ماذا كنت تنتظر من الرئيس في أسوان؟
لم يفزعنى ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أسوان، لكن أفزعنى رد فعل قطاعات كثيرة عليه.
يلوم البعض على الرئيس حديثه الدائم عن الأزمات والمشاكل التى تحاصر مصر من كل مكان، يحتجون على قوله بأنه عمل ما عليه، وبقى أن يعمل المواطن ما عليه أيضًا، يسخرون من إصراره على أنه يريد أن يمنح المواطن كل شىء، لكنه لا يستطيع.
يفعلون ذلك، وكأنهم ينتظرون من رأس الدولة أن يخدعهم ويطمئنهم ويجلب لهم أنهار الخمر والعسل بين أيديهم، لمجرد أنه أصبح رئيسًا.
يمكن للسيسى بالمناسبة ألا يتكلم، يمكن أن يعمل فى صمت، يترك الجهاز الإعلامى المؤيد له يتحدث نيابة عنه، لكنه اختار أن يكون هو نفسه جهازًا إعلاميًا يتواصل مع الناس، يتحدث ويشرح ويرد على التساؤلات بشكل مباشر، يواجه ويفسر ويحلل، فهو يقدم نفسه بنفسه، دون وسطاء.
هذه الحالة يأخذ منها البعض طريقًا للطعن فى السيسى، هناك من يرى أن الرئيس يجب ألا يتحدث كثيرًا، فالكلمة منه قرار، والتصريح عهد، وهناك من يتصيد له كلمة من هنا وأخرى من هناك، ويصنع منها ما يعتقد أنها سخرية تنال من قيمة الرئيس.
ما أعتقده أن السيسى يفعل ما يرى أنه صواب، يكسر أحيانًا البروتوكول الرئاسى، لأنه يريد أن يتواصل مع الناس دون حواجز، يفاجئ حتى العاملين بجواره بما لا يتوقعونه، فهو لا يبحث عن رضا زائف، بل يعمل من أجل رضا حقيقى عما يفعله.
مؤكد أنك تنتظر من السيسى فى كل مرة أن يتحدث بما يُرضيك، وهو بالمناسبة سهل جدًا، لن يكلفه هذا شيئًا، لكنه لن يفعلها أبدًا، يعرف أن شعبيته أحيانًا تتأثر بما يقوله، لكن من قال لكم إنه يبحث عن شعبية، ولذلك فلا تتوقع منه أن يمنحك أملاً دون أن يكون لهذا الأمل ظل على الأرض.
إننا نحب من يبيع لنا الأوهام، حتى ونحن نعرف أنها كذلك، ولذلك فإننا نضيق بما يقوله السيسى لا لشىء الا لأنه يقدم لنا حقائق، وهذه أزمتنا الحقيقية معه، وأزمته الواقعية معنا.