عودة الروح إلى مسرحنا القومى «2 ـ 2»
وكانت لكلمة معالى وزير الثقافة الدكتور عصفور صداها الرائع لدى الفنانين حيث قال: لم يزدهر المسرح إلا فى عصور الديمقراطية.. أرجو أن يزدهر المسرح وتفرحوا بعودتكم إليه»، و«إذا كان من الممكن مواجهة هذا الإرهاب عن طريق القانون والقوة المادية، فلا محاربة له إلا بالفكر والاستنارة وإشعال الأنوار الثقافية فى كل مكان، ولهذا فنحن عندما نضىء أنوار المسرح نسهم فى إنارة العقول المصرية وتعريف الشعب بحقوقه ونحثه على ممارسة هذه الحرية وممارسة التسامح والحوار، لأن المسرح حوار».. «نحن نعى الآن أنه لا اقتصاد يزدهر إلا بالثقافة الحقيقية والعميقة، ومن هنا نشعر باهتمام الدولة بالثقافة ونرجو أن يزداد هذا الاهتمام»، معلناً أن دولة رئيس الوزراء وعد بأن تضاعف ميزانية وزارة الثقافة فى السنة المالية المقبلة.. ثم دشن المهندس إبراهيم محلب طابعاً تذكارياً بمناسبة افتتاح المسرح القومى، وألقى كلمة موجزة بارك فيها افتتاح المسرح، مؤكداً أهمية تعظيم قوة مصر الناعمة.
غير أننا سمعنا من مصادر ثقافية أن المسئولين عن المسرح سبق أن تقدموا بالعديد من الشكاوى لعدة جهات لحماية مبنى المسرح من العشوائيات المحيطة به، حيث أصبح المكان فى السنوات الأخيرة مرتعًا للباعة الجائلين، فى وقت صار فيه المبنى الأثرى محشوراً بين كوبرى الأزهر، ومبنى جراج العتبة الذى يضم محطة مركزية للحافلات، وكانت وزارة الثقافة تخطط لتجديد المسرح كمبنى أثرى فى مجمل التطويرات التى من المفترض أن تطال منطقة القاهرة الفاطمية.. وتمت بالفعل أعمال الترميمات والتجديدات ومحاولة إعادته إلى ماكان عليه وقت البناء كما شاهدنا فى حفل افتتاحه مؤخراً.
والسؤال: أما كان من الأجدر أن تواكب تلك الإصلاحات الخلاَّقة والتطوير العمل على إيجاد او إنشاء «مجمع حضارى» لأولئك الباعة الجائلين.. بحيث يكون فى نفس الوقت مزارًا سياحيًا لرواد المسرح، بدلاً من هذا التجمع الذى يشبه أسواق القرية المصرية بكل سوءات المنظر الذى يشوه جمال وجلال هذا المسرح العملاق؟!. ولم لا تخلو الشوارع المحيطة به من مرور السيارات بها وتقتصر على المشاة أسوة بشوارع وسط البلد حول بورصة سوق الأوراق المالية ومبنى الإذاعة المصرية القديمة بالشريفين.. ولم لا يكون الاتفاق مع الجهات الأمنية لإعادة التخطيط الصحيح والجمالى لما حول المسرح.. وإقناع أولئك الباعة بالأماكن الجديدة.. وإيفاد من يشرح لهم معنى الجمال ومدى الاستفادة الحقيقية لهم إذا قاموا بإنشاء «أكشاك» على غرار ما يحدث فى كل دول العالم.. بدلاً من هذه العشوائية التى يعج بها كل مكان حوله. حينئذ سنكون بحق قد قمنا بالدور الفعال لظهور تراثنا المسرحى الخالد بكل الجمال والبهاء. وهذا أقل ما يجب تجاه مسرحنا العملاق الفريد الذى قام بتقديم أعظم المسرحيات لأعظم كتاب مصر منذ قيام الثورة فى يوليو 1952 فهو بحق يعد من العلامات الثقافية المصرية منذ بدأ نشاطه فى الخمسينيات وقدم روائع المسرح العالمى ثم أعيد افتتاحه عام 1986.. كلى ثقة بأن معالى وزير الثقافة د. جابر عصفور سيسعى إلى إيجاد الحل الأمثل للحفاظ على الإنجاز الضخم لوزارته التى أعادت الروح إلى أعرق مسرح بالدولة وحتى لايشوهها هذا القبح المسيطر على الشوارع المحيطة بالمبنى الأثرى العريق لمسرحنا القومى.. وليت مقترحى هذا يكون محل اهتمامه فنحن دائماً نتطلع إلى الكمال قدر المستطاع لمصرنا الحبيبة لعل وعسى!
■ مركز اللغات والترجمةـ أكاديمية الفنون