باحثون يرصدون عناصر الوئام الأزلى بين عمان ومصر بمعرض الكتاب
شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة بعنوان "عُمان ومصر.. الوئام الأزلي"، أدارها الشاعر العُماني حسن المطروشي، وسلطت الضوء على الروابط التاريخية والحضارية العريقة التي تجمع البلدين.
تناولت الندوة أربعة محاور رئيسية بمشاركة نخبة من الباحثين والمؤرخين.
جسر تاريخي بين الحضارتين
افتتحت الندوة المتحدثة بدرية النبهانية بمحور بعنوان "بخور الآلهة: اللبان جسر التقاء بين حضارتين"، حيث استعرضت دور اللبان العُماني كسلعة اقتصادية محورية في تعزيز العلاقات بين الحضارة العُمانية والمصرية.
وأشارت إلى أن اللبان، المعروف بـ"العطر العربي"، كان حاضرًا بقوة في تاريخ مصر القديمة، حيث استخدمه المصريون في الطقوس الدينية، التحنيط، والمعامل الطبية. وأضافت أن الرسوم والنقوش التاريخية في مصر تؤكد هذا الاستخدام، مشددة على أن اللبان لم يكن مجرد سلعة اقتصادية، بل أداة جيوسياسية أثارت صراعات بين قوى إقليمية.
شخصيات عُمانية في التاريخ المصري
في المحور الثاني بعنوان "شخصيات عُمانية في التاريخ المصري: تجسيد الأمة الواحدة"، تحدث د. إبراهيم سلامة، أستاذ التاريخ، عن الدور الذي لعبته شخصيات عُمانية في مصر، خصوصًا خلال الفتح العربي. وأشار إلى مساهمة القبائل العُمانية في تأسيس مدينة الفسطاط، بجانب التأثير الثقافي والاجتماعي لهذه الشخصيات، ما يعكس وحدة الأمة العربية وروابطها المتينة عبر التاريخ.
وأكد سلامة أن العلاقة بين البلدين كانت قائمة على القيم والمشتركات الحضارية التي تعكس استمرارية هذا الوئام على مر العصور.
التبادل العلمي والثقافي
تناول الباحث العُماني بدر العبري في المحور الثالث، "التبادل العلمي والثقافي بين عُمان ومصر"، الجوانب العلمية التي عززت العلاقة بين البلدين، حيث أشار إلى ارتباط العمانيين بمؤسسات التعليم المصرية، وخاصة الأزهر الشريف، الذي تخرج منه العديد من الرموز العُمانية البارزة.
كما تطرّق العبري إلى مساهمات العُمانيين في النهضة الفكرية والإصلاحية في مصر، من خلال ارتباطهم بأسماء مثل محمد عبده وجمال الدين الأفغاني.
العلاقات في العصور القديمة
وتحدث د. ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري السابق، عن "العلاقات العُمانية في العصور القديمة"، تناول الدماطي الجوانب الأثرية التي تعكس التبادل التجاري والثقافي بين مصر وعُمان.
وأشار إلى الاكتشافات التي تؤكد ازدهار العلاقات التجارية عبر البحار، حيث كانت عُمان مصدرًا رئيسيًا للسلع القيمة مثل اللبان.
كما أشار إلى وجود نواميس سيناء في بات بعمان، وهي قطعة أثرية تعود للعصر النحاسي في مصر، ما يعكس التأثير المتبادل بين البلدين في تلك الحقبة، بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على جعارين مصرية في منطقة بات وبوشر بعمان، ما يثبت وجود تجارة متنقلة بين مصر وعُمان. هذه الاكتشافات تبرز عمق العلاقات التجارية والثقافية بين البلدين عبر العصور.
وأكد المشاركون في الندوة على أهمية الحفاظ على العلاقات العُمانية المصرية وتعزيزها في مختلف المجالات، بما يواكب العمق التاريخي لهذه الروابط. واختُتمت الندوة بتأكيد أن "الوئام الأزلي" بين البلدين حقيقة تاريخية وواقع معاصر يجب استثماره ثقافيًا وحضاريًا.