رئيس "الطاقة الذرية" لـ"الدستور": تكلفة مشروع "الضبعة" 5.5 مليار دولار
توليد الكهرباء بالمحطة يخدم الصناعات "كثيفة الطاقة".
المحطات النووية لا ينتج عنها أى تسريبات ملوثة للبيئة .. وإختيار "الضبعة" آمن تماما لإنشاء المحطة الجديدة.
إفتتاح مشروع "النظائر المشعة" ينتج 5 أضعاف الاحتياج المحلي .. ويحول مصر من الاستيراد إلي التصدير.
مصر خططت للبرنامج النووي منذ الستينيات.. واضطرابات الأوضاع في عهد عبد الناصر والسادات عطلته.
أكد الدكتور عاطف عبد الحميد، رئيس هيئة الطاقة الذرية،عن حاجة مصر إلى ثورة علمية حقيقة تؤهلها للتنمية المستقبلية التى تطمح إليها فى كافة المجالات، وتساهم فى رفع قدراتها فى المجالات التصنيعية المختلفة، مشيرا إلى إمتلاك مصر لكوادر علمية قوية ساهمت فى نهصة العديد من الدول، ولابد من الاستعانة بها لتأسيس نهضة مصر خلال السنوات المقبلة.
وأوضح أن الطاقة تعد المصدر الرئيسى للحياة، ويوجد طاقات كامنة فى الكون بتطور العلم والتجارب يتم إكتشافها والاستفادة منها وتحويلها إلى طاقات أخرى أكثر إستفادة للحياة البشرية، مشيرا إلى أن مصر تعد من الدول المتميزة بوجود مصادر عديدة للطاقة ومنها طاقة البترول والغاز الطبيعى والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتسعى للدخول إلى مجال الطاقة النووية خلال الفترة الحالية وتعظيم الاستفادة منه بما يخدم مشروعاتها التنموية مستقبلا.
وحول الكشف البترولى الجديد الذى حققته شركة "إينى الإيطالية" بالبحر المتوسط، أكد أن الاكتشاف الجديد لإحتياطى الغاز الطبيعى سيسهم خلال الفترة المقبلة فى سد إحتياجات مصر لعقود زمنية قادمة، كما سيمثل منحة جديدة تدعم إحتياجات مصر من الطاقة، مشيرا إلى أن كل ما أثير حول ضآلة الكشف الجديد عار تماما من الصحة، ولفت إلى أهمية الاستفادة من الكشف الجديد وتعظيم عوائده الاقتصادية، مؤكدا أن السنوات المقبلة ستشهد إكتشافات جديدة لمصادر أخرى للطاقة منها الطاقة الكامنة فى بطن الأرض وطاقة أمواج البحر، وغيرها من مصادر الطاقة والتى سيتم تطويعها بشكل أفضل لصالح أعمال التنمية التى تشهدها العديد من دول العالم.
وفى سياق متصل، أكد أن الحكومة الحالية بدأت باتخاذ خطوات جادة للدخول بمجال الطاقة النووية، ويدعمها فى ذلك المناخ الآمن خلال الفترة الحالية وتكثيف الجهود ما بين الجهات المعنية لتأسيس مشروع المحطة النووية، ولفت إلى أن الطاقة النووية تتمثل فى إخراج طاقة النواة والاستفادة بها فى توليد طاقات أخرى.
وألمح أن مصر بدأت التفكير فى تطبيق البرنامج النووى السلمى منذ الستينيات، إلا أن الإضطرابات السياسية والأمنية التى شهدتها مصر خلال العهود الماضية على مدار عهدى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس السادات، ساهمت فى تعطيل الدخول الفعلى لاستخدام الطاقة النووية، وقد بدأت الدولة فى تأسيس هيئة الطاقة الذرية سنة 1955 ودخلت فى العديد من الاستخدمات الهامة، وتم بناء أول مفاعل أبحاث نووى فى مصر بقدرة 2 ميجاوات، وإقتصر إستخدامه على البحوث وتدريب العلماء.
وأضاف أن العديد من الكوارد المصرية وخبراء الطاقة الذرية الذين تدربوا من خلال المفاعل النووى الأول الذى يمثل المدرسة الأولى فى علم الطاقة الذرية، نجحوا فى نقل تجارب وخبرات مصر بهذا المجال إلى العديد من الدول، وبعض هؤلاء العلماء عملوا فى أمريكا والأرجنتين وجنوب أفريقيا، وساهموا فى تأسيس المفاعلات الذرية بهذه الدول، والتى كان لها إستخدمات هامة فى مجالات التعقيم والزراعة والصناعة.
وأشار إلى أن دخول مصر جديا لمجال الطاقة النووية يتطلب وجود إرادة سياسية جادة تدعم العمل بها، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا يوجد بها أية إستخدمات للطاقة النووية، بينما تمتلك إسرائيل مفاعلات نووية للأبحاث، وتوجهها للاستخدامات الخاصة بتصنيع الأسلحة، فى حين أن مصر لها أهداف أخرى فى الدخول لاستخدام الطاقة النووية وهى أهداف سلمية وذلك وفقا للتعاقدات التى وقعتها مصر دوليا وتلتزم بها تجاه كافة الدول، كما تعد مصر عضوا بالوكالة الذرية للطاقة النووية وتخضع للتفتيش والرقابة الفنية، بينما لا تلتزم إسرائيل بالتوقيع على تلك الإتفاقيات ولذا لا يمكن الكشف عن توجهاتها فى استخدام المفاعلات النووية.
ولفت أيضا إلى إستخدامات دولة إيران للمفاعلات النووية والتى تختلف عن الاستخدامات المتعلقة بالطاقة وتقتصر فقط على التوجه لتخصيب اليورانيوم والذى يتضمن إستخدامات سلمية وغير سلمية، كما تثير إيران بعض الشكوك حول استخدامها للمفاعلات النووية فيما يتعلق بـعمليات تخصيب اليورانيوم التى تقوم بها.
وفيما يتعلق بالتحديات والفرص التى تجابه مصر فى مخططاتها للدخول للاستخدام الجاد للطاقة النووية، أوضح أن توجه مصر بتأسيس مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة سيكون له تأثير إقتصادى قوى خلال الفترة المقبلة، كما أن المناخ الجيد الذى توفره الحكومة للعمل الجاد بمشروع الطاقة النووية سيسهم فى تخفيض حجم التحديات التى تقابلها فى إطار توجهاتها للتعاون مع الدول الكبرى فى تأسيس المشروع.
وأكد أن مشروع محطة الضبعة النووية تختص به هيئة المحطات النووية، لا يتضمن تخصيب لليورانيوم، ويتمثل فى إنشاء مفاعل نووى يعمل على تحويل الطاقة النووية الى كهربائية ويستخدم وقود عبارة عن يورانيوم مخصب وهو الوقود الخاص بتشغيل المحطة وهو عبارة عن يورانيوم 238 مخصب بنسبة 3 :5%، وستقوم مصر باستيراده من الدول التى ستتعاقد معها على المشروع.
ولفت إلى أبرز الدول التى تقوم بتصدير تكنولوجيا النواة أو "اليورانيوم المخصب"، وتتمثل فى روسيا وكوريا والصين وفرنسا والأرجنتين والولايات المتحدة.
وحول الجدوى الاقتصادية العائدة على مصر من تأسيس مشروع محطة الضبعة النووية، أكد أن المشروع سيساهم فى رفع قيمة استخدام التكنولوجيا بالدولة، كما سيسهم فى الإرتقاء بالتصنيع المحلى، إلى جانب مساهمته فى رفع التصنيف الدولى، حيث ستصنف مصر ضمن الدول التى تمتلك معايير جودة عالية فى التصنيع، كما سيسهم فى رفع معدلات جذب الاستثمارات الأجنبية لها، نظرا لقدرة "المحطة النووية" على توفير توليد الكهرباء والتى ستخدم الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل صناعات الحديد والبتروكيماويات والتى تعانى حاليا من ضعف التشغيل نتيجة أزمة نقص توافر الطاقة.
وأوضح أن مشروع محطة الضبعة النووية سيسهم فى إنتاج طاقة كهربائية تتراوح بين 1000 إلى 1600 ميجاوات، كما ستترواح التكلفة المُحتملة لتنفيذه بين 4 إلى 5.5 مليار دولار، مشيرا إلى أن استهلاك مصر من الكهرباء يقدر بنحو 29 ألف ميجاوات.
وحول التخوفات المُحتملة بشأن تأسيس محطة الضبعة النووية وتأثيرها على الاستثمارات السياحية الهامة التى تجاورها فى منطقة الضبعة، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية، أن إختيار موقع "الضبعة" لتأسيس المحطة النووية تم بعناية شديدة، كما أن معدلات الأمان بالمشروع مرتفعة للغاية ولا يوجد أية خطورة من تواجد المشروع إلى جانب المشروعات الاستثمارية والسياحية بالمنطقة، لافتا إلى أن المحطات النووية لا ينتج عنها أى تسريب ملوث للبيئة.
وأشار إلى أحدث المشروعات التى قامت بها هيئة الطاقة الذرية وهو مشروع إنتاج النظائر المُشعة والذى إفتتح الأسبوع الماضى بحضور رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، ويحظى المشروع بأهمية كبرى فى إنتاج النظائر المشعة التى تستخدم فى التشخيص الطبى والعلاج، وسيساهم فى وقف استيراد هذه المواد من الخارج والتى كانت تستوردها مصر خلال السنوات الماضية بنسبة 100% وبتكلفة تتراوح بين 4 إلى 5 مليون دولار، حيث يسهم المصنع فى إنتاج 5 أضعاف الإحتياج المحلى، ويتم التصدير أيضا للخارج.
وأوضح أن النظائر المشعة هي عبارة عن مواد طبية تُحقن فى الجسم وتستخدم فى التصوير فى الآشعات الطبية المختلفة، وتساهم فى الكشف عن الأورام السرطانية وعلاج الغدة الدرقية أيضا، ولذا يعتبر المشروع تطبيق طبى هام على المستوى المحلى، وقد تحملت الحكومة تمويل المشروع بالكامل، حيث بلغت التكلفة الإجمالية للمصنع 21.4 مليون دولار.
وأضاف أن رئيس الوزراء أبدى اهتمامه بالاستماع إلى مطالب العلماء والكوادر المصرية التى قامت على تنفيذ هذا المشروع، ووعد بدراسة مقرحاتهم الفترة المقبلة، كما طالب بتكثيف التعاون القائم بين هيئة الطاقة الذرية ووزارة الصحة والمعهد القومى للأورام، لتحسين الإستفادة بالنتائج الهامة للمشروع.
وأوضح أن الهيئة قامت بعرض مجموعة من المطالب أمام رئيس الوزراء، فى مقدمتها مضاعفة حصتها فى الموازنة العامة، وعلى الفور وجه "محلب" بسرعة عقد لقاء مع وزراء الكهرباء والتخطيط لدراسة زيادة حصة الهيئة فى الموازنة العامة خلال هذا العام، مشيرا إلى أن وزارة التخطيط تمثل الشريك الرئيسى فى تمويل مشروعات الهيئة وتقوم بدور إيجابى فى تعظيم فرص تنفيذ مشروعاتها.
وألمح أيضا إلى مخاطبة رئيس الوزراء بتعديل اللائحة المالية بالهيئة والتى يعمل بها مجموعة من الكوادر والعلماء ويتقاضون فى المقابل رواتب مالية ضعيفة للغاية، على الرغم من طبيعة أعمالهم والتى تشكل جزء هام من الأمن القومى للدولة.
وحول دراسة إنشاء المجلس الأعلى للطاقة النووية، أكد أن الهيئة عرضت مقترحاتها بشأن إنشاء المجلس خلال الفترة المقبلة يضم تحت لوائه 4 هيئات مستقلة وهى هيئة الطاقة الذرية، وهيئة المحطات النووية،وهيئة المواد النووية، وهيئة الرقابة الإشعاعية، لتوحيد الجهود فيما بينهم، وقد رحب "محلب" بهذا المشروع وطالب بتقديم المقترح الكامل حوله لبدء دراسته خلال الفترة الحالية.
وفيما يتعلق بالمشروعات الجديدة التى تستعد لها الهيئة الفترة الحالية، أكد أن الهيئة بدأت العمل فى مشروع جديد لإنتاج الخلايا الشمسية وذلك من خلال الاستفادة بتطورات المفاعل الذرى الثانى الذى أنشأ سنة 1998 بقدرة 22 ميجاوات ويمثل أحدث مفاعل ذرى فى العالم، ويمكن الاستفادة منه فى إنتاج النظائر، مشيرا إلى أن المشروع الجديد لإنتاج الخلايا الشمسية يتم بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى، وسيتم تمويله بالاشتراك معها بتكلفة إجمالية تبلغ 10 مليون جنيه.