برلماننا وحُسن السُمعة
إنها إذن الثقة أولاً فى المواطن الجدير بالترشح، وأسأل: هل بمقتضى الدستور الأخير الذى يسمح للمواطن الحاصل على شهادة إتمام التعليم الأساسى «الإعدادية» الترشح لعضوية البرلمان ضمانة لوجود تلك الثقة؟! .. أى ثقة فى خبرات ومعارف مواطن مطلوب منه المشاركة فى وضع ومناقشة التشريعات وكمان ممارسة الرقابة على الأجهزة التنفيذية إذا كنا نعانى من حالة أمية معرفية وثقافية لأصحاب الشهادات بل وفى بعض الحالات أمية أبجدية؟!
ثانياً، حكاية السمعة والسيرة الحميدة، فحكومياً وكإجراء لإثبات حكاية الست الحميدة، فإن المرشح يتقدم بصحيفة الأحوال الجنائية وهى شهادة بخلو تاريخه من ارتكاب أى جرائم وعدم وجود سوابق جنائية، أما حكاية أى دائرة تدعى أن المرشح الفلانى غير حسن السمعة وما عندوش الست الحميدة دى بينما دائرته مجتمع ملائكى، وعليه فالفضيلة تنتحب سيدى القاضى على عتبات أبوابها من جراء قبول أوراق ذلك المرشح الماجن الكاره للست الحميدة، فنحن بحق أمام حالة مكايدة وتجاوز عجيبة، فإذا قبلنا بها فينبغى إضافة أوراق تطلب من المرشح ما يثبت حالة إجماع من أهل الدائرة أن المذكور علاقته بالست حميدة رائعة!!
أيضا، ما معايير الحكم على حسن سيرة المرشح؟، وهل هى منصوص عليها بوضوح فى الدستور ؟!.. على سبيل المثال، عندما يتقدم مرشح شارك فى حالة فساد إدارى ضخمة لا يعاقب عليها القانون مثل رئيس جهاز يتحكم فى أجهزة إدارة الحكومة ويقرر فى عهده فتح فرص للعمل بالحكومة تحت مسمى «الوظيفة المؤقتة» فتكون الباب الخلفى للتعيين بالواسطة وتحميل الدولة أعباء مالية وإدارية ضخمة لتوريط الأجهزة الحكومية فى النهاية بتوظيف هؤلاء بشكل ثابت، وبالطبع لا محاسبة لرجل ارتكب تلك الكارثة، ولا مستند يثبت أى بشاعات تمثلت فى القرارات الفاسدة والإهمال الشنيع المتسبب فى أضرار بالغة بمصالح الدولة!!
يا سادة، إن الانتقائية فى توقيع العقاب وإيقاع الضرر بالبعض كارثة، والتفتيش فى ضمائر الناس بناء على آراء قد تكون كيدية أو لتحقيق مكاسب سياسية أو مادية بات أمراً غر مقبول!!
لا نريد تكرار وجود برلمان فى النهاية، يصفق بالموافقة فى كل الأحوال، من منا لا يتذكر مشهدا لرئيس يسب ويشتم رجال دين مسلمين ومسيحيين، وعندما يقرأ قراره باستبعاد قداسة البابا شنودة الثالث يعلو التصفيق الحار، بل يقاطع الأعضاء الرئيس بتصفيق يستمر بشكل هيستيرى لمدة دقائق وبالإجماع، وعندما يأتى رئيس آخر ويقرر إلغاء قرار سابقه يلاقى نفس حالة الترحيب فى ملهاة عبثية وصورة محزنة لبرلمان لا تجد وصفاً مناسباً لقراراته!!