عن برنامح الفضاء المصرى
تربطنى علاقة إنسانية جيدة بالقيادات المؤسسة لبرنامج الفضاء، وعدد من علماء المشروع. هذه الحالة ليست ممتدة مع القيادة الجديدة لوكالة الفضاء المصرى.
ولأننى متفاعل مع أنشطة البرنامج المصرى منذ أن كان تابعًا لـ«هيئة الاستشعار من البعد»، ثم إطلاق أول قمر صناعى مصرى للأبحاث، فى أبريل ٢٠٠٧، فقد بنيت خبرة تراكمية معقولة فى هذا الملف. أعرف نجاحاته وسقطاته من البداية وحتى الآن. وهناك ملاحظات ومقترحات فنية وتنظيمية تصلنى من الأصدقاء فى الداخل، وأجزم أنها فى غالبها إيجابية، وليست من باب الوشايات الروتينية المعتادة.. لكننى لم أكن أنشر منها شيئًا إلا فى مرات معدودة. هذه المرة تلقيت ما يشبه مذكرة باقتراحات تفصيلية حول تطوير عمل الوكالة، خاصة أن عواصم خليجية دخلت مجال الفضاء بعدنا.. ثم سبقتنا بمراحل، رغم أنها محدودة الكوادر البشرية.. وما شجعنى تحديدًا على نشر هذه الملاحظات، هو قراءتى لخبر صحفى قبل أيام بأن دولة الإمارات تمضى بسرعة وتركيز فى مشروع «Gateway» الفضائى مع الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا والاتحاد الأوروبى، إضافة إلى إعلانها إرسال أول رائد فضاء إماراتى وعربى إلى مدار القمر!
وهنا سأحاول تلخيص جانب من المذكرة: «.. من أهم المشكلات التى تواجه وكالة الفضاء المصرية:
١- تعيين الرئيس التنفيذى: قانون وكالة الفضاء المصرية ينص على تعيين الرئيس التنفيذى للوكالة لمدة أربع سنوات متتالية، وهذه أقل مدة يمكن لرئيس الوكالة أن يقوم بتنفيذ خطة المشروعات التى تحتاجها الدولة، والتى وافقت عليها ضمن مشروع الفضاء الوطنى. الآن يتم تعيين الرئيس التنفيذى سنة بسنة، وهذا يجعله فى قلق فى آخر السنة قبل التجديد- هل سيتم التجديد له أم لا؟- وبالتالى يضع فى حسبانه ما هو الشىء الذى يسمعه ويراه متخذ القرار حتى يستحسن ويقرر التجديد له لسنة جديدة، وربما ترى الدولة أن هذا الأسلوب هو الأمثل فى تجربة المسئول فإن أحْسَنَ يتمُ التجديد له، لكن منظومة تكنولوجيا الفضاء وبناء الأقمار الصناعية وتشغيلها لا يتناسب معه هذا الإجراء من الناحية الفنية والإدارية، لأن تغيير المسئول، أو احتمال تغييره، فى فترة صغيرة يقلب الأوضاع الفنية والإدارية، وحتى المالية داخل الوكالة بشكل يجعل العاملين فى الوكالة فى حالة ترقب واضطراب وقلق من سياسة المسئول الجديد.
ملحوظة مهمة: يفضل أن يكون الرئيس التنفيذى ذا صلة مباشرة علميًا وأكاديميًا وتكنولوجيًا بعلوم وتكنولوجيا الفضاء والأقمار الصناعية.
٢- عمل جميع الخبراء والمهندسين فى الوكالة حاليًا بعقود مؤقتة: هذا الوضع يجعل جميع العاملين من الخبراء والمهندسين فى حالة تهديد دائم بانتهاء عقودهم عند إبداء أى رأى معارض لا يقبله رئيس الوكالة.. وقد حدث هذا بالفعل مرات عديدة فى العام الماضى وفى الأعوام السابقة، حتى عند المطالبة بتحسين أحوالهم المادية، يتم تهديدهم بألا يتكلم أحد فى هذا الموضوع، والذى لا يعجبه الوضع يمكنه مغادرة المكان على الفور.
٣- اعتماد لائحة للهيكل التنظيمى: العمل فى وكالات الفضاء العالمية مبنى على كفاءة العاملين مثلهم مثل محترفى كرة القدم، فالعالم المتقدم والدول التى تعمل فى مجال الفضاء تراقب بعضها البعض مراقبة دقيقة، ولكى تعمل وكالة الفضاء باحتراف يجب مراعاة بُعد الكفاءات، ووضع المعايير الشفافة والعادلة للترقى إلى المناصب القيادية والفنية، أما أن يكون الترقى دون الشفافية ودون المعايير العادلة وليس طبقًا لقواعد لائحية وإدارية معلومة للجميع فهنا يكمن الخلل.
٤- ربط الكيانات الصناعية بالوكالة ربطًا قويًا: لا بد لوكالة الفضاء المصرية أن تكون لها علاقات قوية ومتينة بالشركات الصناعية المحلية والعالمية، ووضع ميثاق التعامل المهنى والأخلاقى فى الحسبان عند التعامل مع هذه الشركات حتى لا تفقد الوكالة مصداقيتها فى التعاون مع هذه الكيانات.
٥- ربط المراكز والمعاهد البحثية والجامعات بالوكالة: لا يمكن لوكالة الفضاء وحدها أن تقوم ببحث وتقديم حلول لحجم المشاكل العلمية والفنية فى جميع التخصصات الهندسية والفنية فى الوكالة، فلا بد من التنسيق والتكامل مع الأقسام المتخصصة فى الجامعات والمعاهد.
٦- تفعيل دور أكاديمية التدريب: من الأهمية بمكان، إعداد لائحة داخلية لتفعيل دور أكاديمية التدريب بالشكل المهنى والأكاديمى الذى يُعلى من كفاءة أداء وكالة الفضاء المصرية، وأيضًا يعم أثرها على المجتمع الأكاديمى والبحثى والتطبيقى على السواء، من خلال بعض الإجراءات وأهمها: اعتماد هيكل تنظيمى خاص بالأكاديمية يضم مجلس إدارة فرعيًا للأكاديمية به مدير للأكاديمية ورؤساء أقسام علمية، يتم تشكيلهم من خبراء وكالة الفضاء الذين خرجوا إلى سن المعاش، ويمثلون خبرات نادرة يصعب تعويضها على مدى زمنى قصير، ويضم أيضًا خبراء من قدامى كوادر الفضاء الحاليين للقيام بعملية التدريب والتأهيل العالى للمهندسين الجدد وأصحاب الخبرات المبتدئة.
وعمل قاعدة بيانات لعلماء وخبراء الفضاء المصريين فى الداخل والخارج، بهدف جمع كل الطاقات المصرية وتوجيهها لصالح توطين صناعة تكنولوجيا الفضاء فى مصر.
وكذلك اعتماد مناهج علمية متقدمة فى كل التخصصات العلمية والفنية الخاصة بتكنولوجيا الفضاء وتطبيقات الأقمار الصناعية.
٧- تشكيل لجنة من خبراء الفضاء السابقين والحاليين لتعديل الهيكل التنظيمى الحالى وإعداد هيكل تنظيمى أكثر عمقًا وأكثر استدامة: تقوم اللجنة بإعداد هيكل تنظيمى أكثر عمقًا وأكثر استدامة، ليست فيه اعتبارات التقريب والإقصاء المبنية على فرز الأشخاص واستحسان الوجوه، وأن يتم اعتماده وإقراره من هيئة التنظيم والإدارة.