رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجنس والسلطة فى ماكوندو كمرآة لتاريخ أمريكا اللاتينية

تُعد رواية جابرييل جارسيا ماركيز الملحمية التى صدرت عام 1967 تحت عنوان «مائة عام من العزلة» بمثابة شريعة أمريكية لاتينة وأقرب إلى رواية «موبى ديك» لهيرمان ميلفيل الصادرة عام 1851 وتدور حول الصراع التراجيدى بين حوت وإنسان وتتخذ من هذا الصراع الحضارى وسيلة لتأمل الوضع البشرى وعلاقته بالوجود، حين كانت أمريكا تكتشف نفسها كقوة كونية وإمبراطورية إمبريالية بالقوة والإمكانيات فتمثل رواية ميلفيل نبوءة لما ستصير إليه هذه القوة.

فازت رواية «مائة عام من العزلة» للمؤلف الكولومبى بجائزة نوبل للآدب عام 1982 وتمت الإشادة بها على نطاق واسع، باعتبارها أكثر الأعمال تأثيرًا فى عصرها وعبر كل العصور.

عن مسلسل درامى يحمل الاسم نفسه فيجب الإقرار بأن نقل الواقعية السحرية إلى الشاشة من أصعب الأعمال الفنية، ولكن يتم التعامل معها ومعالجتها بشكل جميل، حيث تختلط الحياة الأخرى بالحياة اليومية لتخلق «ماكوندو» خصبًا مليئًا بالغموض والجنس والشغف وخيبة الأمل.

يمتد الجزء الأول إلى ثمانى حلقات يستغرق كل منها ساعة واحدة ويغطى الثلث الأول من الرواية، أن مائة عام فترة طويلة على كل حال، لذلك توجد بعض المشاكل فى إيقاع الأحداث وأحيانًا يتم سحب الحلقات إلى المنتصف وفى بعض الأحيان تبدو الشخصيات- لا سيما الأم «أورسولا» /سوزانا موراليس فى دور الأصغر سنًا ومارليدا سوتو ريوس فى دور الأكبر وخوسيه بوينديا/ ماركو جوانزليس كنماذج أولية وتحضيرية أكثر من كونها أشخاص.

ولكن تعد «موكندو» مكان عميقًا وغنيًا بالأحداث ومن الرائع استكشافه والتعرف على مخابئه فالأزياء غنية بالتفاصيل ومثيرة للذكريات والمؤثرات الخاصة مبهجة من ألعاب التصوير والخدع  من الكائنات الحية التى تهز الأرض حرفيًا إلى طاعون، لا يدخر الإنتاج أى نفقات حيث ينقل المشاهدين إلى مكوندو الأكثر كثافة بصريًا وأكثر إقناعًا مما تخيلت وليس هناك مفر من أن هذا العالم الغنى هو جزء من عقل ماركيز الملتوى، قد يكون بطلًا أدبيًا لكن الرجل كان لديه أفكار وآراء ضارة حول الجنس والنوع الاجتماعى.

حيث يسلط عمله باستمرار الضوء على ممارسة الجنس مع القاصرين والامتياز الذكورى الذى يحفز الاستغلال الجنسى حيث نرى هذه الديناميكية بين العقيد «اورليانو بوينديا»/ كلاوديو كاتانيو وشريكه «ريمديوس موسكوتى»/ كريستال اباريسيو فى اختيار عروس قاصرة ولم تصل سن البلوغ ويصورها المسلسل والرواية أنها أسعد امرأة أن ريميديوس مسكينة ونقية بشكل لا يستحقه العالم، حيث تموت أثناء الحمل بطفلها الأول ما يمنح العقيد مزيدًا من التعقيدات الشخصية والعائلية جراء نتيجة الاقتران بالطفلة ابنة الحاكم، وهذا ليس المثال الوحيد فهناك كيف يجد «اركاديو» /جانر فيلاريال شريكة حياته بعد أن حاول اغتصاب والدته بيلار تيرنيرا/ فيينا ماتشادو- على الأقل لا يعرف أنها أمه- تدفع بيلار لسانتا صوفيا/ جوهانا أنجولو للذهاب إلى غرفة أركاديو بدلًا منها ومن وقتها لا نعلم شيئًا عنها ولا تلميحات بسيطة عنها وعلاقتها باركاديو، لكن نتفاجأ ببطنها المنتفخة جراء الحمل.

بيلار تنجب من طفلى بوينديا وأقول أطفال لأنها بالغة ومارست الجنس مع قاصرين وحملت منهما، إلا أن الرواية والمسلسل يصورها مثيرة ورومانسية ورائحة التبغ تفوح من مسام جسدها.
عاش هؤلاء فى منزل خوسيه بوينديا، الممتلئ بالأحفاد الذين يحملون أسماء متشابهة لكن لعظمة تكوين شخصيات ماركيز وتفردها الشديد فلم تتشابه علينا الأسماء أو الشخصيات.