توابع تراجع التضخم.. انخفاض مستوى الأسعار.. وتحسن القدرة الشرائية للمواطن
شهدت مصر تراجعًا فى معدل التضخم السنوى فى نوفمبر ٢٠٢٤، حيث انخفض إلى ٢٥.٥٪ مقارنة بـ٢٦.٥٪ فى أكتوبر من نفس العام، ليعكس تحسنًا طفيفًا فى الأسعار بعد فترة طويلة من الارتفاعات المستمرة.
ورأى عدد من خبراء الاقتصاد والمصرفيين أن هذا التراجع ينعكس على استقرار الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، لافتين إلى أنه يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والنقدية التى اتبعتها الحكومة والبنك المركزى المصرى، بما فى ذلك جهود ضبط الأسعار وزيادة الإنتاج المحلى.
كما رأو أن تراجع التضخم لا يعنى بالضرورة استقرارًا طويل الأمد؛ لأن هناك عوامل داخلية وخارجية تؤثر على الأسعار، مثل تقلبات الأسواق العالمية وأسعار السلع الأساسية.
واتفقوا على أن تراجع التضخم يسهم فى تخفيف الضغوط على البنك المركزى؛ لتبنى سياسة نقدية أكثر مرونة، مستبعدين خفض سعر الفائدة فى الاجتماع المقبل، مرجحين تثبيت الفائدة؛ للتأكد من استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
توقعات باستمرار الانخفاض إلى أقل من 15% بحلول 2026
أشاد محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، بالقرارات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة المصرية والإجراءات التى نفذها البنك المركزى، والتى أسهمت بشكل كبير فى تراجع معدل التضخم إلى ٢٥.٥٪ خلال شهر نوفمبر الماضى، مؤكدًا أن هذه القرارات كان لها تأثير إيجابى فى تحجيم الضغوط التضخمية، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى واجهتها البلاد فى الفترة الأخيرة.
وأشار إلى أن السياسات النقدية التى اتبعها البنك المركزى، مثل رفع معدلات الفائدة بشكل تدريجى، كانت من أبرز العوامل التى ساعدت فى السيطرة على التضخم، موضحًا أن هذه السياسات أسهمت فى تقليص معدل التضخم بشكل ملحوظ، ما يفتح المجال أمام تحسين الاستقرار الاقتصادى فى المستقبل.
وتوقع أن يشهد ٢٠٢٥ تراجعًا إضافيًا فى معدلات التضخم، ومن المتوقع أن ينخفض إلى ما دون ٢٠٪، مشيرًا إلى أن الاتجاه التصاعدى فى تراجع التضخم سيستمر؛ ليصل إلى أقل من ١٥٪ بحلول عام ٢٠٢٦، ما يعكس نجاح الحكومة فى السيطرة على هذه المشكلة الهيكلية.
وأشاد بإجراءات الحكومة الرامية إلى ضبط الأسعار، بالإضافة إلى جهود البنك المركزى فى الحد من الضغوط التضخمية عبر سياسات نقدية محكمة، مؤكدًا أن استمرار هذه السياسات سيُسهم فى تحقيق استقرار اقتصادى، ويعزز من جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويساعد فى تحسين قدرة المواطنين الشرائية وتحقيق استدامة للنمو الاقتصادى على المدى الطويل.
«المركزى» يستمر فى تثبيت الفائدة
أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن تراجع التضخم إلى ٢٥.٥٪ يمثل تطورًا إيجابيًا، ويعكس نجاح الجهود الحكومية فى تحسين الأوضاع الاقتصادية، لكنه غير كافٍ إذا ما قورن بمستهدفات البنك المركزى لخفض التضخم إلى مستويات أقل.
وقال «السيد» إن تحسن أسعار السلع الأساسية، مثل الخضروات واللحوم كان له أثر كبير فى تحقيق هذه النتائج، لكن تظل أسعار بعض السلع الأخرى، مثل الزيوت والدهون مرتفعة، ما قد يحد من قدرة المواطنين على تحمل الأعباء المالية.
وأشار إلى أن استمرار تراجع التضخم مستقبلًا يعتمد على استقرار الاقتصاد العالمى والمحلى، وكذلك على فاعلية السياسات النقدية والمالية فى السيطرة على الأسعار.
وأوضح أن هناك العديد من العوامل التى قد تؤثر فى التضخم فى المستقبل، مثل تذبذب أسعار النفط والتطورات الجيوسياسية التى قد تؤثر على الأسواق العالمية. وبالنسبة لسعر الفائدة، لفت إلى أن تراجع التضخم قد يسهم فى تقليل الضغوط على البنك المركزى لتثبيت سعر الفائدة، متوقعًا أن يفضل البنك المركزى تثبيت الفائدة فى الاجتماع المقبل حتى تتضح الصورة بشكل أكبر.
تحسن سلاسل الإمداد وزيادة الإنتاج المحلى يخففان الضغوط التضخمية
قال هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى، إن تراجع التضخم إلى ٢٥.٥٪ فى نوفمبر يعد خبرًا جيدًا من حيث التحكم فى الضغوط التضخمية التى شهدتها مصر فى الفترة الماضية.
وأشار إلى أن هذا التراجع يرجع بشكل أساسى إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية، مثل الخضروات واللحوم والحبوب، التى تشكل جزءًا كبيرًا من سلة المستهلك، مضيفًا أن تحسن سلاسل الإمداد وزيادة الإنتاج المحلى قد يكون لهما دور كبير فى تخفيف هذه الضغوط.
ورأى أنه من الصعب التنبؤ بما إذا كان هذا التراجع سيستمر فى المستقبل، بالنظر إلى العوامل الاقتصادية الداخلية والخارجية التى تؤثر على الاقتصاد المصرى، مثل التطورات العالمية فى أسعار النفط والسلع الأساسية، منوهًا بأن استمرار السياسات الحكومية الهادفة إلى ضبط الأسعار سيكون له تأثير إيجابى فى الحد من التضخم.
من ناحية أخرى، أشار إلى أن تراجع التضخم قد يخلق ضغوطًا على البنك المركزى المصرى لتخفيف السياسة النقدية، وخصوصًا بعد أن ارتفعت أسعار الفائدة بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
واستطرد بأن هناك العديد من العوامل التى يجب أخذها فى الاعتبار، مثل استقرار الاقتصاد المصرى والنمو المستدام، ما قد يدفع البنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل.
تثبيت أسعار الطاقة لمدة 6 أشهر «عامل حاسم» للتراجع
اعتبر وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، تراجع التضخم إلى ٢٥.٥٪ يشير إلى تحسن ملحوظ فى أداء الاقتصاد المصرى، خاصة على مستوى ضبط الأسعار.
وأوضح أن هذا التراجع يعكس نجاحًا فى بعض السياسات النقدية والاقتصادية التى اتخذتها الحكومة والبنك المركزى، بما فى ذلك تثبيت أسعار الطاقة لمدة ٦ أشهر منذ أكتوبر الماضى التى تمثل أحد العوامل الرئيسة فى تأثير التضخم على الحياة اليومية للمواطنين. وأضاف أن استمرار انخفاض التضخم يعتمد بشكل أساسى على استقرار الأسواق العالمية وأسعار السلع الأساسية، لافتًا إلى أن استمرار الحكومة فى تنفيذ برامج للإصلاح الاقتصادى وتحسين سلاسل الإمداد سيعززان من التوقعات الإيجابية فى المستقبل.
وأشار إلى أنه رغم هذه الإيجابيات، قد تواجه مصر تحديات كبيرة فى المستقبل؛ نتيجة للأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة، مثل الارتفاعات فى أسعار النفط والسلع الأساسية، والتى قد تؤثر سلبًا على الأسعار فى مصر. وبخصوص سعر الفائدة، أشار إلى أن تراجع التضخم قد يخفف من الضغوط على البنك المركزى، مضيفًا أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة مقارنة بالأهداف الموضوعة، ما قد يدفع «المركزى» إلى تثبيت أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل، لحين استقرار الوضع بشكل أكبر.
المعدل لا يزال بعيدًا عن «المستهدفات»
قالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن تراجع التضخم إلى ٢٥.٥٪ فى نوفمبر يمثل خطوة إيجابية نحو استقرار الاقتصاد، خاصة أن هذا التراجع جاء مدفوعًا بانخفاض أسعار بعض السلع الأساسية.
وأضافت أن هذا التراجع يُعتبر نتيجة مباشرة لتحسن بعض القطاعات الاقتصادية، مثل الزراعة، التى أسهمت فى زيادة الإنتاج المحلى، لكن التضخم لا يزال مرتفعًا مقارنة بالمستهدفات، لذا يجب العمل على ضبط الأسعار وتوفير السلع الأساسية للمواطنين، خاصة فى ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.
أما عن تأثير هذا التراجع على سياسة البنك المركزى، أكدت أن التراجع فى التضخم قد يدفع البنك المركزى إلى تبنى سياسة نقدية أكثر مرونة فى المستقبل، ما قد يشمل خفض سعر الفائدة، لكن فى الوقت نفسه، شددت على أن البنك المركزى سيظل حذرًا فى اتخاذ قراراته، إذ إن هناك العديد من العوامل الاقتصادية التى تحتاج إلى مراقبة دقيقة قبل اتخاذ خطوات جديدة.
استمرار «التشديد النقدى» حتى تتضح الصورة
توقع الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، والخبير الاقتصادى، أن يثبت البنك المركزى سعر الفائدة فى الاجتماع المقبل، يوم ٢٦ ديسمبر الجارى.
وشدد على ضرورة عدم خفض الفائدة فى الوقت الحالى كإجراء تحوطى، بهدف مراقبة وتتبع مستويات الأسعار على المدى القريب، مشيرًا إلى أن تأثير الارتفاعات الأخيرة فى أسعار الكهرباء والمحروقات والاتصالات على مؤشر أسعار المستهلك يجب أن يُدرس بعناية من خلال متابعة التغيرات فى الأسعار التى يدفعها المستهلكون على مدار الوقت.
وأضاف أن البنك المركزى يتبع سياسة التشديد النقدى، التى تعنى رفع معدلات الفائدة أو إبقائها مرتفعة كما هى، بناءً على توصيات صندوق النقد الدولى، باعتبار ذلك أداة فعالة فى كبح التضخم وسحب السيولة الزائدة من السوق.
وأشار إلى أن الأموال الساخنة الموجودة فى مصر تبحث دائمًا عن معدلات فائدة مرتفعة؛ لذا فإن أى خفض فى الفائدة قد يؤدى إلى خروج جزء كبير من هذه الأموال، ما سيؤثر سلبًا على استقرار سعر الصرف وقيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار.