الحكومة فاشلة.. فاشلة يا فندم
أحترم عقلية المستشار مجدى العجاتى، المسئول عن الشئون القانونية فى الحكومة، فهو منظم بدرجة كبيرة، يعرف دوره ويتقنه، يقف أمام محاولات النيل من الحكومة بأقصى ما يستطيع، وعلى صفحاتنا نجده دائمًا متحدثًا ومفسرًا ومحللًا، لا يبخل بمعلومة ولا يضن علينا برأى.
لكن ما قاله فى
حواره المطول مع الأهرام، الجمعة ٢٠ يناير، عكس رغبته المطلقة فى الدفاع عن
الحكومة، متجاوزا الواقع الذى يحيط به ويحاصر وزراء الحكومة، الذين هم فى النهاية
مواطنون، ومؤكد أنهم يعيشون بيننا، ويسمعون عن معاناة الناس من حولهم، ويدركون
درجة غضبهم من سياسات الحكومة وقراراتها التى يراها هو ضرورية لمسيرة الإصلاح
الاقتصادى.
رفض العجاتى وصف
الحكومة بالفاشلة، فهى عنده ليست كذلك على الإطلاق، وإذا كان هناك نواب غاضبون منها،
فذلك على أقصى تقدير يأتى من عدم استجابة الوزراء أحيانا لتلبية طلبات النواب،
التى هى فى النهاية طلبات أبناء دوائرهم الذين يضغطون عليهم بدورهم.
العجاتى رغم
عقلانيته الشديدة، إلا أنه ليس واقعيا فى دفاعه عن الحكومة، فالغضب منها ليس
قاصرًا ولا مقصوراً على نواب مجلس النواب، الذين لهم أسباب كثيرة لهذا الغضب، منها
تعالى الحكومة عليهم وعدم انتظام الوزراء فى الذهاب إلى البرلمان للرد على ما لدى
النواب من أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات، وهو ما يعانى منه رئيس المجلس الدكتور
على عبدالعال، فالغضب يتجاوز أسوار المجلس بكثير، وليس خافيًا على المستشار
العجاتى وغيره حالة السخط العامة التى يبديها الناس فى مجالسهم، وأراهنه أن
الحكومة لا تكون موضوعا لحديث يجمع بين اثنين من المواطنين، إلا ويصبان عليها
غضبهما وسخطهما.
قد يرى المستشار
العجاتى أن الحكومة تقوم بدورها، تبذل كل ما تستطيعه لتنفيذ ما يصدر إليها من
تكليفات، ومن حقه أن يرى أنها تعمل فى ظروف صعبة جدا لا يقدرها أحد، لكن هذا
الإنجاز الذى يراه هو لابد أن تكون له ترجمة فى الشارع، لابد أن يشعر المواطن بيد
الحكومة تحيط به، تنقذه من الغلاء وتوحش التجار وجشعهم ومتاجرتهم بقوته.
المواطن فى
النهاية لا يلعب كثيرًا خارج دائرة الأمن والشبع، صحيح أن كثيرًا من المواطنين
مقصرون فى حق أنفسهم وفى حق بلدهم، لكن لا يمكن أن نلقى باللائمة على المواطن
وحده، حتى فى تقصيره، فالحكومة عليها دور فى تنمية مواطنيها ووضعهم على الطريق
الصحيح، فرضا المواطن هو الذى يمنحها الشرعية التى تحتاجها لتستمر.
لقد تحدث
العجاتى عن أداء الحكومة ورفض اتهامها بالفشل، وهو يعرف جيدًا أن هناك تحركات من
قبل نواب فى البرلمان لسحب الثقة منها، وأن هناك من بين النواب من يرفض أى تعديل
أو تغيير عابر، بل يريدون حكومة جديدة بفكر وأداء جديدين، وهو كله يصب فى خانة أن
هذه الحكومة فاشلة، وكان الأولى بالمستشار العجاتى أن يستوعب غضب الناس من
الحكومة، يفسره ويحلله، ولا مانع من أن يبرر لها تقصيرها وعجزها وقلة حيلتها، لكن
أن يرفض أى اقتراب منها، فهذا يفقده مصداقيته تماما، وهذا ما لا نرضاه له.. فهل
يرضى هو ذلك على نفسه؟.