مصر والسعودية.. القادم أفضل
مصر عادت كما كانت.. هكذا قال ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز لوزير الثقافة حلمى النمنم، وهو يشاركه افتتاح الجناح المصرى بمهرجان الجنادرية، الذى تحل مصر ضيف شرف به هذا العام.
من حق الشعوب أن تقول ما تشاء، تختلف كما تريد، تتنازع عندما يكون هناك تأزم واضح فيما بينها، كل شىء يصبح مباحًا فى ساحة الصراع، حتى تبادل الشتائم والسباب يمكن أن يكون مبررًا ومنطقيًا ومعقولًا، فلا يوجد شعب على الأرض يمكن أن يقبل بإهانة بلده، حتى لو كان على مشارف الجوع والموت.
لكن دائمًا للقادة كلام آخر، والعلاقات بين الدول لا تخضع لحسابات الهوى، بل تصيغها المصالح التى تعلو لغتها على كل لغة، ويفسح لها الجميع الطريق، لأن مشاعر الشعوب وحدها قادرة على إفساد كل وأى شىء.
حمل وزير الثقافة حلمى النمنم من ملك السعودية أكثر من رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسى، بعث إليه بتحياته وسأل عنه، وقال: إن مصر عادت كما كانت، وإن القادم أفضل، وهو ما يعنى أن ملك السعودية يدرك تمامًا قيمة أن تقف مصر مرة أخرى، فهى درة التاج، وقد حاول العرب جميعًا أن يعملوا بعيدًا عنها، لكنهم ضلوا الطريق.
كل ما أرجوه أن يكون ما قاله خادم الحرمين الشريفين بداية حقيقية لتذويب كل الجليد، الذى يحول بين دفء العلاقات بين مصر والسعودية، وهى علاقات تعرضت لكثير من التشويه وسوء الفهم والتصرف أيضًا، فهو فى الغالب ليس كلامًا مجانيًا اقتضته مناسبة عامة، ولو لم يكن الملك مقتنعًا به، ما قاله من الأساس، فالملوك لا يهزلون، لا فى مجالسهم، ولا فى أحاديثهم العامة.
كلام الملك سلمان دبلوماسية رسمية، تقتضى أن تكون هناك بعدها خطوات قادمة على الطريق لحل كثير من الأزمات المعلنة والخفية بين البلدين الكبيرين، فلكل منهما فضل على الآخر لا ينكره إلا جاحد، ولا يتنكر له إلا ظالم.
لقد ساندت السعودية مصر فى لحظة حرجة، لكن الإنصاف يقول إن مصر لم تكن لها أن تعود كما كانت إلا إذا كانت قادرة على ذلك، تملك إرادتها ومقوماتها الذاتية لتحقيق المستحيل وتجاوزه، وهو ما يبدو أن السعودية أدركته، ولذلك فليس أقل من أن يعمل الجميع، من أجل علاقات سوية بين البلدين.
تحية ملك السعودية لابد أن يرد عليها بأحسن منها، وهو ما أتوقع أن يحدث، لأن مصر كبيرة، ورئيسها يعرف الأصول.