رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: تحالف الشيطان.. نكشف بالوثائق: كيف تعمل اللجان الإرهابية لهدم مصر؟

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز

ليس جديدًا بالنسبة لنا أن تكون هناك لجان إلكترونية تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، فالجماعة التى تملك جهازًا كاملًا لنشر الشائعات حول خصومها، انتبهت مبكرًا إلى أهمية استخدام التكنولوجيا والمنصات الإلكترونية من مدونات ومواقع وصفحات السوشيال ميديا لتحقيق أهدافها. 

وليس جديدًا علينا أيضًا أن الجماعة استخدمت لجانها خلال فترة حكمها يونيو ٢٠١٢- يونيو ٢٠١٣ ليس للترويج لما تريده فقط، ولكن لإرهاب خصومها وتصفيتهم معنويًا وتشويه صورتهم بشكل كامل. 

وليس جديدًا علينا أن الجماعة ومن اللحظة الأولى لخروجها من الحكم بثورة المصريين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تحولت لجانها الإلكترونية إلى سلاح استخدمته على أكثر من مستوى، وعبر أكثر من مسار فى حرب إنهاك الدولة المصرية، من خلال ترويج الشائعات عن المشروعات التى تقوم بها الدولة والتقليل من شأنها، ثم، وهذا هو المهم، فى استنفار الناس ليخرجوا فى مظاهرات ضد الدولة، وقد تتابعت الدعوات أكثر من مرة، وخابت وبارت فى كل مرة. 

لكن الجديد الذى نرصده الآن هو التحالف الكبير الذى تقوم به اللجان الإلكترونية وتضافر جهودها لاستهداف مصر، بهدف نشر الفوضى فى شوارعها وإخراج الناس إلى ميادينها، من خلال خلق واقع افتراضى طمعًا فى أن يتحول إلى واقع عملى على الأرض. 

كان طبيعيًا بعد ما حدث فى سوريا أن تنشط اللجان الإلكترونية الإخوانية الإرهابية إلى الحد الأقصى، فقد تخيلت أن ما حدث هناك يمكن أن يتكرر هنا، أخذت نفسًا عميقًا، اعتقدت أنه يمكن أن يكون كافيًا لتدب فيها الروح، فتعاود ما بدأته منذ سنوات. 

لكن قبل أن أقول لكم، لماذا ستخيب اللجان الإلكترونية الإرهابية ومَنْ يحركونها ويمولونها هذه المرة أيضًا؟، أعتقد أنه من المهم أن نكشف ما الذى قامت به هذه المرة، كيف بدأ، النقطة التى انطلقت منها الشائعات، مَن تولى الترويج والنشر، مَن حاول استثمار ما جرى، ثم ما الذى يربط بين هؤلاء جميعًا؟. 

لنقول فى النهاية إننا أمام تحالف دولى يعمل ضد مصر، وليس مجرد لجان إلكترونية عابرة. 

فكرة الحملة الجديدة 

بنى مخططو الحملة الجديدة فكرتهم ببساطة على استغلال ما جرى فى سوريا من مشاهد دخول العناصر المسلحة إلى دمشق، وإعلان إسقاط الدولة فى سوريا، وبقفز كامل على الواقع، حيث لا يمكن أن تكون هناك أى مقاربة بين الأوضاع هناك والأوضاع هنا فى مصر، لكنهم تجاهلوا ذلك وبدأوا فيما يمكن أن نطلق عليه «تثوير الأرض»، من خلال الإيحاء بأن هناك مظاهرات خرجت فى مصر ضد النظام. 

ولأنه على الأرض لم تكن هناك مظاهرات من أى نوع، ولا فى أى مكان، فقد لجأت اللجان الإلكترونية إلى استدعاء فيديوهات مصورة لمسيرات ومظاهرات حدثت فى فترات سابقة، ولجأت تحديدًا إلى بعض المظاهرات التى خرجت فى نوفمبر من العام ٢٠١٩ وكانت استجابة لدعوة المقاول الهارب محمد على، وهى المظاهرات التى كانت محدودة جدًا، وبعضها كان مصطنعًا تمامًا للإيحاء بأن دعوة المقاول نجحت، لأن الجماعة كانت قد بنت عليها آمالًا كبيرة فى تحريك الأوضاع فى مصر لصالحها. 

لم يتوقف الأمر على استدعاء الفيديوهات القديمة ونشرها على نطاق واسع فى الأيام التى تلت أحداث سوريا، ولكن قامت اللجان بالتدخل الواضح فى بعض الفيديوهات، حيث رفعت منها الصوت الحقيقى وأدخلت عليها أصواتًا بهتافات معنية، لترفع من درجة حرارة الفيديو سعيًا لتحريض مَن يشاهد ليتحرك ولا يتوقف عند مرحلة المشاهدة فقط. 

من الفيديوهات التى استعانت بها اللجان الإخوانية، الفيديو المنشور على صفحة «زعيم تويتر» بتعليق: «عاجل يحدث الآن.. مظاهرات على النظام المصرى.. اسمع كده بيقولوا إيه».. ولم ينتبه من رفع الفيديو أنه منشور بلوجو «video7» المنصة التابعة لمؤسسة اليوم السابع، فعلاوة على أنه فيديو قديم، فإنه تم رفع الصوت الأصلى له وتركيب صوت آخر فيه هتافات معادية للنظام. 

فيديو آخر استعانت به اللجان الإلكترونية ورفعه «يوسف سيرجو» على صفحته، بتعليق: «مصر تثور ضد السيسى»، ويرفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام، وعندما تراجع الفيديو تكتشف أنه أحد الفيديوهات المصنوعة من الأساس، عندما قام بعض الشباب بالتجمهر أمام صورة للرئيس السيسى منذ سنوات، فالفيديو ليس حديثًا أبدًا. 

الفيديو نفسه الذى استخدمه «يوسف سيرجو» أعادت نشره صفحة «أبكالوس» بتعليق: «لقد تعبت مصر»، بما يشير إلى أن الجهة التى وجهت باستخدام نفس الفيديو واحدة، خاصة أن هذا الفيديو تحديدًا انتشر بصورة كبيرة على صفحات اللجان الإلكترونية. 

وتنشر صفحة تطلق على نفسها اسم «مصر المحتلة» صورة من أحد الشوارع دون ملامح، ولا يبدو فيها أى تجمع، بتعليق: «المشهد الأعظم لتحرك المصريين»، وهاشتاج: «الثورة بكرة تدوسك»، رغم أنها صورة لعدد من المواطنين لا يتجاوز أصابع اليدين العشرة، ولا يبدو من حركاتهم أن هناك ثورة ولا يحزنون. 

هذه الصورة تحديدًا بدأ تكنيك جديد من اللجان معها، فهى ليست استدعاء من الماضى فقط، وليست مفبركة فقط، وليست موظفة فى غير ما صورت من أجله فقط، ولكن بدأت التعليقات تمنحها ما ليس فيها. 

دخل على هذه الصفحة الممثل الهارب عمرو واكد ليسأل: «فيه مظاهرات فى مصر فعلًا؟»، ليرد عليه أحدهم ويقول: «أيوه فيه مظاهرات»، وينشر مجموعة من الصور والفيديوهات غير واضحة الملامح. 

الهجمة الأولى من هذه الفيديوهات لم يثبت مطلقًا أن أيًا منها حديث، لسبب بسيط هو أنه لم يكن هناك أى تجمعات ولا أى مظاهرات. 

يمكننا أن نضع هنا بعض المقارنات البسيطة التى نؤكد من خلالها أن كل الصور قديمة، على النحو التالى: 

أولًا: نشرت بعض صفحات اللجان فى ٢٠ سبتمبر ٢٠١٩ عددًا من الصور لتجمعات من الشباب، وادعت أنها متجهة إلى ميدان التحرير، وكانت هى نفسها التى أعادت نشرها خلال الأيام الماضية.

ثانيًا: فى ٢١ سبتمبر ٢٠١٩ نشرت صفحة قناة الجزيرة صورة للافتة تحمل صورة الرئيس السيسى فى ميدان التحرير، هى نفسها الصورة التى تم استخدامها من قبل عدد من الحسابات على أساس أنها صورة حديثة. 

ثالثًا: وفى ٢٧ سبتمبر ٢٠١٩ نشرت صفحة ينى شفق العربية صورة لمظاهرات قالت إنها داخل المترو فى مصر، كانت هى نفسها الصورة التى استعانت بها اللجان فى طبعتها الجديدة. 

تكشف هذه الاستدعاءات حالة الكذب الكاملة التى صنعتها اللجان، فقد خططت لتحريض الناس، لكن ولأنه لا يوجد على الأرض ما يدعم خطتها، ذهبت إلى الأرشيف المكشوف للجميع، وبدأت تعيد إنتاج صور وفيديوهات قديمة وتصديرها على أنها تحدث الآن فى مخالفة واضحة للحقيقة. 

بداية الحملة الجديدة 

ولأنه لا بد أن تكون لكل شىء بداية، فقد بدأت الحملة الجديدة للتحريض وصناعة القلق فى مصر، يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤ عبر حساب على منصة «x» لشخص يُدعى محمد عبدالرحمن. 

نشر عبدالرحمن الفيديو القديم لبعض المواطنين يتحركون أمام صورة للرئيس عبدالفتاح السيسى فى ميدان التحرير، ولجأ إلى حيلة خبيثة، عن طريق طرح سؤال كما يقولون لا محل له من الإعراب. 

قال عبدالرحمن فى سؤاله: سؤال محتاج تفكير بعقل، لو الصبح قامت ثورة فى مصر، وتم إسقاط النظام، هل توجد حاليًا فى مصر جهة أو حكومة ظل جاهزة لاستلام السلطة؟ ولا هنغلط نفس الغلطة ونسيب المجلس العسكرى يدير شئون البلد؟.. أرجو التفكير وطرح الحلول العقلانية.. وختم سؤاله بهاشتاج «نقدر». 

قبل أن نعرف مَن هو محمد عبدالرحمن، لا بد من التوقف عند الحيلة الخبيثة التى استخدمها، فقد ساق سؤالًا تحريضيًا، فهو لا يسأل ليعرف إجابة محددة، بل يدفع متابعيه إلى اتجاه معين فى التفكير عبر سؤال افتراضى، لا ظل له فى الواقع، لكنه صاغه لتصنيع حالة بعينها. 

فى حالة كاملة من الخداع يقدم محمد عبدالرحمن نفسه على صفحته بقوله: رأيى يمثلنى أنا فقط ولا يمثل غيرى، ينايرجى من الصفوف الأولى، مصر هى ثورة يناير فقط. 

لكن عندما نراجع ما ينشره على حسابه سنجده يسلك سلوكًا تحريضيًا مباشرًا على الدولة المصرية، ويتبنى أجندة الجماعة الإرهابية فيما يروجه، وهو ما يشير إلى أن الشخص الهارب إن لم يكن من أبناء الجماعة الإرهابية، فهو ينفذ خطتها بإعلان استقلاليته للإيحاء بأن هناك معارضة للنظام من خارج الجماعة. 

المفارقة أننا حتى لو اعترفنا بأن هناك معارضة للنظام من خارج الإخوان- وهذا طبيعى- إلا أن أجندة هذه المعارضة تتسق تمامًا مع أجندة الجماعة الإرهابية، رغم الخلاف الأيديولوجى بين من ينتمون إلى هذه المعارضة وبين جماعة الإخوان. 

كيف تكوّن تحالف الشيطان؟ 

كان ما صاغه محمد عبدالرحمن، إخوانى الهوى، فرصة لالتقاط الخيط، حيث بدأت الحسابات والصفحات المنتمية لجماعة الإخوان والعاملة لحسابها فى توسيع دائرة النشر واستدعاء صور وفيديوهات أخرى. 

نظرة أولى على الحسابات التى شاركت فى الحملة الجديدة سنجد أنها تكشف التحالف الذى كان يعمل بشكل متفرق خلال السنوات الماضية، لكنها هذه المرة وحدت صفوفها ربما اعتقادًا منها أن الوقت مناسب لتحقيق ما تريد، وأنها لا بد أن تنتهز هذه الفرصة، اعتقادًا منها أن الناس فى مصر قد يتقبلون ما تتحدث عنه، أو تدعو إليه. 

انطلقت هذه الحملة من الهوى الإخوانى الإرهابى، دون قراءة دقيقة للواقع الذى يعيشه الناس، لقد اعتقدوا أن ما حدث فى سوريا يمكن أن يكون معديًا بطريقة أو بأخرى، ولم يرصدوا، كما رصدنا، أن ما حدث فى سوريا كان داعمًا لأن يحافظ المصريون على مكتسباتهم من الأمن والاستقرار خلال السنوات الماضية، وهو ما ظهر فى التعليقات العديدة للمصريين على حسابات التواصل الاجتماعى التى يتجاهلها المنتمون إلى اللجان الإلكترونية وينكرونها ويتنكرون لها.

تشكلت خريطة تحالف الشيطان على النحو التالى: 

أولًا: اللجان الإخوانية المباشرة

حيث بدأت حسابات هذه اللجان فى الترويج لما كتبه محمد عبدالرحمن، من خلال إعادة نشره والتعليق عليه بتعليقات مختلفة. 

وعلى خط هذه اللجان تداخل من ينتمون إلى الجماعة هدفًا رغم اختلاف الأفكار، فظهر على الساحة الصحفى الهارب سامى كمال الدين، والفنان المشرد عمرو واكد، الذى يتعامل بغل شديد مع كل ما يرتبط بمصر، ويعبر بكراهية شديدة عن كل ما يمثله النظام. 

تداخل عمرو واكد أكثر من مرة خلال هذه الحملة، وعندما كتب على حسابه فى ٢٣ ديسمبر: «الشعب يريد إسقاط النظام»، تداخلت معه سكينة حسن زيد وقالت له: «اتقوا الله واتعظوا من سوريا، اللهم احمى مصر وكل الدول العربية من الفوضى ومخططات الصهيونية للتوسع فيها»، رد عليها بما يعنى أن من عليه أن يتعظ هو النظام. 

هذا الحوار القصير يعكس حقيقة لا يجب أن نفلتها من بين أيدينا، فالمواطنة المصرية لديها وعى كبير بالواقع، تعرف أن ما يحدث مقدمات للفوضى، لكن الفنان الهارب الذى يدّعى وطنية ووعيًا لا يملك شيئًا منهما على الإطلاق، بل هو مثل البغبغان الذى يردد ما يملى عليه دون تفكير. 

استعانت اللجان الإخوانية بمن أطلقت عليه الضابط المقنع، وهى شخصية فى الغالب مصطنعة فى محاولة لتصدير معنى بعينه، وهو أن هناك ضباطًا يعملون معهم، نشروا صورته وروجوا ما يبثه من رسائل. 

من بين ما فعلته هذه اللجان كانت الدعوة إلى تغيير صور الحسابات الشخصية إلى صورة «عَلم المملكة المصرية قبل إعلان الجمهورية»، واستخدامه كرمز موحد، وبدأ علم مصر قبل ثورة ١٩٥٢ ينتشر، وهو ما يدعو فى الحقيقة إلى السخرية، ويعكس تهافت هذه اللجان الإخوانية، ففى العهد الملكى تم حل جماعة الإخوان الإرهابية وتم توجيه أكبر ضربة لها لما تمثله من خطر على الدولة، فقد قاومتها كل الأنظمة لأنها جماعة مارقة تعمل لمصلحتها التى هى بالنسبة لها فوق مصلحة الوطن، وهو ما يشير إلى أننا أمام قطيع لا يفكر، بل يسمع ويطيع فقط. 

من بين من روجوا لعلم المملكة المصرية والدعوة لجعله العلم الجديد كان «شريف عثمان وصلاح بديوى»، وتشير صفحة «شباب الحرية» إلى أن تغيير العَلم مكنش لعبة، هناك تحضيرات وتحركات على الأرض، قريبًا مصر بالأخضر. 

وفيما يشبه الجنون تصف اللجان الإلكترونية العلم المصرى بأنه علم احتلال، ويطالبون بالعودة إلى علم الثورة المصرية، وعندما تسألهم عن هذا العلم الذى هو بالنسبة لهم علم الثورة تجدهم يقدمون لك علم المملكة المصرية، فهل كان هذا العلم هو علم الثورة؟ 

وذهبت اللجان فيما يمكن التعامل معه على أنه قفزة كبرى على الواقع، بالترويج للإرهابى المسجون «حازم صلاح أبوإسماعيل» على أنه يمكن أن يقود الثورة فى تماهٍ مع ما جرى لأبى محمد الجولانى الذى تحول إلى «أحمد الشرع» فى طبعة مدنية حداثية. 

 

يقول أنس حبيب: طيب لو حصلت ثورة بكرة.. مين البديل إللى يحكم؟ 

ويجيب: الشعب يحرر حازم صلاح أبوإسماعيل وسيب الباقى على ربنا بس، وسجون مصر مليانة كوادر مش تحكم مصر بس، لا ده تحكم العالم كله والله. 

ما كتبه «أنس حبيب» بدأ الترويج له بقوة، رغم أنه لا يخالف المنطق فقط، ولكن يخالف الواقع أيضًا، فالموجودون فى السجون حكموا مصر بالفعل خلال عام، ولم يستطيعوا أن يقدموا شيئًا لا للدولة ولا للناس، بل وصلوا بمصر إلى حافة الحرب الأهلية، وعجزوا عن تقديم أى كوادر تستطيع إدارة الدولة. 

ثم إن «حازم صلاح أبوإسماعيل» نفسه المدان فى قضايا إرهابية، عندما تقدم للترشح فى انتخابات رئاسة الجمهورية فى العام ٢٠١٢ لجأ إلى التزوير فى جنسية أمه الأمريكية، فكيف يمكن أن يأمن الناس على أنفسهم مع مزور؟ 

ما يجعلنى أؤكد أن هناك تحالفًا شيطانيًا، أنه فى نفس الوقت الذى كانت تروج فيه اللجان الإخوانية لحازم صلاح أبوإسماعيل كتب «أحمد دومة» ما يروج له على أنه شهادته على ما يحدث فى السجون، وجاء على ذكر «حازم صلاح أبوإسماعيل»، وكأنه يعيده إلى صدارة المشهد من جديد، فى محاولة لتذكير الناس به، وأنه يتعرض لتعذيب لم يقدم «دومة» أى دليل عليه، إلا حكاية مخترعة من خياله. 

ثانيًا: اللجان العربية 

دخل على خط هذه الحملة عدد كبير من أصحاب الحسابات العرب المعروفين أولًا بمعاداتهم الأنظمة العربية، وثانيًا بتعاطفهم مع جماعة الإخوان الإرهابية من خلال الترويج لما تقوله وتدعيه. 

من بين هؤلاء «أنيس منصور» وهو ناشط يمنى تلاحقه فضائح كثيرة خاصة بترويجه الأكاذيب والأخبار المفبركة واصطناع الوقائع، وهو ما كان سببًا فى إحداث أكثر من فتنة فى اليمن، و«خليل المقداد» الذى نشر ادعاءات عن أن هناك مظاهرات فى عدة محافظات فى مصر، واستعان بصورة قديمة، و«نظام المهداوى» الذى كتب ما يشبه الخطة ودعا المصريين إلى التحرك، والعقيد «رابح العنزى»، و«فرحان العطوى، وعبدالله العامرى، وروزان فياض اليهودية اليمنية، وناصر الدويلة، وتركى الشلهوب». 

وعندما تتصفح حسابات هؤلاء ستتأكد من توجهاتهم فهم ليسوا ضد النظام المصرى فقط، ولكنهم ضد كل الأنظمة العربية، ويسخرون حساباتهم وما يكتبونه للنيل من هذه الأنظمة ولهدم الدول، وقد وجدوا فيما بدأته اللجان الإخوانية فرصة للانضمام إليها لتنفيذ أجنداتها وأهدافها، ويجمع بين هؤلاء جميعًا أنهم هاربون من بلادهم، وصدرت ضدهم أحكام ومطلوبون لتنفيذها. 

ثالثًا: اللجان الإسرائيلية 

لم يكن غريبًا أن نجد بين الحسابات التى تدعم حملة الإخوان الجديدة حسابات إسرائيلية، ولم يكن غريبًا أن يكون فى مقدمة هذه الحسابات حساب الناشط الإسرائيلى اللقيط «إيدى كوهين». 

كان «كوهين» أول من أعاد نشر فيديو «محمد عبدالرحمن»، ولم يكن غريبًا ما فعله، فلم تكن هذه المرة الأولى التى يفعل فيها «إيدى» هذا، فهو يعمل على موجة واحدة مع اللجان الإلكترونية، مرة يسبقها فيكتب أولًا، ومرة يلحق بها فيعيد ما تنشره، وزاد «كوهين» عندما نشر فى ٢٤ ديسمبر على حسابه أن هناك حملة اعتقالات واسعة فى مصر على خلفية المظاهرات الأخيرة، وما يكذبه فى حدوث اعتقالات أنه لم تكن هناك مظاهرات من الأساس. 

يروج «إيدى كوهين» إلى أنه قريب من الموساد، وأنه ينفذ خطط المخابرات الإسرائيلية من خلال انتشاره عبر الحسابات العربية. 

وكنت قد أمسكت به عندما روّج لعقد مزور لتعاقد هيئة قناة السويس مع شركة أجنبية، حيث دفع به وتلقفه بعدها أصحاب حسابات إخوانية الهوى أمثال «سام يوسف ومحمود وهبة»، وعندما أثبت تزوير هذا العقد، خرج «إيدى كوهين» ليسخر ممن روجوا لما يقوله، وكانت هذه إشارة إلى أنه مصدر لفتن وشرور كثيرة. 

«إيدى كوهين» شخص لقيط يحاول أن يصنع له دورًا فى المجتمع الإسرائيلى، ومعلوماتى أنه منبوذ هناك بشكل كبير، ولا يقابل أى احترام من أى نوع من الدوائر السياسية أو الأمنية، ولكنه يستخدم فقط استخدام أطفال الشوارع فى إحداث فوضى دون أن يعترف به أحد، وقد حرص خلال السنوات الماضية على تجنيد آخرين داخل إسرائيل، وتحويلهم إلى لجان إلكترونية تعمل على الدول العربية وفى مقدمتها مصر. 

تحول «إيدى كوهين» إلى ما يشبه مرشد للجان الإخوانية، بل أصبح الإعلاميون الذين يعملون فى خدمة الجماعة وعلى رأسهم «محمد ناصر ومعتز مطر وأسامة جاويش» أتباعًا لكوهين، يعيدون الترويج لما يقوله، وترددت مقولة داخل الأوساط الإعلامية الإخوانية أن «إيدى كوهين» هو رئيس تحرير برامج الإخوان، فهو من يضع لهم الموضوعات التى يتحدثون فيها، بل ويحدد لهم أيضًا زوايا المعالجة. خلال هذه الحملة نشط «سام يوسف» الذى يقدم نفسه على أنه دكتور، حيث أعاد كل ما نشر بنشاط غريب، وقد جربنا «سام» أكثر من مرة، وهو من أكثر اللجان الإلكترونية نشرًا لمعلومات ووقائع سرعان ما يتراجع عنها بعد أن يثبت للجميع أن ما نشره كان خطأ. 

من بين ما فعلته لجان «إيدى» أنها اصطنعت صفحات تقدم مضمونًا إخباريًا عاديًا مثل «روسيا الآن والأحداث العالمية وموقع الجليل»، لكنها فى مثل هذه الحملات تتحول بالكامل إلى منصات إطلاق الشائعات، وعند مراجعة هذه الصفحات تأكد أنها تدار من داخل إسرائيل، وتعيد نشر ما يكتبه «إيدى كوهين» ورفاقه من عناصر اللجان الإلكترونية، وأعادت نشر ما زعمت أنه مظاهرات حديثة فى مصر. 

 

رابعًا: اللجان العاملة من تركيا 

خلال السنوات الماضية وعلى إيقاع تقارب مصرى تركى اجتهدت الدولة التركية فى تقليم أظافر اللجان الإلكترونية العاملة من على أرضها، بل سعت إلى إخراج الإعلاميين الإخوان، لكن يبدو أن هناك فلولًا إخوانية لا تزال تعمل من تركيا، فخلال هذه الحملة قامت حسابات تعمل من تركيا بترويج ما ادعت أنه مظاهرات فى مصر. 

من تركيا سنجد صفحات مثل «الرادع العربى، والرادع اليمنى، وإسراء أردوغان، ونافدة تركيا للعالم العربى، والإسطنبولى»، وهى الصفحات التى نشرت ما نشرته اللجان الإخوانية. 

خامسًا: الحسابات الغربية

بمراجعة الحسابات التى عملت على ترويج أخبار المظاهرات المصطنعة فى مصر، تأكد أن هناك منصات تعمل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، ولا يوجد شىء غريب فى ذلك، حيث يتواجد عدد من الإخوان فى هذه الدول ويمارسون نشاطهم المعادى للدولة المصرية، وقد نشطوا خلال الأيام الماضية فى الترويج لأخبار المظاهرات، وأعادوا ما نشرته اللجان الإخوانية. 

نشطت هذه اللجان حتى احتلت كلمة «sisi» المرتبة الثانية فى قائمة الأخبار الأكثر تداولًا على موقع «x»، ويمكننًا أن نرصد أسماء هذه الحسابات على النحو التالى: lou Rage، Truth Media، Lord Bebo، Dilly hussian، وقد أعاد أصحاب هذه الصفحات كل ما نشرته اللجان الإخوانية حرفيًا. 

سادسًا: الحسابات العامة 

اعتادت اللجان الإخوانية منذ سنوات على إنشاء صفحات لها صبغة عامة، مضمونها ترفيهى فنى ورياضى وأحيانًا ثقافى، لاستخدامها فى الوقت المناسب للترويج للمضمون الذى تريده، وقد فعلت ذلك فى الحملة الأخيرة. 

يمكننا التعامل مع هذه الصفحات على أنها خلايا نائمة للجماعة الإرهابية، فقد أنشأتها وسعت إلى تنمية أعضائها وجذبهم بمضمون ترفيهى، حتى يكونوا أتباعًا لها فى الوقت المناسب، ويقوم بعض أصحاب هذه الحسابات بتأجيرها إلى لجان الجماعة لاستخدامها أحيانًا فى الوقت الذى تحدده. 

من هذه الصفحات مثلًا: ترند، follow، factk، depression، وقد لعبت هذه الصفحات لعبة مختلفة، فهى لم تنشر محتوى صفحات اللجان الإخوانية فقط، ولكن زادت على ذلك بأن نشرت عبارة واحدة هى: «يارب سلم على أهل مصر»، فى إشارة إلى أن هناك شيئًا ما يحدث على الأرض بالمخالفة للواقع، وفيها إشارة واضحة إلى تصنيع القلق بشكل عام، فيتحسب الناس لما يمكن أن يحدث، حتى لو لم يكن هناك أى شىء على أرض الواقع. 

وحتى تدعم هذه الصفحات صناعة القلق التى بدأتها، فإنها تركز على نشر بعض الأخبار التى تتحدث عن الأزمات الاقتصادية التى تعانى منها مصر، وتضخمها وتنفخ فيها، حتى تصنع منها حالة عامة. 

ماذا يريد تحالف الشيطان؟ 

تعبر هذه الحملة عن حالة إفلاس كاملة يعانى منها هذا التحالف، الذى نشط بشكل كبير خلال الأيام الماضية مستغلًا ما حدث فى سوريا لنشر الفوضى فى مصر تمهيدًا لإسقاط الدولة، وهو الهدف الأكبر لجماعة الإخوان الإرهاربية التى يبدو أن هناك من يريد أن يعاونها فى ذلك، وكل طرف له هدفه الخاص به. وقد يعتبر البعض أننا عندما نبحث خلفهم إنما نروج لهم ولما يريدون، لكن ما نفعله مواجهة واضحة معهم، فنحن نسعى إلى كشفهم بشكل كامل أمام الشعب المصرى، الذى لا بد أن يعرف من يواجه، ويعرف على وجه الدقة من هم أعداؤه الذين يعملون فى الخفاء وفى العلن على إنهاكه وسرقة وطنه، حتى يكون ذلك دافعًا للمواجهة الشاملة. فعندما نضع أمام الناس أصحاب هذه الحسابات، ونركز على صورهم، فنحن ببساطة نقول للجميع إن هؤلاء هم خصومنا وأعداؤنا، ولا بد من الحذر منهم، فهم لن يهدأوا، وسيواصلوا عملهم الذى يجب أن نكون جميعًا حائط صد أمامه، لأن هذه هى الطريقة الوحيدة التى يمكن أن تقودنا إلى إفشال ما تقوم بهذه اللجان.