رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ترامب.. بين طموحات MAGA وأوهام تل أبيب!

فى‭ ‬ظل‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الهش‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬لبنان،‭ ‬الذى‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال» ‬‭ ‬بـ«المهمة‭ ‬المستحيلة‮» ‬‭‬Mission Impossible‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تضمنته‭ ‬الوثيقة‭ ‬السرية‭ ‬لاتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬من‭ ‬سماح‭ ‬واشنطن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بطلعات‭ ‬جوية‭ ‬استطلاعية‭ ‬فوق‭ ‬لبنان،‭ ‬بشرط‭ ‬ألا‭ ‬تخترق‭ ‬حاجز‭ ‬الصوت،‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬انتهاكًا‭ ‬للسيادة‭ ‬اللبنانية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الجيش‭ ‬اللبنانى‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬التامة‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬نهر‭ ‬الليطانى،‭ ‬ومنع‭ ‬تحرك‭ ‬أسلحة‭ ‬تخص‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬جنوبه،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التى‭ ‬لن‭ ‬تنقطع‭ ‬فى‭ ‬الجنوب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استهداف‭ ‬من‭ ‬تسميهم‭ ‬‮«المشتبه‭ ‬بهم»‬‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬أراضيهم‭ ‬اللبنانية.. فى‭ ‬ظل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره،‭ ‬تبدو‭ ‬غزة‭ ‬إشكالية‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬للصراع‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأمام‭ ‬طموحات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والذى‭ ‬يُعوِّل‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬قدوم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬المُنتخب،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فى‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬المقبل‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬فوز‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬فى‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ليأتى‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنتنياهو‭..‬ فبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬شهرًا‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭ ‬الذى‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬فى‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر ‭ ‬2023  تجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التحسن‭.. ‬فمنذ‭ ‬بداية‭ ‬العام،‭ ‬اغتالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬العليا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله،‭ ‬واخترقت‭ ‬صفوفهما،‭ ‬ونفذت‭ ‬ضربات‭ ‬دقيقة‭ ‬فى‭ ‬إيران‭.. ‬وفى‭ ‬الداخل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رأى‭ ‬شعبية‭ ‬نتنياهو‭ ‬تهبط‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬شهد‭ ‬شعبيته‭ ‬تبدأ‭ ‬فى‭ ‬التعافى‭.. ‬والآن،‭ ‬يرى‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬فرصة‭ ‬نادرة‭ ‬لإعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬شامل‭.. ‬وفى‭ ‬مقاومة‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬الهدنة،‭ ‬يتعهد‭ ‬نتنياهو‭- ‬بحافز‭ ‬قوى‭ ‬من‭ ‬جناحه‭ ‬اليمينى‭ ‬المتطرف‭- ‬بمضاعفة‭ ‬جهوده‭ ‬فى‭ ‬سعيه‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬‮«‬النصر‭ ‬الكامل‮»‬،‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬ذلك‭.. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬وإرساء‭ ‬الأساس‭ ‬لوجود‭ ‬أمنى‭ ‬إسرائيلى‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬فى‭ ‬الجزء‭ ‬الشمالى‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.. ‬يتضمن‭ ‬هذا‭ ‬السرد‭ ‬فرض‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬لبنان؛‭ ‬وتحييد‭ ‬وكلاء‭ ‬إيران‭ ‬فى‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن؛‭ ‬وفى‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬النووى‭ ‬للجمهورية‭ ‬الإسلامية‭.. ‬ويطمح‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحاكم‭ ‬الذى‭ ‬يرأسه‭ ‬نتنياهو‭ ‬أيضًا،‭ ‬إلى‭ ‬دفن‭ ‬احتمالات‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬فى‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يعتقد‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬الأخرى‭ ‬سوف‭ ‬توافق،‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬على‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.. ‬ومع‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬يشعر‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالثقة‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬سوف‭ ‬تدعمه‭.‬

هذا‭ ‬المخطط‭ ‬مُغرٍ،‭ ‬وحتى‭ ‬أنه‭ ‬يحمل‭ ‬منطقًا‭ ‬معينًا،‭ ‬ففى‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬يُنظَر‭ ‬إلى‭ ‬ترامب‭ ‬فى‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬باعتباره‭ ‬راعيًا‭ ‬قويًا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وأقل‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بالمعايير‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭- ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭- ‬من‭ ‬سلفه‭ ‬الديمقراطى‭ ‬بايدن‭.. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أرسل‭ ‬الرئيس‭ ‬المُنتخب‭ ‬بالفعل‭ ‬خططًا‭ ‬لاستئناف‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لتوسيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬إبراهام‭.. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الافتراضات‭- ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوة‭ ‬السلاح،‭ ‬أو‭ ‬الدرجة‭ ‬التى‭ ‬سيدعم‭ ‬بها‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭- ‬مُبالغٌ‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭.. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬النجاحات‭ ‬التكتيكية‭ ‬فى‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬فى‭ ‬غياب‭ ‬الترتيبات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تجلب‭ ‬الأمن‭ ‬الدائم‭.. ‬وقد‭ ‬تجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬غارقة‭ ‬فى‭ ‬حروب‭ ‬ساخنة‭ ‬متعددة،‭ ‬وهى‭ ‬مسئولة‭ ‬عن‭ ‬رفاهية‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬غير‭ ‬المقاتلين‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭.. ‬وسوف‭ ‬يتطلب‭ ‬كسب‭ ‬دعم‭ ‬العالم‭ ‬العربى،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هزيمة‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله،‭ ‬وسوف‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المُحتمل،‭ ‬طالما‭ ‬ظلت‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬الحالية‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬السلطة‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بتصرفاته‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬وقد‭ ‬تجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬معزولة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬دعمه‭.. ‬وفى‭ ‬سعيه‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬النصر‭ ‬الدائم،‭ ‬قد‭ ‬يكتشف‭ ‬نتنياهو‭ ‬أنه‭ ‬جعل‭ ‬وضع‭ ‬إسرائيل‭ ‬أكثر‭ ‬هشاشة‭.‬

●●●

تأتى‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬السلطة،‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬يبدو‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬تسير‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬إسرائيل‭.. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬فاجأها‭ ‬الهجوم‭ ‬الذى‭ ‬شنته‭ ‬حماس،‭ ‬نجحت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬خلال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬المكثفة‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬فى‭ ‬تدمير‭ ‬هيكلها‭ ‬القيادى‭ ‬وتدهور‭ ‬قدراتها‭ ‬تقريبًا‭.. ‬ومع‭ ‬مقتل‭ ‬يحيى‭ ‬السنوار،‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬أن‭ ‬ترتكب‭ ‬حماس‭ ‬هجومًا‭ ‬مشابهًا‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أصبحت‭ ‬معدومة‭ ‬تقريبًا‭.. ‬وألحقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضررًا‭ ‬مماثلًا‭ ‬بحزب‭ ‬الله،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يُخشى‭ ‬منه‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬باعتباره‭ ‬الذراع‭ ‬المركزية‭ ‬والأقوى‭ ‬فى‭ ‬‮«‬محور‭ ‬المقاومة‮»‬‭ ‬الإيرانى‭.. ‬فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اغتيال‭ ‬حسن‭ ‬نصرالله،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الله،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬الحزب،‭ ‬أدى‭ ‬التوغل‭ ‬البرى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬مخزون‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الضخم‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬والقذائف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬قامت‭ ‬الطائرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بطلعات‭ ‬متكررة‭ ‬فوق‭ ‬سوريا،‭ ‬وحتى‭ ‬قصفت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحوثيين‭ ‬فى‭ ‬اليمن،‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬ميل‭.. ‬واستولت‭ ‬وحدات‭ ‬الكوماندوز‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أصول‭ ‬عالية‭ ‬القيمة‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭.. ‬وأخيرًا،‭ ‬هناك‭ ‬إيران‭ ‬نفسها،‭ ‬التى‭ ‬تضررت‭ ‬مجمعاتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬بسبب‭ ‬الضربات‭ ‬التى‭ ‬شنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضى،‭ ‬فى‭ ‬عملية‭ ‬شملت‭ ‬ثلاث‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الطائرات،‭ ‬عطلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬مختبر‭ ‬أبحاث‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬ومرافق‭ ‬إنتاج‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى،‭ ‬وقاذفات‭ ‬أرض‭- ‬أرض،‭ ‬عبر‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬إيران‭.‬

قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التى‭ ‬تمت‭ ‬فى‭ ‬نوفمبر،‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الاحتكاك‭ ‬المتزايد‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬دعمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عسكريًا‭ ‬واقتصاديًا‭ ‬ودبلوماسيًا‭- ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لرئيس‭ ‬أمريكى‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭- ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أظهرت‭ ‬استياءً‭ ‬متكررًا‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬التى‭ ‬تدير‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬الحرب،‭ ‬وكان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى،‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬غالبًا‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬نتنياهو‭.. ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬اشتباكات‭ ‬مستمرة‭ ‬حول‭ ‬افتقار‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬التحمس،‭ ‬لمفاوضات‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وإحجامها‭ ‬عن‭ ‬توسيع‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.‬

بالنسبة‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬فإن‭ ‬فوز‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬فى‭ ‬الانتخابات‭ ‬كان‭ ‬سيُنذر‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬قيود‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإسرائيل‭.. ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يتصور‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬القادمة‭ ‬سوف‭ ‬تجلب‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكى‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬طموحات‭ ‬ترامب‭ ‬بـ«عودة‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬MAGA‭.. ‬وقد‭ ‬أعطى‭ ‬هذا‭ ‬الافتراض‭ ‬وقودًا‭ ‬جديدًا‭ ‬للتطلعات‭ ‬التوسعية‭ ‬لليمين‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الصاعد،‭ ‬الذى‭ ‬يأمل‭ ‬فى‭ ‬أنه‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يمحو‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬خصومه،‭ ‬قد‭ ‬يدرك‭ ‬كل‭ ‬المعارضين‭ ‬عبثية‭ ‬محاولة‭ ‬هزيمة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ويسعون‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬معها‭.. ‬وسوف‭ ‬تُعزز‭ ‬إسرائيل‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لبعض‭ ‬شركاء‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬الائتلاف‭.. ‬وسوف‭ ‬يعيش‭ ‬الجميع‭- ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬كل‭ ‬اللاعبين‭ ‬الإقليميين‭ ‬المهمين‭- ‬فى‭ ‬سعادة‭ ‬دائمة‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للآليات،‭ ‬فإن‭ ‬زُمرة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تنوى‭ ‬الاستمرار‭ ‬فى‭ ‬طحن‭ ‬حماس‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬عجينة‭ ‬حقيقية،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬لغزة‭.. ‬والآن،‭ ‬يعتمد‭ ‬زعماء‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬ترامب،‭ ‬الذى‭ ‬نصح‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضى،‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬عليه‭ ‬فعله‮»‬‭ ‬لإنهاء‭ ‬المهمة‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لم‭ ‬تبذل‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أى‭ ‬جهد‭ ‬جاد‭ ‬تقريبًا،‭ ‬للتخطيط‭ ‬للحكم‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭- ‬حيث‭ ‬أعاقت‭ ‬الجهود‭ ‬لإعادة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭- ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬سيبقى‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭.. ‬ويدفع‭ ‬أعضاء‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بقوة،‭ ‬لإعاقة‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة،‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬فى‭ ‬القطاع،‭ ‬بينما‭ ‬يطالبون‭ ‬أيضًا‭ ‬بضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وتسعى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬رأس‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬لبنان‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‭.. ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬الكيفية‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬يتعامل‭ ‬بها‭ ‬ترامب‭ ‬المُتقلب‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭- ‬والتى‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يعتبرها‭ ‬مصدر‭ ‬إزعاج‭- ‬تشكل‭ ‬دافعًا‭ ‬لتحريك‭ ‬العملية‭ ‬عبر‭ ‬خط‭ ‬النهاية‭ ‬قبل‭ ‬توليه‭ ‬منصبه‭.. ‬وتوافق‭ ‬إسرائيل‭- ‬بتصرف‭ ‬أمريكى‭- ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ ‬1701‭ ‬المُعدل‭- ‬القرار‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يُنهى‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬جزئيًا‭ ‬بإجبار‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬نهر‭ ‬الليطانى‭  ‬والذى‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يُكرس‭ ‬حرية‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭ ‬إذا‭ ‬انتُهِك‭ ‬الاتفاق‭.. ‬وتأمل‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيضًا،‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬الجيش‭ ‬اللبنانى‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬سلطته‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭.‬

وفى‭ ‬هذا،‭ ‬يرى‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭ ‬فرصة‭ ‬نادرة‭ ‬لإعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.. ‬والمحور‭ ‬الرئيسى‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬الجرىء‭ ‬هو‭ ‬تجنيد‭ ‬حلفاء‭ ‬إضافيين‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬إسرائيل‭.. ‬لقد‭ ‬أجبرت‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬لشن‭ ‬ضربات‭ ‬صاروخية‭ ‬ضد‭ ‬معاقل‭ ‬الحوثيين‭ ‬فى‭ ‬اليمن‭.. ‬وتدرك‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الدعم‭ ‬الدولى‭ ‬الواسع،‭ ‬الذى‭ ‬جاء‭ ‬لمساعدتها‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬خلال‭ ‬الهجوم‭ ‬الصاروخى‭ ‬المباشر‭ ‬الضخم،‭ ‬الذى‭ ‬شنته‭ ‬إيران‭ ‬فى‭ ‬أبريل‭ ‬الماضى،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬المظلة‭ ‬الواقية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تتألف،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬الأردن‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.. ‬وتأمل‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السوابق‭ ‬وتوسيع‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭.. ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬احتلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬مكانة‭ ‬بارزة‭ ‬فى‭ ‬التفكير‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬بشأن‭ ‬مهمة‭ ‬دولية‭ ‬محتملة‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإماراتيين‭ ‬قالوا‭ ‬إنهم‭ ‬لن‭ ‬يشاركوا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬دعوتهم‭ ‬رسميًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفلسطينيين‭.. ‬وتشكل‭ ‬إيران‭ ‬مسرحًا‭ ‬آخر،‭ ‬حيث‭ ‬تُفضل‭ ‬إسرائيل‭ ‬عدم‭ ‬العمل‭ ‬بمفردها‭.. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سيناريو‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬المباشرة‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭- ‬وهو‭ ‬السيناريو‭ ‬الذى‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يُتوَّج‭ ‬بتدمير‭ ‬البرنامج‭ ‬النووى‭ ‬لطهران‭ ‬والإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الملالى‭- ‬لم‭ ‬يتبنه‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬يُحرك‭ ‬المناقشة‭ ‬بين‭ ‬أقصى‭ ‬اليمين‭.‬

فى‭ ‬الفصل‭ ‬الأخير‭.. ‬تأمل‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬تؤدى‭ ‬هذه‭ ‬التفاعلات‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى،‭ ‬إلى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬دائمة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.. ‬ويتخيلون‭ ‬أن‭ ‬ولى‭ ‬العهد‭ ‬السعودى،‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬سيقود‭ ‬حملة‭ ‬الحكام‭ ‬العرب‭ ‬والإسلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يصطفون‭ ‬لتطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.. ‬وبهذا‭ ‬الحساب،‭ ‬سيكون‭ ‬ترامب،‭ ‬الذى‭ ‬زرع‭ ‬علاقات‭ ‬مثمرة‭ ‬مع‭ ‬السعوديين‭ ‬وجيرانهم‭ ‬الخليجيين‭ ‬خلال‭ ‬إدارته‭ ‬الأولى،‭ ‬بمثابة‭ ‬الورقة‭ ‬الرابحة‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل‭.. ‬ويراهن‭ ‬المتشددون‭ ‬فى‭ ‬الائتلاف،‭ ‬مثل‭ ‬وزير‭ ‬المالية،‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬ووزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومى،‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬على‭ ‬أنه،‭ ‬مع‭ ‬السماح‭ ‬لواشنطن‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالتصرف‭ ‬على‭ ‬هواها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬سيضطر‭ ‬الفلسطينيون‭- ‬المحرومون‭ ‬من‭ ‬رعاتهم‭ ‬التقليديين‭ ‬وباتت‭ ‬لديهم‭ ‬خيارات‭ ‬قليلة‭ ‬متبقية‭- ‬إلى‭ ‬الرضوخ‭ ‬لشروطهم‭.. ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يعنى‭ ‬هذا‭ ‬حرمانهم‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬دون‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية،‭ ‬وترك‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دون‭ ‬مساس‭.‬

●●●

ولكى‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬تتمتع‭ ‬طموحات‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينى‭ ‬بهذه‭ ‬القوة‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى،‭ ‬فمن‭ ‬الضرورى‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬كيف‭ ‬ينظر‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬إلى‭ ‬ترامب‭.. ‬يتوقع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭- ‬التى‭ ‬يديرها‭ ‬رجل‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬نتنياهو‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬أعظم‭ ‬صديق‭ ‬لإسرائيل‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬‭- ‬سوف‭ ‬تدعم‭ ‬بلادهم‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭.. ‬ويُضيف‭ ‬ترشيح‭ ‬ترامب‭ ‬لفريقه‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬المدافعين‭ ‬الأشداء‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مثل‭ ‬السيناتور‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو‭ ‬لمنصب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية،‭ ‬والحاكم‭ ‬السابق‭ ‬مايك‭ ‬هاكابى‭ ‬سفيرًا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والممثلة‭ ‬إليز‭ ‬ستيفانيك‭ ‬سفيرة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬قوة‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭.. ‬وخارج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬يأمل‭ ‬المسئولون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬فى‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬يواجهون‭- ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬ترامب‭- ‬مقاومة‭ ‬ضئيلة‭ ‬من‭ ‬العواصم‭ ‬الأخرى،‭ ‬فى‭ ‬خططهم‭ ‬لتكثيف‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬إيران‭.. ‬ففى‭ ‬أغسطس،‭ ‬حذرت‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬طهران‭ ‬وحلفاءها‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ستحملهم‭ ‬المسئولية‭ ‬إذا‭ ‬اختارت‭ ‬إيران‭ ‬التصعيد‭ ‬أكثر‭.. ‬كما‭ ‬جاءت‭ ‬إشارات‭ ‬مُطمئنة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬شركاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإقليميين،‭ ‬الذين‭ ‬يُهددهم‭ ‬أيضًا‭ ‬العدوان‭ ‬الذى‭ ‬ترعاه‭ ‬إيران‭.. ‬فقد‭ ‬لاحظ‭ ‬المسئولون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬اتفاقيات‭ ‬إبراهام‭ ‬صمدت‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وقد‭ ‬تابعوا‭ ‬المحادثات‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والسعودية،‭ ‬والتى‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬إقناع‭ ‬الرياض‭ ‬بالدخول‭ ‬فى‭ ‬صفقة‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الخارجية،‭ ‬يتعرض‭ ‬نتنياهو‭ ‬لضغوط‭ ‬تدفعه‭ ‬إلى‭ ‬الاستجابة‭ ‬لرغبات‭ ‬ائتلافه،‭ ‬الذى‭ ‬لولا‭ ‬دعمه‭ ‬لفقد‭ ‬منصبه‭.. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬هؤلاء‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير،‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأيديولوجيات‭ ‬اليمينية‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬يُعتقد‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أنهم‭ ‬متطرفون‭ ‬للغاية‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويُطالبان‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالاستمرار‭ ‬فى‭ ‬الضغط‭ ‬حتى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أعدائها‭.. ‬وفى‭ ‬غضون‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أعلن‭ ‬سموتريتش‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬تعنى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عام‭ ‬2025‭ ‬سيكون‭ ‬عام‭ ‬السيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فى‭ ‬يهودا‭ ‬والسامرة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الاسم‭ ‬الذى‭ ‬يُطلق‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.. ‬وقد‭ ‬أصبح‭ ‬إصرارهما‭ ‬العنيد،‭ ‬الذى‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬تكافل‭ ‬مع‭ ‬غرائز‭ ‬نتنياهو‭ ‬السياسية‭ ‬للبقاء،‭ ‬عقبة‭ ‬مستمرة‭ ‬أمام‭ ‬أعضاء‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية،‭ ‬الذين‭ ‬يُفضلون‭ ‬أن‭ ‬يُنهى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬هجومه‭.‬

إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬الحُجج‭ ‬زخمًا‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭.. ‬فقد‭ ‬تبنى‭ ‬إجماع‭ ‬متزايد،‭ ‬الرأى‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬النهج‭ ‬الذى‭ ‬اتبع‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬قص‭ ‬العشب‮»‬‭- ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬يمكن‭ ‬احتواؤها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مناورات‭ ‬دورية‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬غير‭ ‬كافية‭.. ‬ويستنتج‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الآن‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬تعبئة‭ ‬المجتمع‭ ‬بالكامل‭ ‬بالفعل،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الحرب‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬هى‭ ‬أفضل‭ ‬طريق‭ ‬لإرساء‭ ‬الأمن‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭.. ‬وفى‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬جاء‭ ‬الزخم‭ ‬الإضافى‭ ‬من‭ ‬النجاحات‭ ‬التكتيكية‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬والتى‭ ‬أثارت‭ ‬شهية‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬للمزيد‭.. ‬وقد‭ ‬قدمت‭ ‬المكاسب‭ ‬الدرامية‭ ‬ضد‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭- ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مسئولى‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬الذين‭ ‬رأوا‭ ‬أن‭ ‬الغزوات‭ ‬البرية‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬محكوم‭ ‬عليها‭ ‬بالفشل‭- ‬الدعم‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬تدمير‭ ‬كل‭ ‬أثر‭ ‬أخير‭ ‬لتلك‭ ‬المنظمات،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التكلفة‭ ‬فى‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬وتأجيل‭ ‬السلام‭.‬

وفى‭ ‬ظل‭ ‬تعاسة‭ ‬المعارضة‭ ‬فى‭ ‬الكنيست،‭ ‬البرلمان‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬تمكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬الحرب‭ ‬دون‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭.. ‬وقد‭ ‬وُضِع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬حراس‭ ‬البوابة‭ ‬المعتادين‭ ‬فى‭ ‬البلاد،‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬ومدير‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلى‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬شين‭ ‬بيت،‭ ‬فى‭ ‬موقف‭ ‬دفاعى‭.. ‬وبالنسبة‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬تخدم‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬المُطولة‭ ‬الهدف‭ ‬المزدوج،‭ ‬المتمثل‭ ‬فى‭ ‬إصلاح‭ ‬الردع‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المكسور،‭ ‬وصرف‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬أدائه‭ ‬البائس‭ ‬فى‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬وبعده‭.. ‬وحتى‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التى‭ ‬نظمتها‭ ‬عائلات‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬لم‭ ‬تشكل‭ ‬عقبة‭ ‬كبيرة‭.. ‬فلشهور،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العائلات‭- ‬بتشجيع‭ ‬شخصى‭ ‬قوى‭ ‬من‭ ‬بايدن،‭ ‬كما‭ ‬يقول،‭ ‬شالوم‭ ‬ليبنر،‭ ‬فى‭ ‬Foreign Affairs‭- ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭ ‬رهائن،‭ ‬كما‭ ‬تتمتع‭ ‬بدعم‭ ‬شعبى‭ ‬ملموس‭.. ‬لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬كان‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬جناحه‭ ‬الأيمن،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مقاومة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعارضون‭ ‬شروط‭ ‬حماس‭ ‬للإفراج‭ ‬عن‭ ‬الرهائن،‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬جيوب‭ ‬المقاومة‭ ‬هذه‭.. ‬ومع‭ ‬ظهور‭ ‬ترامب،‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ضغوطًا‭ ‬أقل،‭ ‬وليس‭ ‬أكثر،‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإنهاء‭ ‬حملاتها‭ ‬العسكرية‭.‬

لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحلفاءه‭ ‬يقللون‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المشاكل‭ ‬العديدة‭ ‬التى‭ ‬تقوض‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات‭ ‬الكبرى‭.. ‬فمن‭ ‬ناحية،‭ ‬لن‭ ‬تختفى‭ ‬إيران‭ ‬وعملاؤها‭.. ‬وبالفعل،‭ ‬أظهرت‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬والحوثيون‭ ‬قدرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬المرونة،‭ ‬وبدأت‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬صفوفها‭.. ‬ولديهم‭ ‬قوة‭ ‬نيران‭ ‬متبقية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ويظلون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬قصف‭ ‬إسرائيل‭ ‬يوميًا‭ ‬بمئات‭ ‬الصواريخ‭ ‬والقذائف‭ ‬الباليستية‭ ‬والطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار،‭ ‬التى‭ ‬تقتل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وتدمر‭ ‬ممتلكاتهم‭.. ‬وحتى‭ ‬مع‭ ‬فشل‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬فى‭ ‬التغلب‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فقد‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬إحداث‭ ‬فوضى‭ ‬عامة،‭ ‬ودفع‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬باستمرار‭ ‬إلى‭ ‬الملاجئ،‭ ‬وتعطيل‭ ‬تدفق‭ ‬حياة‭ ‬الإسرائيليين‭.. ‬والأحلام‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الفصائل‭ ‬قد‭ ‬تستسلم‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬هى‭ ‬أحلام‭ ‬خيالية‭.. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬التوقع‭ ‬بأن‭ ‬الإيرانيين‭ ‬واللبنانيين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬واليمنيين‭ ‬سوف‭ ‬يثورون‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬ويتخلصون‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬مضطهديهم‭ ‬الوحشيين،‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬تفكير‭ ‬التمنى‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬التحليل‭ ‬المستنير‭.. ‬وعلى‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الأهمية،‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬أى‭ ‬خطط‭ ‬إسرائيلية‭ ‬ضخمة‭ ‬للمنطقة،‭ ‬دون‭ ‬مساعدة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭.. ‬وفى‭ ‬وقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فيه‭ ‬اعتماد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬فإن‭ ‬الافتراضات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬حول‭ ‬رعاية‭ ‬ترامب‭ ‬الثابتة‭ ‬تبدو‭ ‬ساذجة‭.. ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬هنا،‭ ‬أن‭ ‬صيحة‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬للناخبين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬والأمريكيين‭ ‬المسلمين،‭ ‬لتسهيل‭ ‬فوزه،‭ ‬قد‭ ‬تُنبئ‭ ‬بإعادة‭ ‬ضبط‭ ‬الأمور‭- ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نفور‭ ‬ترامب‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬والالتزامات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭- ‬تجعل‭ ‬الإدارة‭ ‬القادمة‭ ‬أكثر‭ ‬تشككًا‭ ‬فى‭ ‬الامتيازات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

●●●

بعد‭ ‬كل‭ ‬شىء‭.. ‬أنهى‭ ‬ترامب‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى،‭ ‬بإلقاء‭ ‬السباب‭ ‬على‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وقد‭ ‬أبان‭ ‬بوضوح‭ ‬تام،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭.. ‬عندما‭ ‬التقى‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬فلوريدا‭ ‬فى‭ ‬يوليو‭ ‬الماضى،‭ ‬طلب‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬نتنياهو‭ ‬إكمال‭ ‬الحرب‭ ‬قبل‭ ‬مغادرة‭ ‬بايدن‭ ‬لمنصبه‭.. ‬إن‭ ‬مؤيدى‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬مؤيدى‭ ‬ترامب،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬تذكيرهم‭ ‬قريبًا،‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بالتزام‭ ‬كبير‭ ‬تجاه‭ ‬أجندتهم‭.. ‬ويجدر‭ ‬بنا‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الرخاء‮»‬‭- ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬القصيرة‭ ‬الأمد‭ ‬للسلام‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الفلسطينى‭ ‬لعام‭ ‬2020‭- ‬أيدت‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وهاجمها‭ ‬زعماء‭ ‬المستوطنين‭ ‬بتهمة‭ ‬‮«‬تعريض‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للخطر‮»‬‭.. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬مواقف‭ ‬ترامب‭ ‬العامة‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬إشكالية‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإسرائيل‭.. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬صرح‭ ‬للصحفيين‭ ‬فى‭ ‬سبتمبر‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعقد‭ ‬صفقة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬واصل‭ ‬التعليق‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬سيُوقف‭ ‬المعاناة‭ ‬والدمار‭ ‬فى‭ ‬لبنان‮»‬‭.. ‬إن‭ ‬إحجامه‭ ‬المُعلن‭ ‬عن‭ ‬المساهمة‭ ‬بقوات‭ ‬وأموال‭ ‬أمريكية‭ ‬فى‭ ‬الخارج،‭ ‬يُنذر‭ ‬بتغيير‭ ‬كبير‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬نشر‭ ‬البنتاجون‭ ‬بطاريات‭ ‬صواريخ‭ ‬مضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬متطورة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬THAAD‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مائة‭ ‬جندى‭ ‬أمريكى‭ ‬لتشغيلها‭.. ‬وحتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يسحب‭ ‬ترامب‭ ‬الموارد‭ ‬التى‭ ‬خصصها‭ ‬بايدن‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬ميوله‭ ‬الانعزالية‭ ‬قد‭ ‬تنذر‭ ‬بانخفاض‭ ‬الدعم‭ ‬فى‭ ‬المستقبل،‭ ‬وبالتالى‭ ‬تقييد‭ ‬حرية‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬المناورة‭.‬

وتُظهِر‭ ‬قوى‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭ ‬قدرًا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬تجاه‭ ‬عدائية‭ ‬إسرائيل‭.. ‬فقد‭ ‬فرضت‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭- ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تنضم‭ ‬إلى‭ ‬مظلة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الهجوم‭ ‬الصاروخى‭ ‬الثانى‭ ‬الذى‭ ‬شنته‭ ‬إيران‭ ‬فى‭ ‬أكتوبر‭- ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬الامتثال‭ ‬للقانون‭ ‬الدولى‭.. ‬و«فى‭ ‬أكتوبر،‭ ‬هددت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أيضًا‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتحسن‭ ‬عمليات‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬بعد‮»‬‭.. ‬كما‭ ‬تدخلت‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومحكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬فى‭ ‬موضوع‭ ‬سلوكها‭ ‬الحالى،‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬موافقة‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬نتنياهو‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬السابق‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬فى‭ ‬غزة‭.. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬لهذا‭ ‬الضغط‭ ‬الدولى‭ ‬المتزايد‭ ‬عواقب‭ ‬سلبية،‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬العملياتى‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلى،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬قدرة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬فى‭ ‬التجارة‭ ‬والسفر‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات،‭ ‬هناك‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلى‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والذى‭ ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬نتنياهو‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬له‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬الواقع‭.. ‬فبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الشرسة،‭ ‬يُدرك‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المُنهك‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬رهينة‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬مسجونين‭ ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬نازحين‭ ‬عن‭ ‬ديارهم‭.. ‬كما‭ ‬أمضى‭ ‬جنود‭ ‬الاحتياط‭ ‬فى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬مئات‭ ‬الأيام‭ ‬فى‭ ‬الزى‭ ‬العسكرى،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أسرهم‭ ‬وسُبل‭ ‬عيشهم‭.. ‬والغضب‭ ‬الملموس‭ ‬عند‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬تجاه‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتهربون‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسئولية‭- ‬وفى‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬المتدينون‭ ‬المتطرفون‭ ‬‮«‬الحريديم‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬يمثل‭ ‬ممثلوهم‭ ‬فى‭ ‬الكنيست‭ ‬أعضاء‭ ‬رئيسيين‭ ‬فى‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭- ‬وبالنسبة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬فى‭ ‬الخدمة‭ ‬الفعلية،‭ ‬فإن‭ ‬الحماس‭ ‬لتنفيذ‭ ‬توجيهات‭ ‬الحكومة‭ ‬يتلاشى‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تورط‭ ‬كبار‭ ‬موظفى‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬ابتزاز‭ ‬ضباط‭ ‬فى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وتزوير‭ ‬بروتوكولات‭ ‬رسمية‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬مخالفات‭ ‬حكومية‭.. ‬كما‭ ‬وُجِّهَت‭ ‬اتهامات‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المتحدثين‭ ‬باسمه،‭ ‬بتعريض‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬للخطر،‭ ‬للاشتباه‭ ‬فى‭ ‬تزوير‭ ‬وتسريب‭ ‬معلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬سرية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬تعنت‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬بشأن‭ ‬صفقة‭ ‬الرهائن‭.. ‬والآن‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسه،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استنفد‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬الاستئناف،‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬المحكمة‭ ‬فى‭ ‬محاكمة‭ ‬فساد‭ ‬خاصة‭ ‬به‭.. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يدلى‭ ‬بشهادته‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭.‬

فى‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر،‭ ‬أقال‭ ‬نتنياهو‭ ‬جالانت‭- ‬الجنرال‭ ‬السابق‭ ‬والمُحاور‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الأكثر‭ ‬ثقة‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭- ‬واستبدله‭ ‬بسياسى‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬المؤهلات‭ ‬العسكرية‭.. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬كانت‭ ‬سياسية‭ ‬بحتة،‭ ‬وكان‭ ‬المقصود‭ ‬منها‭ ‬استرضاء‭ ‬شركاء‭ ‬نتنياهو‭ ‬فى‭ ‬الائتلاف‭ ‬من‭ ‬الحريديم،‭ ‬الذين‭ ‬هددوا‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬الحكومة،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التعجيل‭ ‬بإصدار‭ ‬تشريع‭ ‬لإعفاء‭ ‬تابعيهم‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬فى‭ ‬الجيش،‭ ‬وهو‭ ‬القانون‭ ‬الذى‭ ‬يحتقره‭ ‬جالانت،‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬الإسرائيلى‮»‬‭.. ‬إن‭ ‬الأولوية‭ ‬التى‭ ‬يمنحها‭ ‬نتنياهو‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وعلى‭ ‬الأمن‭ ‬القومى،‭ ‬وحتى‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعى،‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬إحباط‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬العمود‭ ‬الفقرى‭ ‬لجيش‭ ‬المواطنين‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الحديث‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭.‬

●●●

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتصاراتها‭ ‬التكتيكية‭ ‬فى‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬تواجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬خطرًا‭ ‬حقيقيًا‭.. ‬وسوف‭ ‬تعتمد‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬الحالية‭ ‬بنجاح‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬نتنياهو‭ ‬للعلاقات‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬القادم‭.. ‬وبعيًدا‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬اعتبارات‭ ‬تتعلق‭ ‬بإعادة‭ ‬انتخابه،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ترامب‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬لاتباع‭ ‬غرائزه،‭ ‬الأكثر‭ ‬ارتباطًا‭ ‬بالمعاملات‭ ‬التجارية‭.. ‬وسوف‭ ‬يحتاج‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬حبل‭ ‬مشدود،‭ ‬والالتفاف‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬ضغائن‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬ترامب‭ ‬يحملها،‭ ‬والتحرك‭ ‬بمهارة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافهما‭.. ‬ومن‭ ‬عجيب‭ ‬المفارقات،‭ ‬أن‭ ‬العقبة‭ ‬الأشد‭ ‬صعوبة‭ ‬أمام‭ ‬نتنياهو،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬نفس‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمينية‭ ‬التى‭ ‬تُبقيه‭ ‬فى‭ ‬السلطة‭.‬

فالقوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬تخاطر‭ ‬بالغرق‭ ‬فى‭ ‬عمق‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬وهما‭ ‬المنطقتان‭ ‬اللتان‭ ‬تُظهران،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬علامات‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬مستنقعات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬فيتنام‭.. ‬فقد‭ ‬أعلن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭- ‬قبل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭- ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬ستهاجم‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬مهاجمة‭ ‬بيروت‭.. ‬وتعهدت‭ ‬إيران‭ ‬بالانتقام‭ ‬العنيف‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬انتقام‭ ‬إسرائيل‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬تفتقر‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬إلى‭ ‬الجنود‭ ‬الجُدد،‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع،‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬النقص‭ ‬الشديد‭ ‬فى‭ ‬الذخيرة‭ ‬الهجومية‭ ‬والدفاعية،‭ ‬دون‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدة‭.. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الرهائن‭- ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬اليقين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬منهم‭- ‬فى‭ ‬غزة،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬النازحون‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬قراهم‭ ‬فى‭ ‬الشمال،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التوغل‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭.. ‬وقد‭ ‬أبلغ‭ ‬رؤساء‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬نتنياهو،‭ ‬أنهم‭ ‬حققوا‭ ‬جميع‭ ‬أهدافهم‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭.. ‬وهم‭ ‬يؤيدون‭ ‬تقديم‭ ‬التنازلات‭ ‬لإعادة‭ ‬الأسرى‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬فى‭ ‬لبنان‭.. ‬ويثق‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وجهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلى‭ ‬فى‭ ‬قدرتهما‭ ‬على‭ ‬عزل‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬العدوان‭ ‬المستقبلية‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭.. ‬ويتوافق‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‭ ‬بشكل‭ ‬مريح،‭ ‬مع‭ ‬تفكير‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ترامب‭- ‬الذى‭ ‬يريد‭ ‬الهدوء‭ ‬بسرعة‭- ‬وبايدن،‭ ‬الذى‭ ‬يرغب‭ ‬فى‭ ‬رؤية‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬فى‭ ‬لبنان،‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬رئاسته‭.‬

على‭ ‬مستوى‭ ‬ما،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يريد‭ ‬أيضًا‭ ‬التحرك‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.. ‬ووفقًا‭ ‬للتقارير،‭ ‬فى‭ ‬أعقاب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬كهدية‭ ‬لترامب،‭ ‬وفقًا‭ ‬للمنطق،‭ ‬فإن‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بتركيز‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وتجنيد‭ ‬ترامب‭- ‬الذى‭ ‬انسحب‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووى‭ ‬الإيرانى‭ ‬عام‭ ‬2018‭- ‬لوضع‭ ‬أقدام‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬النار‭.. ‬لكن‭ ‬أى‭ ‬خطوة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ستُواجه‭ ‬معارضة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير،‭ ‬اللذين‭ ‬يتدخلان‭ ‬باستمرار‭ ‬فى‭ ‬مفاوضات‭ ‬الرهائن،‭ ‬وقالا‭ ‬إنهما‭ ‬سيطيحان‭ ‬برئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬إذا‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬هدنة‭.. ‬إن‭ ‬مناوراتهما‭ ‬لفرض‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬أى‭ ‬جهود‭ ‬لتقليص‭ ‬بصمة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬المناطق،‭ ‬وقد‭ ‬تضع‭ ‬إسرائيل‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬تصادمى‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭.‬

وسوف‭ ‬يشعر‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب،‭ ‬ترامب،‭ ‬بالإحباط‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬عندما‭ ‬يكتشف‭ ‬أن‭ ‬إحراز‭ ‬أى‭ ‬تقدم‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬سيكون‭ ‬مستحيلًا،‭ ‬وربما‭ ‬طيلة‭ ‬مدة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية‭.. ‬ولن‭ ‬يلتزم‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬أبدًا‭ ‬بدفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الثمن‭ ‬الذى‭ ‬تُطالب‭ ‬به‭ ‬الرياض‭- ‬أى‭ ‬مسار‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهما،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬اتفاقيات‭ ‬إبراهام‭ ‬لطيفة،‭ ‬فلا‭ ‬شىء‭ ‬يضاهى‭ ‬ترسيخ‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬الآباء‮»‬‭ ‬بالكامل‭.. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ميل‭ ‬يُذكر‭ ‬إلى‭ ‬استعداء‭ ‬إيران،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬الاستقبال‭ ‬الودى‭ ‬الذى‭ ‬حظى‭ ‬به‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيرانى،‭ ‬عباس‭ ‬عراقجى،‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭- ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬وقطر‭ ‬وعمان،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭.‬

سوف‭ ‬يضطر‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬الأوراق‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭.. ‬فهو‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬اغتنام‭ ‬الفرصة‭ ‬ووقف‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬فى‭ ‬التسبب‭ ‬فى‭ ‬ضرر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النفع،‭ ‬بل‭ ‬وربما‭ ‬خلق‭ ‬خلاف‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭.. ‬وإذا‭ ‬تمكَّن‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬شركائه‭ ‬فى‭ ‬الائتلاف،‭ ‬فقد‭ ‬يظل‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراعات،‭ ‬وترك‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوى‭ ‬نظيفًا‭ ‬أمام‭ ‬ترامب‭ ‬الذى‭ ‬طلب‭ ‬ذلك‭.. ‬ولكن‭ ‬الوقت‭ ‬قصير‭.. ‬وإذا‭ ‬اختار‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إضاعة‭ ‬الوقت،‭ ‬فسوف‭ ‬يواجه‭ ‬المهمة‭ ‬المستحيلة،‭ ‬المتمثلة‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬إرضاء‭ ‬ترامب،‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬استرضاء‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭.. ‬وهنا،‭ ‬ينبغى‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تستعد‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬فى‭ ‬المستقبل‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬كيد‭ ‬الكائدين‭.. ‬آمين‭.‬