محمد الباز يكتب.. قاعدة بيانات الوزراء
انتهى المهندس شريف إسماعيل، بشق الأنفس، من التعديل الوزارى، الذى يمكننا وصفه بالولادة المتعثرة، ٤٠ يومًا من اللقاءات والمقابلات والمناقشات والاعتذارات والشائعات والتكذيبات والقصص الجانبية غير الدقيقة.
أصدق شريف إسماعيل عندما يقول إن هناك من عرض عليهم المنصب فترددوا، خافوا أن يتحملوا المسئولية فى ظرف صعب نعرف أزماته جيدًا، بعضهم يمتلك رؤية ومشروعًا، لكنهم يخشون من قلة الإمكانيات ومساحات الرقابة الرسمية والشعبية التى تتزايد كل يوم.
لكن السؤال الذى يجب أن نواجهه كمجتمع الآن وليس غدًا، هو كيف يتم اختيار الوزراء فى مصر؟ ما الجهات التى تُرشح؟ وما الجهات التى تقدم تقارير تقول هذا يصلح وهذا لا يصلح؟ وعلى أى أساس يعقد رئيس الوزراء جلسة مع أحدهم ليعرض عليه وزارة بعينها؟ والأهم من ذلك كله، هل نملك قاعدة بيانات كاملة نختار من بينها الوزراء الجدد؟.
هذه هى القضية الأساسية والكبرى التى يجب أن نتوقف عندها، فالوزراء الذين يأتوننا فى الغالب يصلون إلى مناصبهم بطريقة عشوائية، بعضهم يأتى بالصدفة، وبعضهم يأتى بتزكيات غير دقيقة، وأحيانًا بمجاملات غير منطقية.
التجربة المُرَّة التى خاضها رئيس الوزراء شريف إسماعيل فى التعديل الوزارى الذى تعثر كثيرًا، لا تحتاج فقط لقاعدة بيانات مكتملة، لمن يصلحون لتولى المناصب القيادية ومن بينهم الوزراء، ولكنها تستدعى ضرورة أن يكون لدينا بنك قيادات، نحتفظ فيه بمعلومات كاملة عمن يصلحون للعمل العام، وعندما يأتى وقت الاختيار، يكون سهلًا ودقيقًا وكاشفًا عن حقيقة الكفاءات التى نملكها فى مصر، وذلك بدلًا من العبارات الإنشائية السخيفة التى نسمعها ويرددها علينا البعض بأن مصر بلد بلا كفاءات، لأن هذا ليس حقيقيًا على الإطلاق.
لقد عانينا خلال السنوات الماضية من سطوة وسيطرة الذوق الشعبى والهوى السياسى على اختيار وزراء بعينهم، وهو ما كلفنا كثيرًا، للدرجة التى كنا نخجل فيها من شخصيات تولت المسئولية وهى غير قادرة على العمل، ولكم أن تتخيلوا أن هناك وزراء لم يمكثوا فى مكاتبهم أكثر من ثلاثة أشهر فقط.
صحيح أن هناك مرونة سياسية، خلصتنا من الوزراء الفاشلين بسرعة دون الانتظار عليهم لسنوات، لكن ما الذى يضطرنا لاختيار من لا نعرف عنهم شيئًا، وكأننا نشترى «بطيخة مغلقة، وبختك يا أبوبخيت».
الفرصة لا تزال أمامنا، فاعملوا من الآن حتى لا تتكرر مهزلة التعديل الوزارى الأخير، فمصر فعلًا لا تستحق منا كل هذا الهزل.