شاهد.. حكايات أطفال صنع منهم الفقر رجالا
رغم صغر أعمارهم، تصنع الظروف من بعض الأطفال رجالا أشداء واجهوا الصعاب، مما أكسبهم خبرة الحياة والتي ظهرت بقسوتها على ملامح وجوههم، كفوفهم خشنة شرفًا لهم، نظرتهم قوية يملؤها آمال وأحلام، عقول ناضجة اكتسبت من خبراتهم.
بعيدًا عنهم تظن أن عملهم "ظلم وقهر" إلا أنك باقترابك منهم ترى الواقع والذي رصدته "كاميرا الدستور" بمنطقة "بطن البقرة" بمصر القديمة، ومن خلال الحديث مع عدد منهم، والذين أعربوا عن سعادتهم ومتعهم بتجربتهم التي وصفوها بـ"الشيقة"، فيرون الرجولة تحمل مسئولية، ومن بين مسئولياتهم عدم الإهمال في متابعة دراستهم فبحسب قولهم "للعمل وقت وللعلم آخر".
"أيام الدراسة.. بروح المدرسة كل يوم وبعد نهاية اليوم الدراسي أروح شغل، وفي الإجازة بشتغل بردو" بتلك الكلمات البسيطة أوجز عمرو محمود عبدالرازق، والذي لم يتجاوز عقده الأول، وتابع: خلال الإجازة الدراسة أذهب إلى عملي بإحدى ورش الميكانيكا من التاسعة صباحًا وحتى نهاية اليوم.
وكشف عن حلمه بالالتحاق بكلية الشرطة باعتبار عمل الضباط من الأعمال المقدسة وذات الأهمية الكبيرة، عمرو يدرس بالصف الخامس الابتدائي، ولديه من الإخوة 5 فتيات و4 من الذكور، ونوه إلى أن من أصعب فترات عمله في العام الحالي كان خلال شهر رمضان، نتيجة للصيام والذي صاحبه ارتفاع شديد في درجات الحرارة.
وقال أحصل على 60 جنيها في الأسبوع أعطيهم لأمي، وفي بعض الأوقات أقتص منهم بعض المبالغ لشراء بعض المستلزمات الشخصية، واستطرد في الحديث عن أسرته قائلاً "أبويا ليس له عمل ثابت يحصل منه على دخل نهاية كل شهر كما هو حال العاملين بالحكومة، ولكنه على باب الله، أو ممكن نقول أرزقي، والحمد لله مبيخليش في نفسي أنا وأخواتي أي حاجة، بس نفسي لما أكبر أبقى ضابط".
محمد الأخ الثاني لعمرو، والذي يبلغ من العمر 13 سنة، التقط أطراف الحديث، وقال "أنا بقى في الصف الثاني الإعدادي، وبوجه متبسم تابع: شغال ميكانيكي منذ عام، وأحافظ على دراستي وأعمل خلال فترة إجازة الصيف، الحياة علمتني الكثير والكثير وذلك لاختلاطنا بجميع الفئات من الشعب الغني والفقير وجميع الطوائف، أتقاضى من عملي 50 جنيها أسبوعيا بشترى بهم حمام لأني بحب أربي حمام".
وأعرب رغبته في الالتحاق بكلية الهندسة خاصة قسم ميكانيكا والتي وصفها بأنها عشقه الذي لن ينتهي.
أطفال لكنهم رجال لهم أحلامهم والتي قد يرى البعض إن الظروف الاقتصادية قد تقف حائلا أمام تحقيقها إلا أن لكل مجتهدًا نصيب، فالصخور تحطمها الأمواج رغم قسوتها، والجبال تزحزحها الأمطار رغم شدتها، أطفال حددوا أحلامهم ويعرفون جيدًا سبل الوصول إليها ويسعون لتحقيقها.