"قوة الردع".. صحف عبرية: تطوير قدرات الجيش المصرى يهدد أمن إسرائيل
أكدت عدة تقارير صحفية عبرية أن تطور قدرات الجيش المصرى يثير قلق كثير من المراقبين والمحللين فى إسرائيل، بعد أن استطاعت مصر تعزيز قدراتها العسكرية فى البر والبحر والجو، الأمر الذى يثير المخاوف الإسرائيلية بشأن أى مواجهة محتملة فى المستقبل، رغم اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين منذ أكثر من ٤ عقود.
ووصفت الصحف العبرية، فى عدة تقارير نشرتها على مدار الأسابيع الماضية، الصفقات العسكرية المصرية فى السنوات الأخيرة بأنها «غير مسبوقة» و«غير مبررة»، فى ظل غياب أى تهديد مباشر للدولة المصرية، مؤكدة أن على إسرائيل أن تخشى من هذا التطور الكبير فى قدرات أحد أقوى الجيوش فى منطقة الشرق الأوسط، مع التساؤل حول النوايا المصرية والدوافع وراء هذا التطور.
«يديعوت أحرونوت»: «القاهرة» أنفقت مبالغ ضخمة لتطوير قدراتها رغم غياب التهديد المباشر
أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تعاظم القوة العسكرية لمصر خلال السنوات الأخيرة، بعد استثمار القاهرة مبالغ ضخمة لتعزيز القدرات العسكرية للجيش المصرى.
وأشارت الصحيفة العبرية، فى تقرير لها، إلى أن جيش مصر فى حالة تعزيز وتحديث مستمرين، من خلال مليارات الدولارات التى يتم استثمارها فى بناء قدرات عسكرية متقدمة فى البر والبحر والجو، لافتة إلى أن التحديث «يشمل بناء قواعد عسكرية جديدة، وتوسيع المنشآت العسكرية فى سيناء، بما فى ذلك بناء مطارات عسكرية جديدة فى مواقع استراتيجية».
ونوهت إلى أن مصر «تقوم ببناء منشآت دفاعية وهجومية فى سيناء، مثل توسيع المطارات العسكرية، وبناء معابر تحت قناة السويس، وتوسيع الطرق فى المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، ما يشير إلى استراتيجية تكتيكية تهدف إلى تعزيز قدرتها العسكرية فى مواجهة أى تهديد محتمل».
ونقلت «يديعوت أحرونوت» تحذيرات السفير الإسرائيلى السابق فى مصر ديفيد جوبيرين، من تعاظم القدرات العسكرية للجيش المصرى.
وادعى «جوبيرين»، الذى شغل منصب السفير الإسرائيلى فى مصر بين عامى ٢٠١٦ و٢٠١٩، أن مصر «تنتهك الملحق العسكرى فى معاهدة السلام، بعد أن أدخلت قوات أكثر من تلك التى تم الاتفاق عليها فى الملحق، كما تجاوزت ما سمحت به إسرائيل، بناء على طلب من مصر، لتوسيع القوات المكلفة بمحاربة الإرهاب فى سيناء»، وفقًا لما نقلته الصحيفة.
وقال «جوبيرين»، وفقًا لـ«يديعوت أحرونوت»: «مصر تستثمر بشكل كبير فى تعزيز قوتها العسكرية رغم أنه لا يوجد أى تهديد من أى دولة، من خلال الاستثمار الضخم فى البنية التحتية العسكرية والمدنية شرق قناة السويس فى سيناء».
وأضاف «مصر لا يمكنها القبول بأن دولة صغيرة مثل إسرائيل قد تشكل تهديدًا على أمنها، خاصة بالنظر إلى القوة العسكرية غير التقليدية التى تمتلكها إسرائيل، مثل الأسلحة النووية».
وتابع: «مصر لا تعترف بحق اليهود التاريخى فى أرض إسرائيل أو فى إقامة دولة يهودية، وتعتبر الصهيونية حركة استعمارية».
وحذر «جوبيرين» من أن «المزاج الشعبى المعادى لإسرائيل فى مصر، إضافة إلى التعزيز المستمر للقوة العسكرية المصرية، قد يشكلان تهديدًا لإسرائيل فى حال حدوث تغيير فى الظروف أو تبدل للسلطة، كما حدث فى ٢٠١٢».
«إسرائيل اليوم»: تحديثات ضخمة وتدريبات تشمل سيناريوهات معارك وتكتيكات المواجهة
أكدت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن السنوات الأخيرة، شهدت تطورًا ملحوظًا فى القدرات العسكرية المصرية، بعد أن خصصت القاهرة مبالغ ضخمة وغير مسبوقة من أجل تحديث وتوسيع قدرات قواتها المسلحة.
وأوضحت الصحيفة العبرية، فى تقرير لها، أن مصر لم تقتصر على تحديث أسطولها العسكرى فحسب، بل عملت أيضًا على تعزيز قدرات جيشها بشكل غير مسبوق، وبالإضافة إلى التحديثات العسكرية الضخمة، كثفت مصر من تدريباتها العسكرية، التى تشمل سيناريوهات معارك وتكتيكات قد تتضمن المواجهة مع الجيش الإسرائيلى، معتبرة أن «هذا التركيز على الجيش الإسرائيلى فى التدريبات العسكرية يطرح تساؤلات حقيقية حول النوايا المستقبلية لمصر».
وقالت الصحيفة العبرية «رغم أن القوات المسلحة المصرية تعد من بين الأقوى فى منطقة الشرق الأوسط، فإن الأمر لا يقتصر على زيادة القدرات الهجومية والدفاعية، بل إن أحد الجوانب الأكثر إثارة للانتباه هو التدريب المكثف فى المناورات العسكرية المصرية على مواجهة الجيش الإسرائيلى».
وأضافت «الحدود المصرية مع سيناء تعتبر اليوم الأكثر هدوءًا فى المنطقة، وذلك بسبب اتفاق السلام الذى أُبرم بين مصر وإسرائيل فى عام ١٩٧٩، ورغم هذا الاستقرار النسبى بين البلدين فإن التساؤلات حول إمكانية تغيير هذا الواقع تظل قائمة.. فهل من الممكن أن تتحول مصر إلى خصم عسكرى لإسرائيل فى المستقبل القريب؟، هذا التساؤل يثير قلقًا كبيرًا بين الخبراء العسكريين».
وأشارت إلى أن اتفاقية السلام، وإن أنهت حالة العداء بين البلدين، إلا أن العلاقات بينهما لم تخلُ من التوترات على مر السنين، التى كانت تتصاعد من حين لآخر، خاصة فى مسائل مثل القضية الفلسطينية والعديد من القضايا الإقليمية الأخرى.
وتابعت «على مدار السنوات الأخيرة، حاولت مصر أن تبرز كلاعب رئيسى فى السياسة الإقليمية، خاصة فى النزاعات الإقليمية، مثل الحرب على غزة والصراع السورى، وفى هذا السياق، تُعد مصر عنصرًا مهمًا فى الحفاظ على التوازن الإقليمى، حيث تتبنى سياسة هدفها الحفاظ على الاستقرار الإقليمى وتوازن القوى فى المنطقة».
واستطردت «رغم أن العديد من الخبراء العسكريين يعتقدون أن مصر لا تسعى حاليًا إلى تغيير طبيعة علاقاتها مع إسرائيل، أو الدخول فى صراع عسكرى معها، فإنهم يدركون أن التحديثات العسكرية فى مصر قد تعكس استراتيجيات مستقبلية قد تكون موجهة فى اتجاهات مختلفة، فمصر تسعى دائمًا إلى تعزيز استراتيجيتها الدفاعية، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه التحركات تتعلق فقط بالأمن القومى المصرى، أو أن هناك نية لتغيير الوضع العسكرى على الحدود مع إسرائيل».
ولفتت «إسرائيل اليوم» إلى أن التطورات الأخيرة فى الجيش المصرى قد تكون «خطوة نحو تعزيز الأمن القومى، خاصة فى مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة من الجماعات الإرهابية، ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الاحتمالات الأخرى».
«مكور ريشون»: صفقات الأسلحة الأخيرة غير مسبوقة
أشارت صحيفة «مكور ريشون» إلى إعلان الولايات المتحدة عن عقد اتفاق، وصفته بأنه «غير مسبوق»، لبيع معدات عسكرية لمصر بقيمة تتجاوز ٥ مليارات دولار.
وأوضحت الصحيفة العبرية، فى تقرير لها، أن الاتفاق يشمل معدات مخصصة لصيانة وتحديث ٥٥٥ دبابة من طراز أبرامز M١A١، بقيمة ٤.٦٩ مليار دولار، بالإضافة إلى ٢٫١٣٨ صاروخ أرض- جو من طراز هيلفاير، بقيمة ٦٣٠ مليون دولار، وذخائر موجهة ودقيقة، تقدر قيمتها بحوالى ٣٠ مليون دولار.
وقالت «منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية فى غزة، أصبحت مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الوسيط الرئيسى لإنهاء هذه الحرب التى قاربت على التوقف، وبدا أن الولايات المتحدة ومصر عملتا على تعزيز علاقاتهما الأمنية والدبلوماسية، حيث تحولت القاهرة إلى حليف قريب للغاية لواشنطن فى الوقت الحالى».
ونقلت عن يوئيل جوجنسكى، الباحث البارز ورئيس برنامج الخليج فى معهد الأبحاث الأمنية الوطنية الإسرائيلى «INSS»، إشارته إلى أن ذلك الاتفاق العسكرى المصرى يثير العديد من التساؤلات بشأن دوافع مصر لشراء هذه الكميات الضخمة من الأسلحة.
ووفقًا للصحيفة العبرية، فقد أعرب «جوجنسكى» عن قلقه من أن إسرائيل «قد تكون أخطأت فى عدم منح هذا الموضوع الاهتمام الكافى»، لأن الزيادة الكبيرة فى التسلح المصرى «يجب أن تثير قلقًا فى إسرائيل»- بحسب رؤيته.
ونقلت عن «جوجنسكى» تحذيراته من أن التسلح المصرى قد يشير إلى اتجاه مقلق، حتى لو لم تكن هناك نوايا حربية مباشرة ضد إسرائيل.
وقال الباحث الإسرائيلى «فى الواقع، التسلح المصرى قد يكون موجهًا بشكل رئيسى لتعزيز الاستقرار الداخلى لمصر، وضمان استقرار النظام السياسى، فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجهها البلاد فى المنطقة، مثل النزاعات فى ليبيا والسودان، وكذلك التوترات المتعلقة بالمياه مع إثيوبيا».