خبراء : التنشئة الخاطئة والتدليل المبالغ فيه وراء عدم مسئولية الأزواج
تسير الحياة الزوجية بتعاون بين الزوجين، يبذل كل طرف قصارى جهده ويضحى بأي شيء لتأتي بثمارها المرجوة، لكن كثيرا ما تأتى الحياة بما لا تشتهي السفن ويفاجئ أحدهما بأن شريكه في الحياة أبعد ما يكون عن تحمل المسئولية، فالزوجة لا ترغب مثلا في ممارسة واجباتها والاهتمام بأطفالها، والزوج يتهرب من أي مشكلة تواجهها الأسرة، ليصبح التساؤل الوحيد الذي يرهق ذهن كل منهما ويؤرقها ليل نهار ما الوسيلة المثلى للتعامل كى لا يكون الانفصال هو الحل؟
ذكر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن انعدام المسئولية لدى بعض الأزواج منشأها أسباب من الواقع كانتشار المخدرات واتجاه معظم الناس إلى إدمانها هروبا من المشاكل التي تواجههم ورغبة في الوصول إلى تلك الحالة من اللاوعى، فلا يشعرون بوطأة أي مشكلة.
ومن ناحية أخرى، أوضح أن تلبية مطالب الطفل ذكرا كان أو أنثى، والإغداق عليهما بالأموال لشراء ما يشتهون يجعل منهم متواكلين غير قادرين على تحمل المسئولية منذ الصغر، وهو ما يجسده الواقع بالفعل لدى أبناء من يسافرون إلى دول الخليج، فكل طلباتهم مجابة في لحظتها، فلا تتوافر لديهم القدرة على مواجهة الواقع في المستقبل.
وأشار فرويز إلى أن عدم تحمل الأزواج للمسئولية يتجسد في عدد من المواقف أهمها عدم قدرة الزوج على مواجهة أي مشكلة واعتماده على أقربائه في حلها أو تركه للمشكلة تتفاقم دون أدنى شعور بالمسئولية، ليكون عن طريق الانتحار هو حله الأيسر في معظم الأحوال.
وأكد الاستشاري أنه يمكن إرجاع كون الأزواج إلى أشخاص ذو طبيعة تتسم بالسلبية واللا مبالاة إلى التنشئة الأسرية لديهم، فمن الممكن أن يكون والديهم أبعد ما يكونوا عن تحمل المسئولية، وهو ما يؤدي إلى اكتسابهم هذا السلوك وترسخه بداخلهم.
وأشار إلى أن تغيير شخصية الزوج وتخليصه من هذه السلبية أمر شديد الصعوبة، لكن هناك بعض الحيل التي تساعد على تغييره كالضغط من قبل الأقارب، ومع تعويد الأطفال منذ الصغر على تحمل المسئولية.
فيما قال الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسي، أن انعدام المسئولية يرتبط إلى حد كبير بالمجتمع الذي نعيش فيه، فباعتبارنا مجتمع شرقي نجد عمل الزوجة في الريف يقتصر على كونها مجرد ربة منزل تربي الأولاد وترعاهم ببينما تكون مهمة الزوج هي الإنفاق على الأسرة وإدارة شئون المنزل.
وأكد أن انعدام المسئولية لدى بعض الأزواج نجم عن زيادة نسبة المرأة المعيلة وخاصة بالقاهرة، فهي التي تتولى الإنفاق على الأسرة لأسباب عدة منها كون زوجها حاصلا على المعاش المبكر أو مفصولا من وظيفته.
ويتحول الزوج في تلك الحالة إلى شخص سيكوباتي متسلط لديه انفصال في الشخصية، دوره الوحيد في الحياة هو الاعتماد على الآخرين وإشباع ملذاته، فضلا عن كونه يتسم بالسلبية وعدم المبالاة فلا يهتم بمشاعر الآخرين بأي صورة.
وأضاف حسين، أن الحل يعتمد على المصارحة بين الزوجين بكل ما يغضبهم في شخصية الطرف الآخر مع وجود نوع من الاستعداد لتقبل تلك المصارحة، كما يمكن الاستعانة بأحد الأقارب ممن يتسمون بالحكمة والذكاء كى لا يزيدوا الأمور تعقيدا.
ويأتي العلاج النفسي الزوجي ليكون آخر الحلول طبقا لما يقوله استشاري الطب النفسي، والذي يعتمد بشكل أساسي على الموازنة بين شخصية الزوجين وعمل المصارحة بطريقة احترافية يتم فيها الإفضاء بسلبيات وإيجابيات الطرف الآخر وإعطائهم روشتة لكيفية التعامل مع بعضهم بشكل ناجح.
وفي السياق نفسه، ذكر الدكتور عبد الرحمن جمال، معالج متخصص، أن انعدام المسئولية لدى الزوجين أسبابه الرئيسية ترجع إلى طريقة تربية الأطفال منذ طفولتهم، فهناك آباء اعتادوا أن يدللوا أطفالهم بشكل مبالغ فيه، وهو ما جعلهم يظنون ان الأمر سيظل هكذا مستقبلا، فعندما واجههم الواقع بمشكلاته عجزوا عن التعامل معه.
وعن مخاطر هذا هذا الموضوع، قال، إن هذه اللامبالاة تنعكس على الأطفال مسببة لهم العديد من المشاكل النفسية، وكذلك عددا من المشكلات الاجتماعية خلال تعامله مع الىخرين في محيطه الاجتماعي، ويكره الطفل والده كذلك ويشعر باليتم وأنه لا يوجد له والد يرعاه ويعطف عليه.
وينعكس هذا الأمر على الحياة الزوجية، حيث تقع مسئولية البيت على أحد الزوجين، ففي بعض الحالات تكون الزوجة هي التي تحمل مسئولية البيت والأطفال على عاتقها، وفي حالات أخرى نجد الزوج هو الوحيد الذي يتحمل المسئولية بينما تركن الزوجة إلى الراحة، ليصطدم الزواج بعدها بمشكلات عدة تسبب الطلاق.
وأشار إلى أن حل تلك المشكلة يعتمد على وضع الطرف غير المتحمل للمسئولية أمام الأمر الواقع، فمثلا تفرض الزوجة على زوجها أن يساعدها في فعل أمر ما، ونفس الحال بالنسبة للزوج، حتى يعتاد كل منهما على تحمل المسئولية.