الإعلام وضمير الإعلامى «٢»
أستكمل مقالى الذى بدأته فى الجزء الأول حول قضية مهمة وخطيرة وهى قضية الإعلام الذى له تأثير أساسى فى التأثير على الرأى العام والذى يواجه أزمة تؤثر فى المتلقى، حيث يجد فيها المتلقى نفسه فى دوامة من البلبلة والحيرة والتخبط مما يربك القارئ ومما قد تضيع معه الحقائق والمعلومات الصحيحة حول الأوضاع فى مصر، ولأننا فى مرحلة يواجه فيها الوطن خطراً داهماً ومؤثرات دولية تستخدم فيها قنوات فضائية وصحف وبرامج ومواقع تبث سموماً وأخباراً مغلوطة فإننى طرحت رؤيتى التى استكملها اليوم للقارىء، ولمزيد من التوضيح وحتى أكون واضحة لبعض القراء حول موقفى من حرية الإعلام فإننى أقف فى صف الحرية وضد القمع أياً كان، لكننى أيضاً أطالب بقوانين واضحة لمواجهة بث السموم بقصد تدمير الوطن وتشويه صورته وهدم الدولة.
فحين تنشر جريدة قومية بين طياتها خبراً وترفق فيه كلمة الانقلاب حول ثورة ٣٠ يونيو فلابد هنا أن أتوقف لأقول لابد من محاسبة المخطئ فى حق شعب عريق قام بثورة حاشدة ضد الظلام وحكمه الكهنوتى المدمر الذى يشارك فى مؤامرة دولية لتقسيم الوطن، طالبت قبل هذا فى مقالات سابقة بتطهير المؤسسات الصحفية الكبرى وخاصة القومية التى تدعمها الدولة المصرية، ومازالت الخلايا النائمة موجودة وتخرب فى إعلامنا القومى الذى عليه أن يعلى الضمير وأن يحرص على تماسك الوطن وأن يقوم كل إعلامى فيه بإعلاء قيمة الوطن كقيمة أساسية وكبرى قبل أية مصلحة لفئة أو لجماعة.
الإعلام الخاص أيضاً مطلوب به الوعى والحذر وتوخى الضمير ووضع مصلحة الدولة المصرية ومصلحة المواطن وأمن مصر القومى فى الموضوع الذى يتناوله، ولدى مناقشة أى قضية واستبعاد الأهواء الشخصية والأخبار المدسوسة التى تبث لتدمير الدولة المصرية من مصادر متعددة تنفق أموالاً طائلة لتخريب الوطن وإضعاف شوكة مصر ومكانتها التى بدأت تعلو بين الدول رغم أنف المخربين، والحرص قبل بث أى أخبار مضللة أو تثير البلبلة لدى الرأى العام.
هناك إعلاميون يهوون الإثارة على حساب الوطن، ومازال كثير من المواقع تبث أخباراً وشائعات مضللة بهدف إضعاف الجبهة الداخلية وتماسك الأمة، وأيضاً هنا لابد أن أتوقف عند ضرورة استبدال إعلام الهجوم بالنقد واستبدال المجاملة بالموضوعية عند التعرض لأية قضية مطروحة على الساحة، إننا نريد من وزارة الإعلام بعد عودتها أن تكون منبراً للمصداقية وللتعددية والحقيقة المؤكدة بعيدا عن الزيف والخداع وتجميل الحقائق، نريد إعلاماً يحترم عقلية المشاهد ويرتقى به إلى آفاق التفكير والوعى والمشاركة فى تقدم مصر، نريد إعلاماً حديثاً يقدم برامج متنوعة ترضى الأذواق دون أن تهبط بالذوق العام، ويعرض مشاكل المواطنين بغية حلها ورعاية مصالح الشعب قبل أى سلطة أو صاحب مصلحة أو مسئول كبير مسنود، ودون إهمال مصلحة المواطن أو التستر على الفساد أو إخفاء الحقيقة، والبحث عن برامج جديدة تجذب المشاهد، ودراما لا تهبط بالسلوكيات والأخلاق، والمبادىء التى نريدها أن تسود وبعيداً عن التطرف ونشر العنف والإغراق فى التسطيح.
وأستعيد للقارىء تاريخ انشاء وزارة الإعلام فى مصر لأن الثورات تكون فى حاجة إلى إعلام موازٍ يحقق أهدافها، ولأننا مازلنا فى حالة استكمال ثورة حاشدة قامت لبناء مصر، ولابد لها من إعلام يواكبها ويفهمها ويصل للرأى العام بلا افتعال وبلا قمع للحريات وبلا توجه مسبق نحو إرضاء السلطة، وإنما إعلام للمواطن من أجل بناء وطن يواجه حرباً شرسة.. وللحديث بقية.