رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلتكن حربًا على الزيوت المستعملة!

يبدو أننا سنخوض حربًا إلى جوار الأطباء وخبراء البيئة ضد مصنف الزيوت، وكل ما يحمل هذا الاسم، سواء كانت زيوت طعام يستخدمها الإنسان، ولا يمكن الاستغناء عنها، أو ضد زيوت السيارات والمواتير التى لا غنى عنها، أيضًا، لتسيير السيارات وحياتنا معها. 

مؤخرًا انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى مقطع فيديو يُظهر شابًا صغيرًا يعمل فى أحد المصانع لتعبئة زيت الطعام، ويظهر فى الفديو نوع زيت طعام مستخدم بشكل شائع فى الأسواق ويباع فى محلات التموين المدعم، الفيديو لم يتحقق أحد من مصدره أو صحته، ولم تعلن أى جهة عن تتبعه، ولكنه فيديو خطير يثير القلق بسبب الطريقة البدائية التى تتم بها عملية التعبئة؛ باستخدام قمع وكوب بلاستيكى لتعبئة الزيت يدويًا، ما يطرح تساؤلات حول سلامة المنتج فى وقت لا تخلو فيه منطقة سكنية من الجائلين، الذين يقومون بجمع الزيوت المستعملة بأسعار تقارب الجديد منها.

وتشكل إعادة استخدام زيوت الطعام خطرًا صحيًا حقيقيًا، وطوال الوقت يتساءل الناس عن مصير تلك الزيوت والسبب وراء ارتفاع أسعارها، والنهم وراء جمعها، من خلال مئات الجائلين، والخوف من إعادة بيعها، وقد تحولت بعد استخدامها إلى سُم يجب التخلص منه بطرق آمنة بعيدًا عن استغلال ضعاف النفوس، أما ما يثير المخاوف حول الضمانات فهو بيع بعض أنواع الزيوت بأسعار منخفضة تقارب أسعار جمعها عن طريق الجائلين، وللأسف تلك النوعية فى الغالب هى الخيار الوحيد للكثير من المواطنين، فى ظل ارتفاع أسعار زيوت الطعام.

وقبل أشهر انتشر فيديو آخر يُظهر حملة تفتيش لضبط مصنع يعيد تعبئة زيوت السيارات المستعملة فى عبوات تحمل أسماء ماركات معروفة محلية وعالمية، ما يفتح الباب لتساؤل آخر عن كيفية التخلص الآمن من هذه الزيوت ومنع تسربها إلى الأسواق عبر مصانع بير السلم.

والزيوت المستعملة تعد من أخطر الملوثات البيئية، وتسبب أضرارًا كبيرة للبيئة وصحة الإنسان، وقبلهما محركات السيارات التى تدمر وتقل أعمارها بسبب تلك الزيوت.

ومن المعروف أن بعض زيوت المحركات المستعملة تحتوى على مواد مسرطنة، ما يستدعى التعامل معها بحذر وفقًا للإرشادات البيئية والصحية الصارمة.

وهنا يراهن المجتمع على ضمير أصحاب الأماكن التى تتجمع عندها الكميات الكبيرة من زيوت السيارات المستعملة إن لم تكن الرقابة البيئية صارمة، وكذلك نراهن على ضمير الأفراد المتعاملين مع تلك الزيوت، لكن قبل الرهان على الضمير، علينا التأكد من تطبيق القانون والاشتراطات البيئية والرقابية، التى تبدأ بطريقة تخزينها بشكل آمن والتخلص منها عبر القنوات الطبيعية المناسبة.

ويجب أن يمتد القانون لحظر بيع هذه الزيوت وضرورة التخلص منها؛ باعتبارها نفايات، ويجب نقلها إلى مراكز إعادة التدوير المعتمدة تحت إشراف جهات رسمية متخصصة.

ولأننا فى مجتمع يعانى من نسب بطالة وتضخم عالية، ومعها تضعف النفوس أمام الربح السريع ، فيجب أن تتشدد الجهات المعنية فى التعامل مع كل مصادر الزيوت المستعملة، بتكثيف الرقابة على مصانع التعبئة غير المرخصة، وتطبيق القوانين بشكل صارم على أصحابها، وضرورة ضمان التخلص الآمن منها، والحفاظ على الصحة العامة للشعب يكون الغاية التى تعمل من أجله المؤسسات الرسمية. 

نعرف ونتابع حملات الرقابة على تلك المصانع، ونعرف أنها لا تتوقف ويتم ضبط الكثير من مصانع بير السلم بين الحين والآخر، لكن ذلك لا يمنع أن تقوم المؤسسات المعنية بالبيئة والصحة بتكثيف حملات التوعية للمواطنين، وتعريفهم بمخاطر استخدام الزيوت المعاد تدويرها، وتسهيل عمليات الإبلاغ عن مصادر تلك الزيوت بتوفير الأرقام التليفونية الساخنة، والتعامل مع أى بلاغ بجدية تعادل المخاطر من استخدامها.

حفظنا وحفظكم الله من كل شر.