس السياسى والتاريخى، أن مؤامرة الإخوان، كانت تستهدف إسقاط الدولة الوطنية، وأن غياب الدولة، كان مؤامرة مُتعمدة، مع سبق الإصرار والترصد، وأن سيناريو الفوضى والضياع، كان مُخططًا سابق التجهيز فى الكواليس المظلمة، لأجهزة مخابرات عالمية مُعادية، لمصر ومستقبلها.. وكان اختيار عبدالفتاح السيسى، رئيسًا لمصر، فى انتخابات حرة ونزيهة، بمثابة إعلان شعبى مصرى، أن مصر لن تعود إلى ماضى سنواتها الكئيبة، وأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.
قبل أربعة أعوام، كان الشعب على موعد مع الرئيس، وكان السيسى على موعد مع الشعب والتاريخ، والموعد مع الشعب والتاريخ يأتى دائمًا من صنع القدر، وليس من إبداعات البشر، لكن الله، الصانع الأعظم، هو من ألهم الشعب زخم التدفق على صناديق الانتخاب الرئاسى، التى أفرزت فترة رئاسة السيسى الأولى.. بعدها اطمأن قلب الشعب، وهدأ باله، وأسند ظهره، بعد الله، إلى رئيسه، لكن سرعان ما أدركوا أن الخطر مازال مُحدقًا بمصر، من كل اتجاه، وأصبح الشعب على وعى كامل بكل ما يدور حوله من مؤامرات ومخططات دولية وإقليمية، تستهدف إيقاف المسيرة الوطنية الجريئة، لدولة السيادة المصرية.. وتحمّل نفس هذا الشعب، تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادى الصعب، ولم يكن مثيرًا للدهشة أن تتحدث وسائل إعلام عالمية مُنصفة، عن المشروعات الكبرى التى يقوم الرئيس السيسى بتنفيذها حاليًا، باعتبارها مشروعات فرعونية عملاقة، ولم تكن قناة السويس الجديدة، سوى بداية لسلسلة طويلة من المشروعات العظيمة التى تستهدف الحياة الكريمة لكل فرد على أرض مصر، وأن يتواجد هذا البلد، بمجموعة من إجراءاته، فى القائمة العالمية الجديدة للدول المتطورة، أو قائمة القوى الاقتصادية الصاعدة.
ولهذا.. لم يكن مفاجئًا لى ولا للجميع، ما شاهدناه على من مشاهد لجموع المصريين العاملين بالخارج، يتوافدون على صناديق الانتخابات الرئاسية، فالشعب المصرى، الذى ليس له قاموس، هو أول من يلتف حول دولته لحمايتها.