وتبقى ثلاثية عصا الحكيم خالدة
وفى ظل حالة التوهان، بل وعبر كل عصور الرداءة والتراجع المعرفى والقيمى، لا معايير متعارف عليها لتقييم علمى محترم ومعتبر يمكن الاعتماد عليها لمتابعة هيئات أو مؤسسات أو أفراد أو جماعات، وإن وجدت تلك المعايير ووجدت الهيئات المنوط بها القياس ومن ثم التقييم والتوصيف ومنح القبعات لمثل تلك الفئات السابق الكلام عنها، فإن البعض منا قد احترف بمهارة يتم توارثها من جيل إلى جيل لتستيف الأوراق وإعداد الملفات، ولامانع من إعمال الفهلوة أو التزييف والفبركة وتستيف الأوراق عبر آليات مسخرة الدجال والمنافق والمهرج، فصرنا نمنحهم قبعات الشهرة والمجد والتلميع الورنيشى وحق امتلاك نظم الجودة والاتقان، وزغردى ياللى مش غرمانه غير ضياع مستقبل أمة!!
ولعل ما شهدناه عبر سنوات المراحل الانتقالية بعد أحداث 25 يناير وحتى تاريخه عند اختيار الوزراء وكل القيادات التى شملها التغيير، كان الاعتماد بشكل رئيسى على التقارير الأمنية «وهو أمر مهم ومطلوب»، وكذلك السير الذاتية التى ترصد ترقيات ما أو مراكز تقلدها السيد المرشح لكرسى المسئولية، ولكن لا شىء عن نهجه العلمى فى الإدارة والإنجاز، ولا قياس لنوعية الخبرات والمهارات المطلوب توافرها فى شاغل الوظيفة، وعليه فالفرصة والمناخ مجهز للمنافق والدجال والمهرج لعرض تجارته الرخيصة، فهم الأقدر والأوفر حظاً ومهارة وامتلاكاً لفنون الضحك على الذقون وقد ارتدوا ثياب القداسة وهم يعزفون الأناشيد الوطنية، ويرتجلون فى رموز الحكم معلقات المديح السلطانية.
وعليه، فقد تابعنا حكومات تم منحها كل صلاحيات رئيس الجمهورية، بل وامتلاك ناصية التشريع، وتم اختيارهم من بين الرموز المعارضة للنظم السابقة، فارتكبوا «على سبيل المثال» أبشع حماقة عندما تركوا بؤراً إرهابية تتشكل فى «رابعة العدوية» و«بين السرايات» ودخول الأسلحة ومنع الناس فى تلك الأحياء من ممارسة حياتهم الطبيعية حتى باتوا كرهائن لامدافع عن حقوقهم فى الحياة الطبيعية، وتركوا الإرهاب يتمترس ويغالى فى إهانة جيش وشرطة وكل أجهزة الدولة وسرقة عربات اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى مهزلة غير مسبوقة وعلى مدى مايقارب الشهر ونصف الشهر، فيكون الثمن فادحاً عند اتخاذ القرار الضرورة بفض الاعتصامات الإرهابية بعد تضخم الأعداد وزيادة تجهيزاتهم وتمرير من يقومون بعمليات تمويل إمارة «رابعة» وإمارة «النهضة».. وحكومات أيضاً، لم تتابع أو تحاصر ملايين الدولارات التى كونها أهل الفساد وقاموا بتهريبها إلى مصارف الدنيا!! والآن، يخرج إلينا أشاوس أهل التهريج والنفاق والجدل ليحدثوننا بحكمة وتجربة وخبرة سنين الضياع والبشاعة للكلام عن ميثاق الشرف الإعلامى وحقوق الإنسان وأسباب تخلف التعليم وكوارث الممارسات فى المستشفيات ... يكتبون ويتحدثون فى الفضائيات بكل بكاسة وجبروت رذيل عن الحلول السحرية!!
فقط أذكر بموقف كوميدى هزلى حدث أثناء اجتماع الرئيس الأسبق مبارك مع من يطلقون عليهم الرموز، فانبرى أحدهم ليلقى على مسامع الرئيس خطبة عصماء حول سبل إصلاح أحوال البلاد والعباد، فكان أن نهره «مبارك» قائلاً هو ده مش كان مجال شغلك وانت وزير ماعملتوش ليه ؟! ... أرجوكم، لاتدعوا مكاناً أو مجالاً للمهرج والمنافق والدجال ... تعبنا ياهووو.