ما بين انهيار الحكومات وعودة ترامب.. الأزمات السياسية تعصف بأوروبا فى 2024
شهدت أوروبا خلال العام 2024 عدة أزمات سياسية غير مسبوقة وتغيرات في دوائر الحكم لم تحدث منذ عقود من الزمن، وكان أبرز هذه التغيرات ما حدث في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فضلًا عن تداعيات عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض على القارة العجوز.
انهيار الحكومات الألمانية والفرنسية
وأكدت شبكة "يورو نيوز" الأوروبية، أن الحكومة تنهار في برلين، والآن سوف تعوق باريس الجهود الرامية إلى معالجة العجز المتزايد في أوروبا والقدرة التنافسية المتعثرة.
وتابعت أن الفراغ السياسي في فرنسا وألمانيا، اأكبر لاعبين في الاتحاد الأوروبي وأكثرهما نفوذا، ينذر بالمتاعب للاقتصاد الأوروبي المريض بالفعل.
وأضافت أنه في وقت سابق صوّت البرلمان الفرنسي على عدم الثقة في رئيس الوزراء، ما يجعل ميشيل بارنييه أقصر رئيس حكومة خدمة في ظل الجمهورية الخامسة، ووضع ذلك الرئيس إيمانويل ماكرون تحت ضغط لتعيين بديل بل ويواجه حتى دعوات للاستقالة.
وأشارت إلى أن النزاع السياسي الذي دفع بارنييه اإلى حافة الهاوية، حول الميزانية السنوية لعام 2025، يشير إلى أنه سيكون من الصعب الآن معالجة المشاكل الاقتصادية في البلاد، مع عجز قدره 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، تعاني فرنسا بالفعل من أسوأ اختلال في الميزانية في منطقة اليورو.
سعت خطة بارنييه إلى معالجة هذا العجز الطويل الأمد، باستخدام الإطار الزمني الأقصى، وهو سبع سنوات، الذي تسمح به القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي.
وأضافت الشبكة الأوروبية أن الحكومة الفرنسية الجديدة، بقيادة فرانسوا بايرو، تواجه صعوبة كبيرة في دفع مقترحات الضرائب والإنفاق، خصوصًا أنه لا يمكن إجراء انتخابات جديدة حتى منتصف العام المقبل، ولا يمكن لأي من الكتل الثلاث في الجمعية الوطنية الفرنسية حشد الأغلبية.
ودعا العديد من اليساريين إلى التراجع عن الإصلاحات الأوسع لنظام التقاعد، والتي كانت تشكل محور أجندة ماكرون الليبرالية، في الأمد القريب، كانت مارين لوبان، اليمينية المتطرفة، تدعو إلى سياسة مكلفة تتمثل في فهرسة المعاشات التقاعدية بما يتماشى مع التضخم.
وأشارت الشبكة الأوروبية إلى أن الأسوأ من ذلك أن الأزمة في باريس تأتي جنبًا إلى جنب مع الوعكة في القوة الاقتصادية والسياسية الأخرى في الاتحاد الأوروبي- ألمانيا.
وأضافت أن أكبر عضو في الكتلة سوف يكون العام المقبل هو الأسوأ أداءً اقتصاديًا: حيث تتوقع المفوضية الأوروبية أن ينمو اقتصاد ألمانيا بنسبة 0.7% العام المقبل، بعد انكماشه في عام 2024.
وتواجه برلين مشاكل سياسية خاصة بها. فقد انهار الائتلاف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب في نوفمبر، في أعقاب الخلافات حول السياسة المالية بين الزعيم الاشتراكي أولاف شولتز، ووزير ماليته الليبرالي كريستيان ليندنر.
وقد دعا شولتز إلى إجراء انتخابات مبكرة في فبراير الماضي، وخلال الفوضى الحاكمة التي أعقبت ذلك، لم ترسل برلين إلى الاتحاد الأوروبي أي خطة لكيفية معالجة عجزها على مدى السنوات القادمة، على الرغم من قيادتها الدعوة السياسية لبروكسل إلى فرض قواعد مالية صارمة.
وأضافت الشبكة الأوروبية أنه من غير المرجح أن تصبح الصورة الاقتصادية القاتمة لأوروبا أكثر إشراقًا.
وأوضحت أن هناك علاقات فاترة بشكل متزايد مع الشريك التجاري الرئيسي الصين، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى "التخلص من المخاطر" من عدو جيوسياسي متزايد.
وتابعت أن تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أثناء حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع الأوروبية من شأنه أن يشكل صداعًا إضافيًا، مع فرض تكلفة اقتصادية مباشرة على المصدرين في الاتحاد الأوروبي، واختيار صعب على الزعماء الوطنيين بشأن كيفية الرد.
وأكدت أن التهديد الروسي، واحتمال ابتعاد الولايات المتحدة عن حلف شمال الأطلسي، يعني أيضًا أن أوروبا بحاجة إلى مد يدها إلى جيوبها للاستثمار في الجيش.
كما يهدد الفراغ السياسي بإعاقة الجهود الأوسع نطاقًا لمعالجة الاقتصاد الأوروبي الراكد.
انتهاء الأزمة السياسية فى رومانيا
وضمن تداعيات 2024، شهدت رومانيا تأثيرات واسعة، فقد أكدت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها أن المشرعين في رومانيا صوتوا بأغلبية ضئيلة لصالح حكومة ائتلافية جديدة مؤيدة لأوروبا بقيادة رئيس الوزراء الحالي مارسيل شيولاكو.
وتابعت أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى نهاية الأزمة السياسية المطولة في الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية من قبل المحكمة العليا.
ووافق البرلمان على الإدارة الجديدة بأغلبية 240 صوتًا مقابل 143 صوتًا في الهيئة التشريعية الرومانية التي تضم 466 مقعدًا.
ويُنظر إلى هذا على نطاق واسع على أنه شراكة تكتيكية لإقصاء القوميين اليمينيين المتطرفين الذين وجدت أصواتهم أرضًا خصبة وسط ارتفاع تكاليف المعيشة والاقتصاد الراكد.
وأشارت الوكالة إلى أن رومانيا انزلقت إلى حالة من الاضطراب بعد نجاح جورجيسكو المفاجئ في السباق الرئاسي، بعد ظهور مزاعم بانتهاكات انتخابية وتدخل روسي، وقبل أيام من جولة الإعادة في 8 ديسمبر الحالي، اتخذت المحكمة الدستورية خطوة غير مسبوقة لإلغاء السباق الرئاسي.
انهيار حكم المحافظين فى بريطانيا
شهد عام 2024، وتحديدًا في يوليو الماضي، انتهاء حكم حزب المحافظين في بريطانيا بعد 14 عامًا، وتولي حزب العمال المعارض الحكومة.
وفي الرابع من يوليو، صوت الناخبون في المملكة المتحدة لصالح حزب العمال، بقيادة كير ستارمر، في السلطة بأغلبية ساحقة. وفاز الحزب بما مجموعه 412 مقعدًا (مقابل إجمالي 121 مقعدًا للمحافظين)، بزيادة قدرها 211 مقعدًا منذ الانتخابات العامة السابقة في عام 2019 وهذا يمنحهم أغلبية كبيرة حيث يشكلون حكومة لأول مرة منذ 14 عامًا.
وتولى كير ستارمر، زعيم حزب العمال، الحكومة البريطانية للمرة الأولى، خلفًا لريشي سوناك الذي سقط في عهده حزب المحافظين بعد أزمات استمرت لقرابة 5 أعوام، حيث فقد الحزب البريطاني الحاكم التقليدي ثقة الشعب.
عودة ترامب للبيت الأبيض تهدد أوروبا
قبل نهاية عام 2024، فاز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ليشكل صدمة جديدة لأوروبا، حيث تشكل عودته للبيت الأبيض تحديات كبرى لأوروبا، خصوصًا فيما يتعلق بالنواحي الاقتصادية والدفاعية وحرب أوكرانيا.
وأكد تقرير لمركز "شاتام هاوس" الأمريكي، أنه في الوقت الذي تكافح فيه أوروبا مع سلسلة من الأزمات المستمرة- مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع النزعات الشعبوية والقومية، والتحديات الاقتصادية المتزايدة- ظهرت أزمة جديدة مع إعادة انتخاب دونالد ترامب، ورغم أن هذا الحدث لم يكن مفاجئًا تمامًا، إلا أنه جاء بمثابة صدمة كبيرة للعديد من القادة الأوروبيين.
وتابع أنه بالنسبة لهم، فإن ولاية ترامب الثانية تهدد بتعميق صعوبة التحديات التي تواجه القارة، حيث أكد الرئيس الأمريكي المنتخب أنه سينهي الحرب في أوكرانيا "في يوم واحد"، وسيقوم بفرض رسوم جمركية كبيرة على التجارة، كما أشاد بالقادة الشعبويين.