أم كلثوم.. الصداقة والبخل والوثنية في حياة «كوكب الشرق»
أم كلثوم، الست، كوكب الشرق، سيدة الغناء العربي، وغيرها الكثير من الألقاب التي حازتها وأطلقها عليها عشاق صوتها من الملايين عبر أجيال وأجيال.
أم كلثوم التي تحلق حول صوتها ــ ولا زال ــ الملايين، وكان موعد حفلها الشهري في الخميس الأول، حيث يتحلق حول المذياع أفراد الأسر، في مصر والمنطقة العربية بأسرها من المحيط إلي الخليج، بل أن تأثير صوتها تعدي نطاق وحدود اللغة، وامتد لغير الناطقين بالعربية من لغات وجنسيات أخري، وهو ما رصدته الصحافة الفرنسية، والتي خرجت عناوين صفحاتها الرئيسية عقب حفليها اللذان أحيتهما في باريس لجمع التبرعات للمجهود الحربي على مسرح الأولمبيا في باريس عام 1967.
الرحلة وثقها المؤرخ الفني المغربي يوسف علي، مضمنا كواليس حفلي أم كلثوم الأسطوريين على مسرح الأولمبيا، وقال عنهما: “ما أن بدأت حملة الإعلانات التي نظمها وأطلقها برونو كوكاتريكس عن حفلات أم كلثوم، حتى شهدت المبيعات ارتفاعًا قياسيًا، خاصة من الجمهور المغاربي المهاجر في فرنسا، وانضمَّ جمهور إضافي عبر رحلات من ألمانيا وإنجلترا لحضور الحفل”.
أضاف يوسف علي: “نفذت التذاكر في وقت قياسي، حتى أن برونو اضطر أن يتيح مساحات معينة للجمهور الواقف بحيث يزيد سعة المسرح، وتقول الأسطورة أن بعض الأمراء حجزوا تذاكر وجلسوا بمقصورات خاصة بعيدًا عن أنظار الجمهور العام، وأن أحد الأثرياء الراغبين في حضور حفل أم كلثوم، حاول أن يشتري تذكرة ففشل بسبب نفاذ الكمية، فعرض مبالغ ضخمة مثل مئة ألف يورو للتذكرة، ثم مئة وخمسون ألفًا، ثم هدد بإطلاق الرصاص على نفسه، ليُسمح له بمكان واقفًا”.
حقيقة تمويل أم كلثوم لجريدة أخبار اليوم
في كتابها “أم كلثوم.. كوكب الشرق”، تذكر مؤلفته الكاتبة الفرنسية من أصل جزائري، إيزابيل صياح، وقائع ما جرى بين أم كلثوم وصديقتها الثرية اللبنانية “شفيقة دياب”، والتي كانت تستضيف أم كلثوم في بيتها كلما زارت لبنان.
تنقل إيزابيل مجمل الفضفضة التي دارت بين الصديقتين، ومفادها أن أم كلثوم لا تحب أن تخوض في أسرار حياتها الشحصية، فتغير “شفيقة” دفة الحديث إلى الثروة والمال، قائلة لها: “أما ثروتي فأين هي مما تملكين”، فتعاجلها الأخيرة ــ أم كلثوم ــ “قد يكون ما تقولينه صحيحا، غير أن علي أن أتعامل مع الجنيهات التي أكسبها تعاملي مع كافة أموري الأخرى، حين أتبرع ببعض المال لبلدي، لقريتي، للأعمال الخيرية، يتكاثر من حولي المتسولين، ما أفعله بالضرورة علنيا، وبما أنني لا أستطيع إرضاء الجميع، فقد أشيع عني أنني بخيلة، لست أكترث لذلك، فقد خصصت رواتب لفقراء من طماي كانوا يحبون أهلي ويعيشون في بؤس شديد، كما مولت جريدة (أخبار اليوم) لأن مديرها صديق لي ويتميز بذكاء شديد، إن سمعتي كإنسانة شحيحة تكبح جمتح الطلبات”.
ويتواصل الحكي والفضفضة بين “شفيقة دياب"، و"أم كلثوم، وتقول الثانية وفق لما أوردت الكاتبة المغربية: ”لدي مهمة علي أن أكرس لها جل اهتمامي، فقد ذهبت ذات يوم إلى مقر القيادة بالقاهرة لزيارة عسكريين، فقلت لهم لدي لقائهم بي (جئت أراكم لتعلموني كيف أحارب، أريد أن أستمر في الكفاح حتى آخر رمق لي إذا أذن الله، أريد أن أموت وأنا أغني، وسأستمر في الغناء ما دمت قادرة على الكلام".
استطردت أم كلثوم: "هيا يا شفيقة ابتسمي لي، نحن صديقتان تفهم كل منا صمت الأخرى، هيا بنا حان وقت ذهابنا إلى حفل تقلد الوسام، إذا استمر تكريمي علي هذا النحو سيزدان صدري بنياشين أكثر من الجنرالات”.
تنوعات اللون الأخضر في صوت أم كلثوم
وبالحديث عن لبنان وبيروت تضيف “إيزابيل”: “ما زالت أم كلثوم تذكر كلمات أحد قاطني بيروت وقد كان قد جلس قبالة مقصورتها رافضا مبارحة المكان قبل أن يلقاها، وحلف بطلاق زوجته إن لم يقبل قدمي أم كلثوم، ورضخت وهي تستغفر ربها من هذا السلوك الوثني وسمعته، ويقول (إن المدي الذي يغطيه صوتك يشبه في تنوعه درجات اللون الأخضر في الطبيعة)، الأخضر هو لون الرسول الكريم، لذا تعددت أطيافه في الطبيعة أكثر من أي لون آخر، وصوتك أشبه باللون الأخضر)”، ثم أسرع بمغادرة المكان، وقد أحبت أم كلثوم كلمات هذا الرجل”.