محمد الباز يكتب.. لماذا ذهب الرئيس لاستقبال لاعبى المنتخب؟
يقول المنطق إن الرئيس عبدالفتاح السيسى ما كان يجب أن يتحرك من مقر حكمه فى قصر الاتحادية، ليستقبل لاعبى المنتخب الوطنى، فهم لم يعودوا بالكأس، وعليه فهم لا يستحقون هذا الاحتفاء الرئاسى.
ويقول المنطق أيضا إن ظهور الرئيس يجب أن يكون
محسوبًا ومقدرًا بدقة وعناية، حيث يجب أن يحتفظ بطلته للإنجازات المكتملة لا
المنقوصة، فرغم فوز المنتخب فى مباريات لم يكن يتوقع أحد فوزه فيها، إلا أنه لم
ينل الجائزة الكبرى.
ويقول
المنطق كذلك إن تكريم الرئيس للاعبين يعنى أنه راضٍ عما تحقق، رغم أنه لم يكن
كاملًا، وهو ما يعنى أيضا أن هذه هى فلسفة الرئيس، فهو يرضى بالقليل ويهتم به
ويحتفى بأصحابه.
مؤكد
أنك فكرت بهذه الطريقة، أو على الأقل تفاعلت مع من يفكرون بها، واستحسنت ما
يقولونه، بل ليس بعيدًا أن تكون سخرت معهم من مصافحة الرئيس للاعبين بتعليقات
كوميدية، على كل صورة على حدة، وضحكت حتى استلقيت على قفاك من فرط التأثر.
مع
احترامى لما تراه، وتقديرى لما تعتقد أنه صحيح، اسمح لى أن أقول لك إن منطقك فاسد
تمامًا، ومنطق من تفاعلت معهم وضحكت على سخرياتهم بشكل كامل باطل تمامًا أيضًا.
فهذه
أول مرة يخسر المنتخب مباراة بحجم نهائى إفريقيا، ولا يغضب الناس غضبتهم الكبرى،
لأنهم يعرفون جيدًا أن المنتخب أدى ما عليه، فى ظل ظروف صعبة، ودعايات سوداء ضده، والأكثر
من هذا أنه انعكاس لكل شىء فى مصر، فنحن نعيش فى وطن يتعافى بالكاد من توابع ثورات
واضطرابات وأزمات وجد الشعب المسكين نفسه فيها، ولا يجد مُنقذًا حقيقيًا منها.
استقبال
السيسى لاعبى المنتخب واحتفاؤه بهم بهذه الطريقة رسالة واضحة، يؤكد من خلالها أنه
حاكم واقعى، ليس حالمًا، فهو يرى فيما جرى إنجاز، ومن حق من قاموا به الاحتفاء
بهم، والثناء عليهم، على الأقل لبعث الثقة فيهم وفى الآخرين.
بعد
ثورة ٣٠ يونيو التى أنهينا بها حكم الإخوان البائس، كان يجب أن نبدأ من جديد فى
مجالات كثيرة، كان هناك من أراد بنا العودة للمربع صفر، لكننا قاومنا وبدأنا،
وعليه فكل خُطوة ولو كانت غير مكتملة، هى بداية جديدة فى طريق لابد أن يكتمل، وهو
ما يفهمه الرئيس جيدًا، ويحاول أن يطبقه بنفسه.
لقد
عانينا جراحًا كثيرة، فليس أقل من أن نحتفى بأى بادرة تعافى، حتى لو كانت غير
مكتملة.