القمة العالمية للأمن الغذائى
قمة مهمة عقدتها دولة الإمارات الشقيقة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، «فاو»، والمنظمة الإسلامية للأمن الغذائى، ناقشت خلال الأيام الأربعة الماضية، سبل تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، ودعم نظم الغذاء، من خلال حوار بنَّاء، يساعد الدول فى التحول إلى نظم غذائية مستدامة، تضمن الغذاء الصحى والآمن للأجيال الحالية، وتحفظ حقوق الأجيال القادمة فى الموارد الطبيعية المحدودة، وتحقق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، المتعلقة بالقضاء على الجوع وسوء التغذية.
مشكلة انعدام الأمن الغذائى فى محيطنا الإقليمى، وبعض مناطق العالم، باتت تشكل تحديًا متزايدًا، بسبب الأزمات الدولية المتلاحقة، بدءًا من وباء كورونا، مرورًا بالأزمة الروسية- الأوكرانية، وليس انتهاء بالتوترات الحالية، التى تشهدها المنطقة، وتأثيرات التغيرات المناخية، و... و... وكلها، وضعت تحقيق الأمن الغذائى وبناء نظم غذائية صحية وآمنة ومستدامة، محليًا وإقليميًا ودوليًا، أمام تحديات حادة ومتشابكة، خلال الفترة الأخيرة، تمثّل أهمها فى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وارتفاع نسبة الفاقد والهدر من الأغذية، إضافة إلى تأثيرات الصدمات المرتبطة بالكوارث الطبيعية والأوبئة التى واجهها العالم.
جهود الدولة المصرية لتحقيق الأمن الغذائى، خلال السنوات العشر الماضية، استعرضها علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أمام الجلسة الافتتاحية للقمة، مشيرًا إلى دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى غير المسبوق، لتطوير قطاع الزراعة وتحقيق درجة أعلى من الأمن الغذائى وتوفير المواد الخام الزراعية اللازمة للصناعات الوطنية، من خلال التوسع الزراعى الرأسى، الذى يهدف إلى زيادة إنتاجية وحدتى الأرض والمياه، والتوسع الأفقى بمشروعات زيادة الرقعة الزراعية، من بينها مشروع الـ١.٥ مليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة، بمساحة ٢.٢ مليون فدان، بالإضافة إلى مشروعات الاستصلاح بأراضى توشكا وشرق العوينات، والتوسع فى مشروعات الاستزراع السمكى، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة، واستنباط أصناف نباتية عالية الإنتاجية من المحاصيل الاستراتيجية.
عربيًا، ولكون دول المنطقة من أكثر الدول استيرادًا للغذاء، فى العالم، أظهر وباء كورونا، ثم الأزمة الروسية- الأوكرانية، خطورة الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية، خاصة فى الحبوب، التى تمثل نصف فجوة الغذاء العربية. وعليه، شدّدت مصر، بلسان رئيسها، فى سبتمبر ٢٠٢٢، أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة التعامل مع أزمة الأمن الغذائى، وطرحت استراتيجية متكاملة تستهدف أسبابها الجذرية، تقوم على تطوير نظم الزراعة والغذاء المستدامة، وتلبية الاحتياجات العاجلة للدول النامية، وضمان مشاركة منتجاتها فى سلاسل الإمداد دون عوائق. واستنادًا إلى موقعها الجغرافى الفريد، أعلنت عن استعدادها التعاون مع المجتمع الدولى، من أجل إنشاء مركز دولى لتخزين وتوريد وتجارة الحبوب، على أرضها.
بناء أنظمة غذائية أكثر استدامة، يتطلب التركيز على دعم مخرجات البحث العلمى التطبيقى، والاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر، والبحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم الأمن الغذائى، والتعاون مع شركاء التنمية لتقديم برامج تمويلية ميسرة لدعم التنمية الزراعية بالدول، بالإضافة إلى استخدام البذور المحسنة وتحسين السلالات، مع دعم برامج التعداد الزراعى، الذى يعكس حالة الأمن الغذائى للدول، تمهيدًا لوضع الحلول المناسبة لها، مع ربط الاستثمارات الخارجية بخطط التنمية المحلية، خاصة المعنية بمشروعات الأمن الغذائى، وتعزيز نظم السلامة الغذائية فى جميع مراحل الإنتاج، وتعزيز المنتجات ذات القيمة المضافة، وإزالة العوائق الفنية أمام انسياب وتبادل السلع الزراعية بين الدول، وأيضًا دعم استقرار الدول والتعايش السلمى وإنهاء الصراعات.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الدولة المصرية تسعى مع أشقائها العرب والأفارقة إلى تحقيق قدر كبير من التكامل، ودعم البنية التحتية واللوجستيات، بهدف توفير الغذاء الآمن والصحى والمستدام، وبناء أنظمة زراعية وغذائية أكثر صمودًا وأكثر استدامة، فى مواجهة الأزمات أو الصدمات. غير أن تقليص فجوة الغذاء العربية والإفريقية، يتطلب تفعيل آلية تمويل تضمن تدفق رءوس الأموال بشكل دائم، وتشجّع الاستثمار فى المشروعات المستدامة، التى تهدف إلى رفع قدراتنا، وقدرات الدول الشقيقة، فى مجالات الطاقة النظيفة والزراعة الذكية.