الفاجومى.. نجم فى ذكراه
عام على رحيل الفاجومى أحمد فؤاد نجم.. و مكتوب على شاهد قبره:» الشاعر المجنون بحب مصر» تحقيقًا لرغبته.
كلمتين يا مصر يمكن هما آخر كلمتين.. حد ضامن يمشى آمن أو مآمن يمشى فين ؟
آدى كلمة من عذابى قلتها لك،، باقى كلمة من حنينى صُنتها لك،، فى الضلوع من دنيا ظالمة كنت خايف يلمحوها،، يقتلوها ف سكة ضلمة
شقشقت والنور بشاير.. زهرة الصبار يا سلمى يا نسيم الشوق يا طاير.. خد لمصر الصبح كلمة طول ما يبقى الركب ساير.. بالبصاير والعينين.. يبقى ضامن يمشى آمن.. يبقى شايف يمشى فين!
جزء من أجمل ما كتب وحفظته لشاعر العامية الجميل.. الهرم المصرى وفارس هذا الزمان.. آن له أن يستريح بعد رحلة طويلة مع النضال، الرجل الذى ظل يقول الحق رغم كيد الكائدين والحاقدين والطغاة ولم تثنه زنزانة الجبابرة، ابن مصر الحقيقى النجم الذى صعد، الفاجومى الذى خرج من أزقة قاهرة المعز الذى لم يخف أحدًا.. ابن البهية مصر سفير فقراء الوطن الذى لم يخش الموت واعتبر أن موته إعارة، سيظل يؤرّق كل الظالمين والرجال الذين أصابتهم الشروخ وتجار الأوطان والدين ببساطة لأنه مات وهو مطمئن (عرفتوا ليه أنامطمن.. وحتى موتى ولا قالقنى.. أنا بصحى فى عروق الثوار.. بعد أما روحى تفارقنى).. لم يغب نجم عن الساحة التى تموج بالحراك السياسى والمجتمعى ، وكيف يغيب صاحب الكلمات التى لاتغيب ولن تغيب ؟! التقى نجم بمحض الصدفة البحتة بمن يقذف فى طريقه الشائك برواية ( الأم ) لمكسيم جوركى.. فشعر بمقدار قيمة القهر وقيمة الإنسان وقيمة الكلمة والحريَّـة.. ليصبح بعد هذا رمزًا قوميًا لكل شعراء التمرد والقهر، ولكنه حتى آخر أنفاسه ظل يحاول جاهدًا أن يخطف مفاتيح هذا القصر المسحور للحريَّـة ليقتحم أسواره وأبوابه مؤمنًا بما قاله عنه الشاعر الفرنسى الكبير (لويس أراجون) : أن فيه قوة تُسقط الأسوار !! وظل حتى آخر رمق يحاول بروحه الثورية (فك ضفائر) تلك المتمردة العنيدة:
الحريَّـة !!وستظل مصر بهية — يا ام طرحه و جلابيه
الزمن شاب وانتى شابه.. هو رايح و انتى جايه
جايه فوق الصعب ماشيه.. فات عليكى ليل و مـيـََّه
واحتمالك هو ّ هو ّ.. و ابتسامتك هيّ هيّ
تضحكى للصبح يصبح.. بعد ليله و مغربيه
تطلع الشمس تلاقيكى.. معجبانيه و صبيه يا بهيه
ولكن يظل السؤال الحائر على ألسنة محبيه وعشاقه: لماذا أطلق على نفسه اسم الفاجومى.. برغم أن معنى كلمة (فجم) فى لسان العرب: أن الفُجـَم غِلظ فى الشدق.. ورجل أفجم وفجْمةُ الوادى وفُجمَته مُتـَّـسعة..
وفجُـومة حىُ ُ من أحياء العرب وكانت ضُبيعة (أفجم قبيلة)!! ولكن المتعارف عليه فى التفسير الشعبى لكلمة فاجومى.. أى الجرىء والمتحدِّث بما فى قلبه دون مواربة وبلا ألفاظ منتقاة ومنمَّقة، حتى لو جرح بها صاحب الرأى المخالف لمعتقداته ومفاهيمه التى جُبل عليها وتربى على المواجهة الصريحة، حتى لو فى مواجهة السلطة الحاكمة .وهكذا كان وعاش إلى آخر رمق ، رحمك الله أيها العائش المُـفارق!
■ مركز اللغات والترجمة ـ أكاديمية الفنون