السائح المصرى
لينطلق بكل الحيوية من جديد، وليس فى هذا بدعة أو دعوة إلى التكاسل والدعة، فالمولى سبحانه وتعالى أرشدنا إلى ضرورة الحصول على قسط من الراحة حين قال: « إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ، ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ، أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» سورة يونس »3»، وهذا الاستواء على العرش يعنى الراحة فى اليوم السابع، وهو القادر على أن يخلق كل العوالم فى لمحة من البصر .. ولكنه أخبرنا بهذا لنأخذ العبرة ونتعلم معنى الراحة التى يجب أن نحصل عليها بعد معاناة وتعب فى معترك الحياة. من هذا المنطلق.. فإننا نهيب بمؤسساتنا القومية ومنظمات المجتمع المدنى، سرعة وضع البرامج غير باهظة التكاليف للسياحة الدينية والثقافية والأثرية داخل حدود الوطن، لتكون هذه البرامج فى متناول الجميع بصرف النظر عن قدراتهم المالية، لأن الهدف الأساسى ليس الكسب والتربُّح، ولكن لمنح المزيد من فرص الراحة لأكبر عدد ممكن من جيوش «الشغِّيلة» الذين يديرون باقتدار عجلة الإنتاج الذى يصب فى مصلحة الاقتصاد القومى، ويشتاقون للحظات المتعة بعد عناء العمل المتواصل فى شتى الميادين، فيجب التشجيع على زيارة المتاحف القومية التى تغرس فى نفوس
العيدان الخضراء من شبابنا معنى الانتماء لتاريخ الأجداد وحضارتهم التى علَّمت العالم منذ فجر التاريخ.
ويجب أن يواكب هذا التشجيع تفعيل الرقابة على كل من يتخذون من مهنة مرشدى السياحة الرسميين وغير الرسميين وسيلة لابتزاز من يرتادون هذه الأماكن من حدائق عامة ومناطق أثرية وشاطئية، وحتى تعطى المصداقية لنُبل وسُمُوْ الهدف الذى تسعى إليه هذه المؤسسات والمنظمات. وليس بالكثير أن يجد الراغب فى القيام بالسياحة الداخلية سواء الجماعات أو الأفراد، كُتيبات توضع فى محطات المترو والبنوك والأندية والأماكن العامة، يُدرج بها تفاصيل كل البرامج المتاحة من زيارات للمواقع، والتى تلبِّى فى الوقت نفسه احتياجات كل الرغبات وتحقيق الحلم بقضاء عطلة نهاية الأسبوع أو المصيف الموسمى السنوى، وترضى الجميع على اختلاف ميولهم، وكذا يجب أن يدرج بهذه الكُتيبات تفاصيل ببيان التكلفة لكل برنامج على حدة، وتحديد نوع الخدمات المقدمة فى المقابل.. وبهذا نكون قد أدَّينا واجبنا نحو الجميع بمن فيهم أجيالنا الصاعدة والمعقود عليها كل الآمال فى الغد المشرق بكل شموس المعرفة والازدهار والتقدم، فالسائح المصرى لايقل أهمية عن السائح الأجنبى وإن كان يفوقه أهمية لكونه مضموناً من حيث وجوده بالفعل بالقرب من المنافذ السياحية فلا أقل من أن يلقى معاملة من القائمين على خدمة السائحين تماثل معاملتهم للقادم الأجنبى فلا نكون عامل طرد بل جذب للسائحين على حد سواء دون تفرقة طالما يحققان الهدف نفسه من تنشيط السياحة وزيادة الدخل . نحن بالفعل فى سباق مع الزمن فى معترك الحياة .. فلا مانع من أن يمنحنا هذا الزمن لحظات من المتعة والراحة نلتقط فيها الأنفاس اللاهثة، وتستعيد الخلايا الجسدية والروحية كل طاقتها الحيوية.. لنبدأ الرحلة فى الصباح الجديد بكامل اللياقة والإقبال.
■ أستاذ الدراسات اللغوية ـ أكاديمية الفنون