إلى متى التناحر والبغضاء؟
المسلمون يتذكرون جيدًا أن النبى محمد عليه الصلاة والسلام ولد يوم الإثنين الموافق الثانى عشر من ربيع الأول، واستنادًا إلى معظم الآراء فإنه قد توفى أيضًا فى نفس التاريخ يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول عن عمر يناهز الثالثة والستين.
وهم يحتفلون كل عام بتاريخ مولده عليه الصلاة والسلام، لكن معظمهم لا يتذكر تاريخ وفاته ولا تاريخ وفاة أو استشهاد الصحابة أبوبكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم أجمعين.. وبالتالى لا أحد يحتفل أو يوقد شمعة فى تلك المناسبة.
تذكرت هذا وأنا أندهش لحرص الأولتراس «أهلى وزمالك» على إحياء ذكرى شهداء بعض من جماهير الناديين فى الدقيقة ٧٤ والدقيقه ٢٢ «بالرمز لعدد الشهداء فى أحداث مشبوهة وذكرى أليمة» بإضاءة هواتفهم والتلويح بها فى المدرجات، وهو تقليد يصل إلى حد البدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار «حديث شريف».
إلغاء هذه البدعة ليس تقليلًا من قيمة الشهداء ولا يجعلنا ننساهم، لكن الإصرار عليها طيلة ثلاثة عشر عامًا يثير الضغينة والحقد بين جماهير الأندية الثلاثة: الأهلى والزمالك والمصرى كما نشاهد فى كل المباريات.
والمصيبة الكبرى أن جماهير الأهلى ما زالت تتهم جماهير المصرى بأن لها دورًا فى مذبحة بورسعيد وهي براء منها تمامًا ولها أيضًا شهداء تجاوز عددهم الخمسين من أبناء بورسعيد فى واقعة ترتبط بأحداث المذبحة.
ما يحدث فى كل مباراة لنادى الأهلى من تطاول سافر من بعض أفراد أولتراس أهلاوى الموتورين على شباب وأهل ومدينة بورسعيد يستحق وقفة صارمة
فما زال هناك من يجهل حقيقة ما حدث.. لا شك أن هناك احتقانًا بين جمهور الناديين، لكنه لم يتجاوز مطلقًا على مر العصور تبادل الشتائم أو الاشتباكات بالكلمات وأحيانًا باللكمات، وهذه هى طبيعة خلافات جمهور كرة القدم فى كل أنحاء العالم.. لم تصل أبدًا فى أى نادٍ إلى مستوى القتل العمد.
وأقصى تجاوز حدث من جمهور الأهلى كان تكسير المدرجات، وأقصى تجاوز حدث من جمهور المصرى كان إطلاق ١١ كلبًا بفانلات حمراء فى الملعب قبل إحدى المباريات فى بورسعيد والتى حضرتها بنفسى.
أما الجريمة أو المذبحة التى حدثت فكانت بتدبير من المدعوين خيرت الشاطر والبلتاجى ومدفوعة الثمن من الإخوان لإسقاط المجلس العسكرى باعتراف القيادى الإخوانى أسامة ياسين، وزير الشباب أثناء حكم الإخوان.. والضحايا تم قتلهم عن عمد سواء بالأسلحة البيضاء أو بالإلقاء من أعلى المدرج «تمامًا كما حدث من الإخوانى قاتل أطفال سيدى جابر» أو من التدافع الذى أدى إلى اختناق ودهس معظمهم.. وشعب بورسعيد برىء تمامًا من هذه المؤامرة الدنيئة.
إلى متى ستظل الضغينة والثأر والكراهية سيدة الموقف بين جمهور الناديين الكبيرين؟
لماذا لا ينصف قضاؤنا شعب بورسعيد الباسل ويعلن عن براءته من هذه الجريمة الشنعاء؟ ولماذا لا تنتهى بدعة الهواتف المضاءة والتى لم نرها فى وفاة سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام ولا فى ذكرى وفاة الصحابة رضوان الله عليهم؟.
فى النهاية هى لعبة الهدف منها إعلاء روح التنافس الشريف والروح الرياضية.. ولو فقدت هذا الهدف وزاد الاحتقان فالبديل العادل هو إلغاء مسابقات كرة القدم قبل أن نصل لكارثة حقيقية.
اليوم ذكرى تلك المذبحة الأليمة، فلماذا لا يتم إعدام مدبرها خيرت الشاطر، ونحتفل سويًا بذكرى إعدامه وتعود المحبة تدريجيًا بين جماهير الناديين الكبار الأهلى والمصرى؟