أسرار اغتيال نصر الله.. كيف اخترقت إسرائيل حزب الله طوال 20 عامًا؟
كشفت معلومات استخباراتية إسرائيلية عن اللحظات الأخيرة قبل اغتيال حسن نص الله، زعيم حزب الله، في سبتمبر الماضي، حيث طالبه مساعدوه بالانتقال من مخبأه الذي يقع على عمق 40 قدما تحت الأرض لكنه تجاهل هذه التحذيرات، مؤكدًا لهم أن إسرائيل غير مهتمة بإشعال حرب شاملة مع لبنان، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
أسرار اختراق جواسيس إسرائيل لحزب الله
وتابعت الصحيفة أن ما لم يدركه نصرالله أن الجواسيس الإسرائيليين اخترقوا حزبه ويتتبعون كافة تحركاته منذ سنوات عديدة.
وأضافت أنه بعد لحظات قليلة من تحذيرات مساعديه أسقطت طائرات إف-15 الإسرائيلية آلاف الأرطال من المتفجرات، ما أدى إلى تدمير المخبأ واغتيال نصرالله وكبار قادة الحركة اللبنانية، وفي اليوم التالي للانفجارات عثر على جثمان نصرالله ولم يكن مصابا بأي جروح، حيث توفي نتيجة الاختناق، حسبما كشفت عدد من المصادر المطلعة.
وأشارت إلى أن اغتيال نصرالله جاء بعد أكثر من 20 عامًا من العمل الاستخباراتي الإسرائيلي والاستعداد للحرب الشاملة مع لبنان، وفقًا لما كشف عنه أكثر من 20 مسئولًا إسرائيليًا وأمريكيًا وأوروبيًا سابقين وحاليين.
وأكد المسئولون أن إسرائيل زرعت جواسيس في حزب الله، ونشروا أجهزة التنصت في مخابئ الحزب وتتبعوا اجتماعات القادة وكان لديهم رؤية دائمة لتحركاتهم.
وأشارت الصحيفة إلى أنها قصة اختراقات، كما حدث في عام 2012 عندما سرقت الوحدة 8200 الإسرائيلية كنزًا من المعلومات، بما في ذلك تفاصيل عن مخابئ القادة السرية وترسانة المجموعة من الصواريخ والقذائف.
وأوضحت أنه كانت هناك تعثرات، كما حدث في أواخر عام 2023 عندما شك أحد فنيي حزب الله في البطاريات الموجودة في أجهزة الاتصال اللا سلكية "البيجر"، ما أجبر إسرائيل على تفجيرها قبل الموعد المنتظر.
وخوفًا من كشف العملية، أقنع كبار المسئولين الاستخباراتيين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإعطاء الأمر بتفجيرها، ما أدى إلى تحريك الحملة التي بلغت ذروتها باغتيال نصر الله.
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل كانت في مواجهة مع نصرالله وكبار قادته في حزب الله، لعقود من الزمان، وخلصت تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن الأمر سيستغرق سنوات، وربما أكثر من عقد من الزمان، حتى تتمكن المجموعة من إعادة بناء نفسها بعد وفاتهم.
ووفقًا لثلاثة مسئولين إسرائيليين سابقين، زرعت إحدى العمليات أجهزة تعقب على صواريخ "فجر" التابعة لحزب الله، والتي أعطت إسرائيل معلومات عن الذخائر المخبأة داخل القواعد العسكرية السرية ومرافق التخزين المدنية والمنازل الخاصة.
بينما قال 10 مسئولين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين إنه بعد انتهاء حرب 2006، وسع الموساد شبكة من المصادر البشرية داخل حزب الله، وعلى وجه التحديد جند الموساد أشخاصًا في لبنان لمساعدة حزب الله في بناء منشآت سرية بعد الحرب.
وأضاف مسئولان أن مصادر الموساد زودت الإسرائيليين بمعلومات حول مواقع المخابئ، وساعدت في مراقبتها، وتبادل الإسرائيليون عمومًا معلومات حزب الله الاستخباراتية مع الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين.
وفي عام 2012، جاءت لحظة مهمة، عندما حصلت الوحدة 8200 على كنز من المعلومات حول أماكن تواجد قادة حزب الله، ومخابئهم، وبطاريات الصواريخ والقذائف التي تمتلكها المجموعة، وفقًا لخمسة مسئولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين وأوروبيين.
وفي عام 2014، اغتنمت إسرائيل الفرصة عندما توقفت شركة التكنولوجيا اليابانية iCOM عن إنتاج أجهزة الاتصال اللا سلكية الشهيرة IC-V82. كانت الأجهزة، التي تم تجميعها في الأصل في أوساكا باليابان، شائعة جدًا لدرجة أن النسخ المقلدة كانت تُصنع بالفعل في جميع أنحاء آسيا وتُباع في المنتديات عبر الإنترنت وفي صفقات السوق السوداء.
واكتشفت الوحدة 8200 أن حزب الله كان يبحث على وجه التحديد عن نفس الجهاز لتجهيز جميع قواته الأمامية، وفقًا لسبعة مسئولين إسرائيليين وأوروبيين.
بدأت إسرائيل في تصنيع نسخها الخاصة من أجهزة الاتصال اللا سلكية مع تعديلات صغيرة، بما في ذلك تعبئة المواد المتفجرة في بطارياتها، وفقًا لثمانية مسئولين إسرائيليين وأمريكيين حاليين وسابقين.
ووصلت أولى النسخ الإسرائيلية الصنع إلى لبنان في عام 2015، وتم شحن أكثر من 15 ألف نسخة في النهاية، وفقًا لبعض المسئولين.
وفي عام 2018، صاغت ضابطة استخبارات إسرائيلية في الموساد خطة من شأنها استخدام تقنية مماثلة لزرع مادة متفجرة في بطارية جهاز اتصال.
واستعرض قادة الاستخبارات الإسرائيلية الخطة، لكنهم قرروا أن استخدام حزب الله أجهزة الاتصال لم يكن واسع الانتشار بما فيه الكفاية، وفقًا لثلاثة مسئولين، وتم تأجيل الخطة.