سيناء الحبيبة الجريحة.. العلة والدواء
سيناء.. كم أنت حبيبة إلى قلوبنا.. سيناء.. كم أنت عظيمة فى نفوسنا
فبك الله أقسم: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ» .. « وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ» وعلى أرضك كم سار أنبياء.. وكم دعا وابتهل أصفياء وأتقياء.. وكم ضحى شهداء.. فكم لك فى قلوبنا من محبة.. وكم لك فى نفوسنا من مودة.
سيناء الجريحة..
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن.. وإنا لما أصاب أبناءك لمحزنون.. وحسبنا أنهم شهداء عند ربهم يرزقون.. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون.. محزنون لدماء سفكت فى غير محلها.
محزنون لأنفس أزهقت.. ولأطفال يتمت.. ولنساء رملت.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
سيناء العلة والداء..
إن ما حدث فى سيناء لم يكن وليد الصدفة.. بل جاء عن روية وتفكير وتخطيط.. مما جعل صاحبه يقدم على هذه الفعلة النكراء.. ولا يرى فى ذلك لوماً.. ولعل ذلك يرجع إلى أسباب أهمها:
1- الخلفية الثقافية التى يتربى عليها الواحد فيهم.. والتى غذته بالمعارف التكفيرية من غير تفكير ولا بحث ولا روية.
2- الشعور بالكمال الذاتى ثقافياً وعقديًا.. ولا يرى المقابل شيئاً.. بالرغم أن من جالسهم وعايشهم يجدهم سطحيين جدا صفى التفكير والبحث.
3- اعتقاد تكفير الحاكم.. وذلك من أجل مسألة الحاكمية.
4- اعتقاد تكفير المجتمع وذلك لرضاه بذلك.
5- اعتقاد أن فعله هذا قربى إلى الله.. وأنه أعلى مراتب الشهادة.
6- الشعور دائما بواجب تغيير المنكر بالنفس مباشرة.
7- الجهل التام بفقه الأولويات ومقاصد الشريعة.
8- الجهل التام بفقه الخلاف الذى يحمل مرونة الشريعة وسعتها.
9- الشعور بأنه لا سبيل للحصول على ما يبغون إلا بالدماء وفقط.
10- الشعور بعدم العدل فى المجتمع..وعدم تكافؤ الفرص.
11- تفشى البطالة والفقر والجهل فى المجتمع.
هذه أهم الأسباب الحاملة على ظهور هذا الأمر وانتشاره.
سيناء الدواء..
علاج هذه الأسباب:-
أولا ً: نستعين بالله بداية.. ونستمطر رحمته وهدايته.. ونسأل الله الهداية لكل من حاد عن الطريق المستقيم.. فعلاج هذا المرض سهل وميسور إذا توافرت النية الصالحة.. والعزيمة الصادقة.. وذلك بتوفير ما يمكن توفيره من مطالب.. لاسيما ما هو بأيدى القادة من العدل فى العطاء والمساواة بين الناس.. تأسيًا بما فعله عمر بن عبد العزيز عندما شكا إليه أحد ولاته أمر الخوارج وكثرة انتشارهم.. فقال له: «أسكتهم بالعدل»
فلابد من الاهتمام بسيناء اجتماعياً واقتصادياً
ثانياً: الخلفية الثقافية التى غذت هذه المجموعات حتى أصبحت تتقرب إلى الله بقتل الأبرياء.. وتقدم نفسها قربانا لهواها معتقدة أنها تحسن صنعا.. فمسئولية ذلك ترجع إلى المناهج الفكرية التكفيرية التى تخرجت منها.
وهنا تأتى مسئولية الأزهر الشريف فى المقدمة.. حيث يجب إعادة النظر فى هذه المناهج.. وتقويم اعوجاجها.. وتفنيد أدلتهم.. ودحض شبههم.. وإقامة الحجة عليهم.
ولابد من الاستعانة بأصحاب التجارب فى هذا المضمار.. وتدريس فقه المراجعات للجماعة الإسلامية.. ومراجعات إخوة الجهاد.. ففيهما نفع كبير.
ولابد وأن يكون للدعاة إلى الله دور بارز فى شرح الجهاد وشروطه وأسبابه وموانعه.. ويتم تأصيل هذا الباب وتنظيره وتدريسه فى المناهج العلمية.
وعلى الإخوة فى سيناء أن يعلموا: ورد فى الأثر أن عمر رضى الله عنه قال:
«ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم.. فراجعت فيه رأيك.. فهديت فيه لرشدك.. أن تراجع فيه الحق.. فإن الحق قادم.. لا يبطله شىء..ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل «فراجعوا أنفسكم.. ودوروا مع الحق حيث دار.. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.. فهذا هو المتعين علينا أفراداً وجماعات..إذا أردنا إصلاحا..وأردنا أن نعالج هذه الأخطاء التى وفدت على أمتنا.. وأضرت ببلدنا واقتصادنا وإسلامنا ودعوتنا.. اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
■ باحث إسلامى