الدولار 50+.. اقتصاديون: لا داعى للقلق.. والزيادة واردة فى ظل «السعر المرن»
كعادتهم فى تمنى الشر لمصر والمصريين، وجد أنصار جماعة «الإخوان» ضالتهم فى الزيادة الطفيفة التى شهدها سعر صرف الدولار أمام الجنيه، ليبدأوا صراخهم الذى صاروا أصحاب خبرة فيه، مستهدفين من وراء ذلك تمرير رسائل خبيثة عن الاقتصاد المصرى، فى إطار محاولات زعزعة استقراره الذى تحقق من خلال إجراءات إصلاحية أشاد بها مختلف المؤسسات الاقتصادية الدولية.
خرجوا ليصرخوا حول تجاوز سعر الدولار حاجز الـ٥٠ جنيهًا، متناسين أن مصر تطبق سياسة «سعر الصرف المرن»، التى تعنى تحديد سعر الدولار فى السوق وفقًا للعرض والطلب، وبالتالى فإن زيادته أو انخفاضه فى أى وقت أمر وارد الحدوث، ولا يشير إلى أى شىء ينذر بالخطر، الذى تمنوه- وما زالوا- لمصر.
كما تناسى هؤلاء أن توافر الدولار فى البنوك خلال الآونة الأخيرة أقوى دليل على نجاح تطبيق هذه السياسة، خاصة فى ظل توافر رصيد جيد من الأصول المالية الأجنبية، بما لا يجعل فى توفير العملة الصعبة بالأسواق أمرًا صعبًا، وبالتالى نقول لهم، ومعنا مجموعة من الخبراء الاقتصاديين يتحدثون، لـ«الدستور»، فى السطور التالية: العبوا غيرها.. لم يعد أحد يصدق ما تروجون له من «فنكوش».
التغيرات الطفيفة الأخيرة طبيعية ومتوقعة
قال الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، إن الوضع الاقتصادى فى مصر يظل مستقرًا، رغم الارتفاعات الطفيفة فى سعر الدولار، وذلك بفضل إقرار سياسة سعر الصرف المرن، التى تعكس درجة عالية من الشفافية فى إدارة السياسة النقدية.
وأضاف «السيد»: «هذه الارتفاعات الطفيفة تغيرات طبيعية ومتوقعة، وفقًا لمعادلة العرض والطلب على الدولار فى السوق المحلية، خاصة مع تزايد الطلب على العملة الأجنبية من قبل المستوردين استعدادًا لشهر رمضان الكريم».
وواصل: «ارتفاع الدولار ووصول سعره لـ٥٠ جنيهًا ظاهرة صحية وطبيعية، فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، التى تستجيب خلالها السوق بشكل مرن للمؤثرات الداخلية والخارجية، ما يعزز الثقة فى الاقتصاد المصرى».
وأكمل: «هذا الارتفاع تزامن مع استعدادات الدولة المبكرة لتوفير السلع الأساسية وتخزينها، لتلبية احتياجات السوق خلال رمضان، ما يُظهر قدرة الحكومة على التكيف مع الاحتياجات السوقية وضمان الاستقرار».
وتابع: «هذه التغيرات فى سعر الصرف مؤشر إيجابى على تعافى الاقتصاد المصرى، لأن مرونة سعر الصرف تعمل على تحسين قدرة الاقتصاد على مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية والمحلية». واختتم: «الشفافية فى إدارة السياسة النقدية تعزز الثقة بين المستثمرين، سواء المحليون أو الأجانب، ما يسهم فى زيادة الاستثمارات وتحقيق النمو المستدام».
جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية
وصف الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، تطبيق سياسة سعر الصرف المرن بأنه خطوة استراتيجية مهمة أسهمت فى تعزيز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى. وقال «هلال»: «هذه السياسة أسهمت فى خلق بيئة أكثر شفافية واستقرارًا، ما دفع العديد من المستثمرين الأجانب إلى العودة مرة أخرى إلى السوق المصرية، خاصة بعدما أصبحوا الآن أكثر قدرة على التنبؤ بمستقبل العملة المصرية، ومرونة سعر الصرف تتيح لهم التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، دون الخوف من حدوث تقلبات حادة فى الأسعار». وأضاف: «الاستثمارات الأجنبية المباشرة شهدت زيادة ملحوظة بعد استقرار سعر الصرف، خاصة فى قطاعات مثل الطاقة والعقارات والتكنولوجيا، ما يعكس عودة ثقة المستثمرين فى مناخ الاستثمار المصرى»، مؤكدًا أنه من أبرز نتائج سياسة سعر الصرف المرن عودة ما تسمى «الأموال الساخنة» للاستثمار فى أدوات الدين الحكومية مثل السندات وأذون الخزانة، بعدما أصبحت السوق المصرية أكثر جاذبية للاستثمارات قصيرة الأجل، ما يعكس زيادة الثقة فى قدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد بشكل مرن وفعال.
وتابع «هلال»: «هذه النتائج تتزامن مع تحسن مستمر فى الاحتياطى النقدى، وتزايد تدفقات العملات الأجنبية من خلال التحويلات والصادرات، ما يسهم فى استقرار الجنيه المصرى»، مشيرًا ألى أن هذه السياسات ستظل تلعب دورًا محوريًا فى تحقيق النمو الاقتصادى المستدام، وتعزيز مكانة مصر على الساحة الاقتصادية العالمية.
انعكاس لاستقرار السوق وإدارة التضخم
رأى الدكتور أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، أن سياسة سعر الصرف المرن خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق استقرار طويل الأمد للاقتصاد الوطنى، مؤكدًا أن التحرك فى سعر الدولار ضمن النطاق المحدد من ٤٪ إلى ٥٪ شهريًا، يعتبر أمرًا طبيعيًا، ولا يشير إلى أى مشاكل اقتصادية جذرية، بل على العكس يعكس استقرار السوق المصرية، وقدرة الحكومة على إدارة التضخم والعجز المالى. وأوضح «معطى» أن «أهم ما يميز سياسة سعر الصرف المرن أنها ساعدت فى تقوية الاحتياطى النقدى الأجنبى، ما يعزز قدرة مصر على مواجهة أى تحديات اقتصادية قد تطرأ، سواء كانت محلية أو عالمية، فهذا النظام يساعد فى تحقيق استدامة فى تحركات السوق المالية، ما يسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، التى تسهم فى دعم الاقتصاد».
وأضاف: «فى ظل هذه السياسة، ستكون الحكومة قادرة على التوسع فى مشروعات التنمية المختلفة، ما يسهم فى تحسين الأداء الاقتصادى بشكل عام»، متوقعًا أن يشهد الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة مزيدًا من الاستقرار، على ضوء استمرار التدفقات النقدية المرتفعة، وزيادة الصادرات والتحويلات من المصريين العاملين بالخارج.
فتح الباب لمزيد من تحويلات المصريين فى الخارج
قال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن سياسة سعر الصرف المرن لها تأثيرات إيجابية ملموسة على عدة جوانب من الاقتصاد الوطنى، خاصة فيما يتعلق بتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وارتفاع الاحتياطى النقدى. وأضاف «الإدريسى»: «سياسة سعر الصرف المرن أسهمت فى تعزيز ثقة المصريين بالخارج فى النظام المالى المصرى، ما دفعهم إلى زيادة تحويلاتهم إلى مصر، وهذه التحويلات تعتبر مصدرًا مهمًا للعملة الأجنبية»، لافتًا إلى أن «توافر سعر صرف مرن يوفر للأفراد القدرة على تحويل أموالهم بسهولة دون القلق من تقلبات مفاجئة فى قيمة الجنيه». وأوضح أن هذه التحويلات شهدت زيادة ملحوظة فى الأشهر الأخيرة، لتسجل رقمًا قياسيًا بلغ ٢٠.٨ مليار دولار، فى الفترة من يناير إلى سبتمبر ٢٠٢٤، مؤكدًا أن هذه الزيادة فى التحويلات أسهمت بشكل مباشر فى ارتفاع الاحتياطى النقدى المصرى، الذى وصل إلى نحو ٤٦.٩ مليار دولار. واختتم الخبير الاقتصادى بقوله: «الاستقرار فى سعر الصرف ساعد فى تعزيز قدرة مصر على استيراد السلع الضرورية، دون التأثير الكبير على استقرار العملة، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطنى ككل».
ضرورة لمواجهة تقلبات السوق العالمية
أكد الدكتور محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، أن سياسة سعر الصرف المرن خطوة إيجابية، باعتبارها الخيار الأنسب لمواجهة تقلبات السوق العالمية، وتوفير بيئة مستقرة للجهاز المصرفى.
وأضاف «عبدالعال»: «هذه السياسة تعكس التحول إلى مزيد من الشفافية، لأنها تسمح بتحرك سعر العملة بحرية وفقًا للعرض والطلب، ما يسهم فى تقليل الضغط على الاحتياطى النقدى الأجنبى».
وواصل: «هذا النظام أدى إلى استقرار نسبى لسعر صرف الدولار على مدار الأشهر الماضية، ما يطمئن المستثمرين ويعزز من ثقتهم فى الاقتصاد المصرى»، مشددًا على أهمية هذا التحول فى تعظيم قدرة البنوك المحلية على تلبية احتياجات السوق من العملة الصعبة.
ونبه إلى أن تحويلات المصريين فى الخارج تعد من العوامل الرئيسية التى تسهم فى تعزيز استقرار سعر الصرف، لأنها تسهم بشكل كبير فى زيادة المعروض من الدولار داخل السوق المصرية، ما يقلل ضغط الطلب عليه، هذا إلى جانب ارتفاع استثمارات الأدوات المالية الحكومية مثل السندات وأذون الخزانة، التى تعد عاملًا داعمًا لاستقرار العملة المحلية.