التعليم .. قضية مصر المزمنة «1-2»
ما يطلق عليه النخبة فى مصر تشغل نفسها بتوافه الأمور، لكن قضايا الوطن الكبرى غائبة عن الساحة غياباً تاماً. وهم رغم ذلك يطمحون فى تقدم الوطن وتحسن أحواله، وكأنما سوف يحدث هذا التقدم تلقائياً، والمسألة مسألة وقت .ومن الواضح أن هذه النخبة لا تعرف دورها، سواء كانت نخبة سياسية أو نخبة ثقافية. والجهل بالأدوار والمهام صفة عامة فى العالم الثالث. فالحكومات أيضاً لا تعرف دورها، وجمعيات ومؤسسات العمل المدنى تضل طريقها فى عالم معاصر يعد العمل المدنى أكثر المجالات أهمية بالنسبة لرفاهية الحياة وصنع التقدم بتشجيع الإبداع وترويج الفكر الرفيع، والقيام بحملات لترويج المشاريع القومية وحل مشاكل الوطن، وإنصاف الشرائح الاجتماعية المهضومة الحقوق مثل الطفل والمرأة والأقليات الدينية والعرقية . كما أن المؤسسات الاقتصادية والمالية دورها الاجتماعى والثقافى والإنمائى مفقود.هذا التقديم أمهد به لقضية القضايا الغائبة عن الساحة رغم أنها موتور التقدم بل والسعادة والمعرفة والإبداع. وقضية التعليم متشعبة، ومعرفة أبعادها وخفاياها أساسى فى طرحها على الرأى العام، وفى تحديد ما تعانيه من تخلف وصعاب وفساد، وما يترتب على ذلك من تحول التعليم إلى موتور للهدم والضياع واستشراء الفساد، وخراب الديار. وأول مهمة للتعليم الحديث هى بناء العقل.من هنا.. يجب إلقاء الضوء القوى على خاصية العقل البشرى الذى وهبه الله للإنسان تفضيلاً وتكريماً له عن سائر مخلوقاته، والتركيز القوى على دور العقل فى رفاهية البشر بما وهبه الله من قدرات، وهذا التفضيل لخاصية العقل الذى يُبدع ويفكر ويبتكر ويتفنن، لصنع كل ماهو جدير بإثبات وجوده على ظهر الأرض، فنحن نسىء استعمال كلمة العقل . وحتى نفهم ذلك لابد من فهم الأصل الاشتقاقى للكلمة : عقل .. معناها ربط الدابة، عقل يعقل عقلاً، أى ربط يربط ربطاً، وهل تذكرون الحديث: «اعقلها وتوكَّل»، والاسم عقل يعنى رباط الدابة، واستخدم فعل الأمر «اعقل»، أى اضبط نفسك وتوقف عن الغضب أو عن الاندفاع الأحمق، وتدريجياً استخدمت لوظيفة “ المخ “ فالمخ عضو من أعضاء الجسم ووظيفته سموها العقل، لعلاقة هذه الوظيفة بضبط النفس، لكن الوظيفة متسعة تشمل أنواع التفكير والمشاعر، ثم خصوا المشاعر بعضو آخر هو القلب، والحقيقة أن ربط القلب بالمشاعر ابتعد بالكلمة عن العضو المسمَّى قلب وأصبحت ترادف الوجدان، والوجدان أحد وظائف العقل وبالتالى المشاعر يختص بها جزء من المخ، أى أنها جزء من وظيفة العقل، والخطأ الذى نقع فيه أننا نضع القلب كمضاد للعقل، وهذا خطأ آخر، لأن المشاعر نوع رفيع المستوى أحياناً من التفكير وهو أهم وظائف العقل الإنسانى.
■ مركز اللغات والترجمة-أكاديمية الفنون