صاحب مفتاح الخزنة!
هذا هو الوصف الأنسب للقيادى الإخوانى يوسف ندا، مؤسس الإمبراطورية المالية للجماعة، الذى ظل يدير أنشطتها الاقتصادية فى مختلف دول العالم، حتى وفاته، الأحد الماضى، عن عمر ناهز ٩٣ سنة، كما كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع جمعيات حقوقية أوروبية، ومراكز توصف بأنها إسلامية، و... و... والأهم، هو أنه كان حلقة وصل رئيسية بين قيادات الإخوان وشبكات الجريمة المنظمة، وأجهزة المخابرات الغربية، التى تتعامل مع الجماعة أو تستعملها.
صاحب مفتاح خزنة الإخوان، شارك فى محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، سنة ١٩٥٤، المعروفة باسم «حادث المنشية»، واتهمه الرئيس الأمريكى، جورج بوش الابن، فى نوفمبر ٢٠٠١، بـ«تمويل هجمات ١١ سبتمبر»، وأدرجته الإدارة الأمريكية، ثم مجلس الأمن، على «قائمة داعمى الإرهاب»، كما أدانه القضاء المصرى، سنة ٢٠٠٨، فى القضية المعروفة إعلاميًا باسم «ميليشيات الإخوان»، وعاقبه، غيابيًا، بالسجن لمدة ١٠ سنوات، ونال عفوًا رئاسيًا، فى ٢٦ يوليو ٢٠١٢، أى خلال سنة حكم الجماعة، ومنذ أسبوعين، تقريبًا، جدَّدت محكمة جنايات القاهرة إدراجه على «قوائم الإرهاب» لخمس سنوات مقبلة.
صلاته القوية بأجهزة المخابرات الغربية، أو عمالته لها، أخرجته من قائمة داعمى الإرهاب، كما قامت بحمايته من الملاحقة القضائية بعد إفلاس «بنك التقوى»، الذى أسسه، سنة ١٩٨٨، فى جزر البهاما، مع أن تقريرًا قدمه القيادى الإخوانى إبراهيم صلاح، للمخابرات السويسرية، سنة ١٩٩٨، نقل عن مؤسسين ومساهمين، أن أموال البنك ضاعت فى عمليات غير قانونية، مع جهات مشبوهة، لا يعرف شيئًا عنها إلا يوسف ندا، والمخابرات الأمريكية والإيطالية. وإبراهيم صلاح، الذى رحل فى أكتوبر ٢٠١٧، كان أحد قيادات الرعيل الأول للجماعة الإرهابية، وتورط، أيضًا، فى محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر.
مع تأسيسه الإمبراطورية المالية للجماعة، أسس غير المأسوف عليه، أيضًا، آلة إطلاق الأكاذيب الإخوانية، وأقرّ، لشهود عيان، من بينهم أبوالعلا ماضى، الذى ترك الإخوان وأسس «حزب الوسط»، بأنه المؤلف الفعلى لكتاب زينب الغزالى «أيام من حياتى»، الذى زعمت فيه بأنها تعرضت لأبشع أنواع التعذيب داخل سجون جمال عبدالناصر. وحين سأله أبوالعلا: «كيف تؤلف كتابًا يحكى أحداثًا وقعت سنة ١٩٦٥ وأنت مقيم فى سويسرا، أليس هذا تلفيقًا وكذبًا وتضليلًا؟!»، رد يوسف ندا: «اللى تغلب به.. العب به».
كتب يوسف ندا، أيضًا، أو فبرك وثيقة، نشرها الشيخ محمد الغزالى فى كتابه «قذائف الحق»، تزعم بأن الأجهزة الأمنية فى عهد عبدالناصر وضعت خطة للقضاء على جماعة الإخوان، تضمنت خطوات شديدة القسوة، تتجاوز محاربة الجماعة تنظيميًا وفكريًا إلى محاربة الإسلام والمتدينين من غير الإخوان.
التفاصيل، كتبها الإخوانى السابق هيثم أبوزيد فى مقال عنوانه «قصة كذبة خالدة»، نشرته مجلة «الوعى الإسلامى»، نقل فيه عن أبوالعلا ماضى، أيضًا، شهادة سمعها من مراد جميل الزيات، وهو قيادى إخوانى مهم، ملخصها أن الأخير كان قد زار يوسف ندا، وتحدث معه عن التعذيب الذى تعرض له الإخوان فى السجون، وما تضمنته الوثيقة التى نشرها الغزالى فى كتابه، ففوجئ بأن يوسف ندا يضحك حتى استلقى على ظهره، قبل أن يؤكد أنه هو الذى كتب هذه الوثيقة. ولما قال له الزيات متعجبًا: «لكن هذه فبركة»، ردّ بأن «الحرب خدعة». والأكثر من ذلك، هو أن أبوزيد، أضاف أن محمد سليم العوا، أكد هذه الشهادة، فى لقاء حضره قادة حزب الوسط، وقال إنه يحتفظ بالنص الأصلى للوثيقة، بخط يد يوسف ندا.
.. تبقى الإشارة إلى أن صاحب مفتاح خزنة الإخوان، أو الإرهاب، كان يحمل الجنسيتين الإيطالية والتونسية ويقيم فى منطقة مريبة، هى «كامبيونا ديلتاليا»، Campione d›Italia، التابعة لإيطاليا، لكنها تقع داخل حدود سويسرا، وعملتها الرسمية هى الفرنك السويسرى، وتحمل سياراتها لوحات سويسرية، ولا يسكنها إلا حوالى ٢٠٠٠ نسمة فقط، غالبيتهم من رموز المافيا، والرأسماليين الكبار المتهربين من الضرائب، أو من أحكام قضائية، والمسئولين السابقين، الذين فرّوا، من دولهم، بما نهبوه من ثروات شعوبهم.