بدعم خارجى.. هل اقترب "الجولانى" رجل الجماعات الإرهابية من إسقاط سوريا؟
أثار الهجوم المفاجئ الذي شنته الجماعات المسلحة في سوريا نهاية نوفمبر الماضي والسيطرة على مدينتي حلب وإدلب ودخول مناطق في حماة وحمص، الجدل بشأن هذه التنظيمات التي قادتها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي تطلق على نفسها "هيئة تحرير الشام" بقيادة محمد الجولاني.
ومع استمرار تقدم الجماعات المسلحة تحت إمرة الجولاني بدأ الترويج له من قِبل الدول الداعمة له، فقد خرج في لقاء مع قناة "CNN" الأمريكية اليوم معلنًا عن أن هدفهم الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد وتشكيل نظام جديد في سوريا.
لماذا سقطت سوريا فجأة بيد الجماعات المسلحة؟
هذا فيما قالت صحيفة "نيويوركر" الأمريكية في تقرير لها، إن العقوبات الأمريكية ضد سوريا وتورط إيران وروسيا في حروب أخرى خلق فرصة للجماعات المتمردة للتغلب على الجيش السوري.
وأوضحت الصحيفة أن هجوم الجماعات المسلحة كان مذهلًا وفاجأ بشار الأسد، حيث سيطرت على حلب وإدلب وحماة وعلى الرغم من التعهدات التي قطعتها حكومتا روسيا وإيران الاثنتين بزيادة دعمهما للجيش السوري، استمر تقدم المجموعات المسلحة لتشهد سوريا مرحلة جديدة.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه الهجمات امتداد للأزمة المستمرة في سوريا منذ 2011 والتي تحولت إلى حرب أهلية ثم حرب بالوكالة بين الدول داخل الأراضي السورية، ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف وملايين اللاجئين السوريين.
التجاهل الأمريكي لجبهة النصرة ودعم الحلفاء مكنها في سوريا
وفي تصريحات للصحيفة قال فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إنه صدم بسبب السرعة التي تمكنت بها الجماعات المسلحة من استعادة أجزاء كبيرة من شمال غرب سوريا، بما في ذلك حلب. فقد كان هذا زلزالًا عسكريًا، فضلًا عن السرعة التي انهارت بها العديد من وحدات الجيش السوري ما يوضح أن الجيش والحكومة السورية يعانيان من نقاط ضعف كبيرة.
وقال جرجس إن المحرك الرئيسي وراء هذه الجماعات هي هيئة تحرير الشام والتي هي في الأساس جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وقد غيرت اسمها لأنها أرادت إرسال رسالة واضحة إلى مؤيديها الإقليميين، وخاصة تركيا وقطر، وكذلك إلى المجتمع الدولي، بأنها لم تعد دولة إسلامية.
وأوضح جرجس أن هيئة تحرير الشام ستتولى قيادة أي تقدم، وأي مكاسب عسكرية، تحققها المعارضة في سوريا، مؤكدًا أن التحالف الدولي ضد داعش بقيادة واشنطن تجاهل استهداف "جبهة النصرة" ما جعلها جماعة المعارضة المهيمنة في سوريا، حيث لم يستهدف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام بشكل منهجي، وتجنب قتل كبار قادتها، وخاصة أبومحمد الجولاني.
أبومحمد الجولاني.. زعيم الإرهاب يغير جلده بتوجيهات الداعمين
وقالت الصحيفة إن أبومحمد الجولاني بتغيير مسماه وكذلك جبهة النصرة هدف إلى إرسال رسائل مباشرة وغير مباشرة إلى كل من الجهات الفاعلة الإقليمية والولايات المتحدة بأنه لم يعد جزءًا حقيقيًا من تحالف القاعدة، بل إنه قدم بعض المعلومات الاستخباراتية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حول كبار قادة داعش.
وبحسب فواز جرجس أرادت الولايات المتحدة دق إسفين بين جبهة النصرة وداعش، وركزت بشكل أساسي على داعش، لأنها تمثل تهديدًا أكبر للمصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة، وأيضًا بسبب العلاقة بين تركيا وقطر وجبهة النصرة.
وأكد جرجس أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا أدت إلى تدمير الاقتصاد السوري حيث يحتاج 98% من الشعب السوري، وفقًا للوكالات الإنسانية، إلى مساعدات إنسانية، بل إن الجيش السوري لا يحصل على التغذية التي يحتاجها لجنوده ووحداته.
ضعف الحلفاء يسقط حكومة سوريا
وكشف الخبير الدولي عن أن الهجمات الإسرائيلية المنهجية ضد الجيش السوري في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية فرضت ضريبة باهظة على عملية صنع القرار، والبنية الأساسية، والمعنويات، والوحدات، والقيادة. فقد خسر الجيش السوري نحو مائة ألف جندي منذ عام 2011.
وتابع: "بهذا المعنى، فإن هيئة تحرير الشام والمعارضة والمتمردين يدركون جيدًا نقاط ضعف الأسد. فليس لديك اقتصاد منهار فحسب، وليس لديك فقر مدقع فحسب، وليس لديك جيش جائع فحسب، بل إن الهجمات الإسرائيلية حولت نفس الجيش إلى ظل لما كان عليه في السابق".
كذلك الداعمون الرئيسيون لحكومة الأسد على المستويين الإقليمي والعالمي مشغولون بمكان آخر. فقد سحبت روسيا معظم قواتها من سوريا في السنوات الثلاث الماضية واستهدفت إسرائيل بشكل منهجي الأصول الإيرانية في سوريا، كما استهدفت وحدات حزب الله، وفي العام الماضي، بدأت إيران في سحب معظم أصول قيادتها من سوريا لأنها استهدفت وقتلت.
وأضاف: "كل هذه العوامل أدت إلى هذه اللحظة، وقد أدركت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها أن هناك فرصة سانحة، وضربت بقوة. وجاء هجومهم المفاجئ في نفس اليوم الذي وقعت فيه إسرائيل وحزب الله اتفاق وقف إطلاق النار".