الثقافة الجماهيرية والمرأة الريفية
أقرت الأمم المتحدة فى 2007 يوم الخامس عشر من أكتوبر من كل عام الاحتفال باليوم العالمى للمرأة الريفية نتيجة للدور المهم الذى تقوم به المرأة الريفية وتحملها المسئولية بالعمل سواء فى الزراعة أو فى البيت.
دعتنى الأستاذة حنان موسى، والتى ترأس الإدارة العامة لثقافة المرأة بالثقافة الجماهيرية، وهى إحدى إدارات الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة الشاعر الأستاذ أشرف عامر، دعتنى أنا وصديقتى عضو مجلس إدارة مؤسسة المرأة الجديدة السيدة منيرة صبرى، للمشاركة فى ندوة بعنوان «دور المرأة الريفية فى المشاركة السياسية».
سافرنا معاً إلى محافظة المنوفية، ووصلنا إلى بيت ثقافة «سبك الضحاك» بمركز الباجور. وكما أوضحت السيدة منيرة صبرى، أن المرأة الريفية على مستوى العالم تمثل 43% من قوة العمل الزراعية، وأنها فى مصر تنتج 40% من الإنتاج الزراعى والحيوانى «منتجات الألبان والبيض وتربية الطيور فى المنازل وغيرها»، ومساعدة زوجها فى كل مراحل الزراعة وحتى جنى المحصول. وبالرغم من ذلك فإن 70% من المرأة فى الريف لا تتقاضى أجراً عن هذه الأعمال باعتبار أنها تساعد أسرتها.
سارت بنا العربة منطلقة فى طريقنا بصحبة الزميلتين مها رشدى وأمل عيسى من إدارة المرأة. وكانت الفرصة سانحة لنتناقش معاً أنا والسيدة حنان، وعن طريقتها فى إدارة عملها، والذى لا يقوم على الاكتفاء باحتفاليات وندوات مركزية، ولكن فى الوصول لكل مكان فى مصر فى الريف والحضر والمحافظات البعيدة الحدودية والعشوائيات، وإيمان إدارة المرأة بأن مشاركة المرأة المصرية وإدماجها فى الاقتصاد القومى لابد من ارتباطه بالتنمية الثقافية والإبداعية كى تعرف المرأة حقوقها وتدافع عنها من أجل تحسين مستوى معيشتها ومعيشة أسرتها وتعرف حقوقها أيضاً فى التعليم والصحة وتوعية المرأة للمطالبة بتفعيل مواد الدستور الخاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة وتضييق الفجوة بينهما، لأنه ثبت فى كل الإحصاءات العالمية والمحلية أن مشاركة المرأة فى صنع القرار وتوليها المناصب العليا يساعد على تقدم المجتمع وعلى تقليل الفساد.
المرأة المصرية وبالذات فى الريف تطالب بحقها فى العمل وفى اهتمام الدولة بالمرأة المسنة والأرملة والمطلقة والمعيلة فى حياة كريمة ومعاش وتأمين صحى. المرأة فى المحافظات البعيدة، والتى تبدع فى ممارسة الحرف البيئية المختلفة، وتسهم فى الحفاظ على الموروثات الشعبية والحرفية، حيث إن هناك المحافظات المشهورة بتطريز الأثواب يدوياً، وعمل السجاد، وصناعة الخزف، والأوانى الفخارية، وصناعة الأدوات من خوص النخيل، وغيرها من الصناعات المرتبطة بالخامات المتوفرة فى بيئتها، صحراوية كانت أو زراعية أو ساحلية.
المرأة المصرية العظيمة، والتى من المعروف أنها أسهمت فى سنوات الأزمات فى الحفاظ على أسرتها، وخرجت إلى سوق العمل للمشاركة فى إعالة أسرتها. المرأة الريفية التى تحملت كل الأعباء حينما خرج الرجال وسافروا للعمل بالخارج بالذات منذ ثمانينيات القرن الماضى، لتحسين مستوى المعيشة. تحملت المرأة عبء أسرتها فى مساعدة الكبار فى الزراعة بجانب القيام بكل شئون البيت وتربية الصغار.
المرأة المصرية، والتى وقع عليها الظلم حينما قل دخل الأسرة فكان ذلك على حساب تعليم البنات وزيادة تسربهم من التعليم. كما أن نسبة الأمية أعلى فى النساء عنها فى الرجال. ونسبة البطالة أعلى أيضاً عن الرجال، فالإحصاءات تقول إن 25% من قوة العمل النسائى معطلة، والنسبة فى الرجال 9.6%. هذا غير المشاكل التى تقابل المرأة دائماً فى عملها، وشكاوى المرأة الريفيةوالفتيات اللاتى يتم حشرهن فى عربات غير آمنة، وعبر طرق غير آمنة، لأماكن العمل فى الحقول أو المصانع الصغيرة، مما يعرضهن للإصابات أو الموت دون أى ضمانات. ويكفى أن نعرف أنه حتى الآن هناك قوانين خاصة بالعمل لا يتم تطبيقها على المرأة العاملة فى مجال الزراعة ومجال الخدمة فى المنازل، مما يجعلها تفقد الكثير من حقوقها فى الأجر والضمان الاجتماعىشاملاً التأمين ضد العجز والوفاة والبطالة والشيخوخة والتأمين الصحى وإصابات العمل.
عند مدخل القرية سألنا عن بيت الثقافة، فإذا بالعديد من المواطنين يعرفونه، وهذا معناه أن بيت الثقافة به نشاط معروف. قابلتنا السيدة سلمى عبد الرءوف مديرة البيت، بكل ترحاب، ومعها السيد صفوت محمد معوض، رئيس الوحدة المحلية، بجانب فتيات من زهرات مصر، طالبات مدرسة سبك الضحاك الثانوية المشتركة، وسيدات من القرية كلهن أمل فى تغيير الحال إلى الأحسن، آملين فى حل المشكلات الخاصة بالقرية. تحاورنا وتناقشنا حول دور المرأة فى المشاركة السياسية.
بدأت الندوة بحديث الشيخ مجدى أبو العلا بإدارة الأوقاف بالباجور عن الإرهاب وعن دور المرأة ودور المجتمع فى مواجهته بنشر صحيح ديننا والاهتمام بتعليم المرأة وتربية النشء منذ الصغر. وأكدنا معاً أن الإرهاب لا نقضى عليه بالأمن فقط ولكن بجناحى التنمية: التنمية الاقتصادية والتنمية الثقافية. وتناول حديثنا أهمية مشاركة المرأة فى الإدلاء بصوتها فى الانتخابات وأهمية معرفة من المرشحون، وما برامجهم، وماذا سيعملون عند دخولهم إلى مجلس النواب. كما أكدنا أن نائب الخدمات مكانه فى المحليات، وأن مجلس النواب القادم دوره تشريع القوانين لترجمة مبادئ الدستور إلى تشريعات خاصة بالمساواة بين المرأة والرجل وحق المرأة والرجل فى العمل والسكن والتأمين الصحى الشامل والتعليم. وأكدنا أن الشعب العظيم الذى قام بثورتين ضد المستبدين الفاسدين وضد المتاجرين بالدين لن يسمح مرة أخرى بوصولهم إلى مجلس النواب.
ولمحت فى وجوه الحاضرين والحاضرات رفضاً قاطعاً لمن يرشونهم برشاوى مادية أو عينية من أجل شراء أصواتهم. كل التحية لكل من يسهم من خلال الثقافة الجماهيرية فى وصول أشعة شمس المعرفة والثقافة والإبداع.