رصاصنا بيصيب يا فندم
كان حديث الحبيب على الجفرى فى الندوة التثقيفية التى عقدتها القوات المسلحة بمسرح الجلاء الخميس ٩ فبراير، صادقًا عذبًا، ساق حديثًا صحيحًا عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: تكون فتنة، أسلم الناس فيها الجند الغربى، مبشرًا بأن الفتنة التى تحاصرنا وتعصرنا ستنتهى دون أن يمس الجيش منها شىء، فالجند الغربى هم جند مصر ولا أحد غيرهم.
وكان حديث الدكتور عبدالمنعم سعيد عن أهل الشر وإعلامهم وطرق مواجهتهم فى نفس الندوة، واقعيا ربما أكثر مما ينبغى، وهو ما جعل بعضا من الموجودين يتقاطعون معه تقاطعات جانبية، فقد عاب عليه البعض حديثه الذى لم يكن فيه جديد عن المواجهة الإعلامية مع التنظيمات الإرهابية، وبرر البعض عتابهم له بأنه فى أدائه الإعلامى لا يطبق ما يطالب بقية الإعلام به.
الحديث الأكثر عذوبة وصدقًا وحلاوة كان ما قاله الرائد كريم أحمد بدر، لم يكن حديثه نقلا عن كتب ولا تنظيرا يستند إلى تصورات نظرية، ولكنه كان كلامًا من دم ولحم وأعصاب ودموع.
كريم بدر كان واحدًا من أبطال معركة ١ يوليو ٢٠١٥، وهى المعركة التى خاضها شياطين ما يسمى أنصار بيت المقدس لإعلان سيناء ولاية تابعة لهم.
لم يتم الإفصاح بشكل كامل عن تفاصيل هذه المعركة، لم تسجل بطولات من شاركوا فيها حتى الآن، لكنها كانت فرصة نادرة أن نسمع لواحد من أبطالها وجها لوجه، فهذه المعركة كما يعرف الذين يرصدون تفاصيل حرب مصر على الإرهاب، يعرفون أنها كانت معركة فاصلة، فما بعدها يختلف تمامًا عما قبلها.
قصة كريم والذين كانوا معه على أرض المعركة تصلح لعمل درامى طويل، لكن ما استوقفنى فى كلامه ما قاله من أنه عندما وجد نفسه وجها لوجه مع الأعداء - هكذا يسميهم وهكذا هم بالفعل - عرف الفارق بين عقيدته وعقيدتهم، تأكد أنه على الحق وهم على الباطل، قال ما يمكن اعتباره صورة أدبية بديعة ومعبرة عن القصة كلها: رصاصنا بيصيب يا فندم.
وقبل أن تسأل وربما تسخر، وتقول هل هناك رصاص يصيب ورصاص لا يصيب؟ سأقول لك: لم تفهم ما قاله هذا البطل الذى سقطت ذراعه اليسرى إلى جواره، فالتقطها وأكمل حربه ضد خصومه.
كان كريم وأبطال معركة الكمائن يقاتلون وهم يعرفون أنهم منتصرون، ولذلك شعروا أن رصاصهم يحصد الأرواح النجسة. لو سمعته ستقاوم دموعك التى حتما ستخترقك، لكن اترك دموعك، واربط بين ما قاله الحبيب على الجفرى والرائد كريم، لتتأكد أن الجيش المصرى منصور لأن ولاءه الوحيد لمصر، لهذه الأرض التى جعلها الله مقدسة، لا ولاءات لأفراد ولا لجماعات، لا ولاء لدين أو لجنس، فقط مصر وهذا سره وسرنا معه.