«التحرش ليس فى وسط القاهرة فقط»
كل عام أنتم بخير، تبادلنا التهانى بالعيدين عيد الأضحى المبارك، وعيد انتصارات ٦ أكتوبرالمجيدة، ولكن رغم العيدين، حدثت تجاوزات كثيرة ضد النساء والفتيات فى شوارعنا، تم التعامل مع عدد منها، ولم يتم التعامل مع معظمها، حيث تم القبض على عدد من المتحرشين بالبنات خلال أيام الأعياد، ومعظمهم صبية أو بلطجية يخرجون فى جماعات لمهاجمة الفتيات، ومن المؤكد أن بعض التحرش ممنهج، وليس مجرد صدفة.
ولاشك أن التصدى ومواجهة ظاهرة التحرش بالفتيات وبالنساء أمر ضرورى ومطلوب، بعد أن تفشى وأصبح ظاهرة موجودة، ولها عدة أشكال ودرجات، ولاشك أن قرار الداخلية بتخصيص ضابطات وقوات شرطة لمكافحة العنف هو قرار فى غاية الأهمية وضرورى للتصدى لهذه الممارسة التى تفشت بشكل كبير ومشين للمصريين، مما وضع مصر كثانى دولة فى التحرش بالنساء على مستوى العالم. ولابد أن أضيف أن ظاهرة التحرش فى معظم الأحيان تكون ممنهجة للإساءة للفتيات، وليس من قبيل الصدف أنها زادت بعد ثورة ٢٥ يناير مع تفشى ظاهرة الفتاوى الجديدة والمستحدثة علينا، والتى يطلقها من يطلقون على أنفسهم الدعاة، وهم أبعد مايكونون عن روح الدين الإسلامى بالنسبة لمكانة المرأة ،وغالبية فتاواهم تستهدف النساء والإساءة إليهن والحط من مكانتهن، بغرض ترويع المجتمع ثم إخضاع الشعب لمخططاتهم التى أخذت أنماطا متغيرة، كان هذا فى أجندة الإخوان ولا يزال، رغم إسقاط الشعب حكمهم طوال عام أسود، كان الأسوأ فى تاريخ مصر، فلا تزال الفتاوى تتفشى لأسماء تنشر على شبكات التواصل الاجتماعى أشكالا وألوانا غريبة وعجيبة من الفتاوى ضد النساء، وكأنهن سلعة أو شيء ليس له إرادة، وتتوالى فتاوى فيها منتهى التحقير من شأن المرأة واستباحتها، إن كل هذا فى تقديرى يؤدى إلى تشجيع الصبية والشباب الضائع من الذين يعيشون بدون رقابة الأهل على استباحة البنات والسيدات فى الشارع، وأنا لا أقول هذا لأنه تم القبض على ٧٩ حالة تحرش فى عيد الأضحى المبارك، ولكن لأؤكد أن التحرش موجود فى معظم الأحياء والمحافظات المصرية مما يستوجب المزيد من أعداد قوات مكافحة التحرش، وأن مضاعفة الأعداد ليس بالأمر الصعب، لأنه عن طريق تنظيم دورات تدريبية متخصصة يمكن زيادة الأعداد، بحيث تتقلص هذه الظاهرة المشينة والمسيئة، ولا شك أن وضع دوريات ليلية بالسيارات سيحمى البنات من التحرش، وخاصة من تُجبرهن ظروف المعيشة والوظيفة على العمل ليلا.
إن قوات مكافحة التحرش من الضابطات تستحق كل منهن التقدير والاحترام على عملها الشاق من أجل حماية البنات والسيدات من التحرش، وأطالب بانتشارها فى كل أنحاء مصر، كما أطالب بألا تكون هذه القوات من النساء دون وسائل حماية لهن، فبعض المتحرشين يحملون أسلحة بيضاء وبعضهم من المسجلين خطراً أو من المدفوعين بالأجر من الفصيل الإخوانى لترويع البنات ومضايقتهن أو الاعتداء عليهن بالأيدى وليس فقط بالألفاظ الجارحة.
إننا نريد دولة قوية تحمى نساءها وتحرص على وضعهن فى مرتبة محترمة، تليق بحرصهن على تحرير الوطن من حكم الفصيل الواحد، إن البنات والفتيات والسيدات والجدات اللاتى كان صوتهن فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أعلى من صوت الشباب والرجال للخلاص من الحكم الظلامى، لاشك أن لهن الحق فى الحماية من مؤسسات الدولة، ولابد ان يكون لهن كل التقدير والعدالة والاحترام، وأن تتم معاقبة كل من تسول له نفسه التحرش بهن لفظا أو لمسا، وقبل كل شىء لابد من تطبيق القانون، وعدم التباطؤ فى تنفيذه وتغليظ العقوبات على المتحرشين والبلطجية والمأجورين والمجرمين الذين يستبيحون بناتنا وأمهاتنا فى الشوارع