رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توفيق الحكيم بين عودة الوعي وعودة الروح

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

 يعد توفيق الحكيم من أبرز كتاب الرواية والمسرح، تميز بانتاجه الأدبي الغزير كما ترجمت الكثير من أعماله إلى لغات مختلفة، من أشهر مسرحياته مسرحية "أهل الكهف" التي نشرت عام 1932 كما يعد توفيق الحكيم أب المسرحية العربية بلا منازع 

مولده ونشأته 

  • ولد توفيق الحكيم في 9 أكتوبر 1897 بمحافظة الإسكندرية، كان والده يعمل في سلك القضاء بمحافظة البحيرة وكانت أمه ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين
  • كانت والدة توفيق الحكيم  تتفاخر بأنها من أصل تركي، وكانت تحاول إبعاده عن أهله من الفلاحين، كما كانت تعزله عن أصدقائه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه، وقد أثر ذلك في نفسيته كثيرًا فحاول أن يخلق لنفسه عالمه الخاص
  • بدأ حياته الدراسية في مدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي ثم التحق بمدرسة حكومية في البحيرة ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية في منطقته، وفي هذه الفترة وقع في غرام جارة له ولكنه اكتشف أنها تحب شخصا آخر ،كما اتاحت له الإقامة في القاهرة الذهاب إلى المسارح وظهر ولعه الشديد بها.
  • شارك مع أعمامه في مظاهرات ثورة عام 1919 وقبض عليه واعتقل بسجن القلعة. إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه.
  • في عام 1920 عاد إلى الدراسة وحصل على شهادة البكالوريا عام 1921م. ثم انضم إلى كلية الحقوق حسب رغبة أبيه ليتخرج منها عام 1925م
  • أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ للحصول على درجة الدكتوراه في القانون ولكنه استغل فترة إقامته في باريس لمدة 3 سنوات وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا واطلع على فنون المسرح وقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة. فاستدعاه والداه وعاد توفيق الحكيم إلى مصر دون أن يحصل على الشهادة التي سافر من أجل الحصول عليها.
  • عاد توفيق الحكيم سنة 1928 إلى مصر ليعمل وكيلاً للنائب العام سنة 1930، في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية. وقد تأثر توفيق الحكيم بعمله في تلك الفترة فكتب رواية يوميات نائب في الأرياف عام 1937

أسلوب كتابة الحكيم

  • مزج توفيق الحكيم بين الرمزية والواقعية علي نحو فريد يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض كما يتميز الرمز في أدب توفيق الحكيم بالوضوح وعدم المبالغة أو الإغراق في الغموض؛ ففي أسطورة إيزيس التي استوحاها من كتاب الموتى فإن أشلاء أوزوريس الحية في الأسطورة هي مصر المتقطعة الأوصال التي تنتظر من يوحدها ويجمع أبناءها علي هدف واحد. وهو في هذه القصة يعمد إلي دمج تاريخ حياته في الطفولة والصبا بتاريخ مصر، فيجمع بين الواقعية والرمزية معًا على نحو فريد.
  • تميز  توفيق الحكيم بقدرته على الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيف الأسطورة والتاريخ على نحو يتميز بالبراعة والإتقان
  • لا ترجع أهمية توفيق الحكيم إلي كونه صاحب أول مسرحية عربية بالمعيار النقدي الحديث وهي مسرحية (أهل الكهف)، وصاحب أول رواية وهي رواية (عودة الروح)، اللتين نشرتا عام 1932م، وإنما ترجع أهميته أيضًا إلى كونه أول كاتب استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري عبر عصوره المختلفة، سواء كانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية، كما أنه استمد أيضا شخصياته وقضاياه المسرحية والروائية من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر لأمته.

رائد المسرح الذهني

  • بالرغم من الإنتاج المسرحي الغزير لتوفيق الحكيم، الذي يجعله في مقدمة كتاب المسرح العربي وفي صدارة رواده، إلا أن عددًا قليلاً من المسرحيات التي كتبها يمكن تمثيلها علي خشبة المسرح ليشاهدها الجمهور، لكن معظم مسرحياته من النوع الذي يمكن أن يطلق عليه (المسرح الذهني)، الذي كتب ليقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالمًا من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها علي واقع المجتمع؛ لتقدم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من الوعي والعمق

موقفه من الأحزاب 

حرص توفيق الحكيم على استقلاله الفكري والفني، فلم يرتبط بأي حزب سياسي في حياته قبل الثورة؛ فلما قامت ثورة يوليو 1952 ارتبط بها وأيدها، ولكنه في الوقت نفسه كان ناقدًا للجانب الديكتاتوري غير الديمقراطي الذي اتسمت به الثورة منذ بدايتها.

مكانة المرأة عند توفيق الحكيم 

حظيت المرأة بنصيب كبير في أدب توفيق الحكيم وتحدث عنها بكثير من الإجلال والاحترام الذي يقترب من التقديس.رغم شهرته بأنه عدو المرأة.

 المرأة في أدب توفيق الحكيم تتميز بالإيجابية، ولها تأثير واضح في الأحداث ودفع حركة الحياة، ويظهر ذلك بجلاء في مسرحياته "شهرزاد" و"إيزيس" و"الأيدي الناعمة" و"بجماليون" وقصة "الرباط المقدس" و"عصفور من الشرق" و"عودة الروح".

في السابعة والعشرين من عمره سافر توفيق الحكيم إلى فرنسا لدراسة القانون واستأجر غرفة صغيرة في باريس، كان الفرنسيون يرونه شابًا خياليًا، وهذا الخيال دفعه ليعشق فتاة لم يرها سوى مرة واحدة، تبيع التذاكر في مسرح الأوديون قال عنها في كتابه "زهرة العمر"، الذي نشر عام  1944  "أراها تشرق كل مساء بعينين فيروزيتين جميلتين وابتسامة ساحرة". 

وفي رسالة نشرها في كتابه"زهرة العمر" يقول فيها لصديقه أندريه: "إن الحب قصة لا يجب أن تنتهي، إن الحب مسألة رياضية لم تحل، إن جوهر الحب مثل جوهر الوجود لا بد أن يكون فيه ذلك الذي يسمونه المجهول أو المطلق، إن حمى الحب عندي هي نوع من حمى المعرفة واستكشاف المجهول والجري وراء المطلق".

إذا كان هذا هو مفهوم الحب عند توفيق الحكيم وإذا كانت هذه هي مكانة المرأة بالنسبة له فلماذا أطلق عيه لقب عدو المرأة؟

السبب في هذا الاتهام يرجع إلى السيدة هدى شعراوي بسبب مهاجمة توفيق الحكيم أسلوبها في تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار في حياة الجواري وخدمة الرجال والأزواج في البيت لأنهن مساويات للرجل في كل شيء، واشتكى له بعض الأزواج من البنات والزوجات، اللاتي يفكرن بطريقة هدى شعراوي، فكتب توفيق الحكيم في ذلك، ونصح الزوجة الحديثة بأن تعرف على الأقل أن تهيئ الطعام لزوجها وأن أسهل صنف يمكن أن تطبخه له هو صينية البطاطس في الفرن.

زواج توفيق الحكيم.. عدو المرأة يتزوج بشروطه!


عندما بلغ توفيق الحكيم سن الأربعين وجد أنه بحاجة إلى أن يتزوج ووجد صعوبة في ذلك لشهرته بأنه عدو المرأة 

وفي 1946م تزوج توفيق الحكيم أثناء عمله في «أخبار اليوم»، ولم يخبر أحداً بأمر زواجه حتى علق مصطفى أمين قائلاً (نحن الصحفيين مهمتنا الحصول على الأخبار ونحصل عليها من السراي ولا نعرف بزواج الحكيم) وكتب مصطفى أمين عن زواج توفيق الحكيم في مقال له بعنوان (عدو المرأة يتزوج بشروطه)

وبالفعل أخفى توفيق الحكيم أمر زواجه في البداية  ثم اعترف بأنه تزوج من سيدة مطلقة لها ابنتان، وأن الزواج عقلى الغرض الأول منه تأسيس بيت يصلح لحياة فنان، الكتب فيه أهم من الفراش، والموسيقى فيه أكثر من الطعام!

الآنسة "سيادات" التي أصبحت زوجة توفيق الحكيم، قالت في حوار لها مع الكاتب الصحفي مصطفى أمين وهي تصف لقاءها الأول بتوفيق الحكيم: "لم أتبهرج لتوفيق لأبهره بجمالي، وحاولت أن أستعرض معلوماتي عن كل ماكتب، ويومها ذهل توفيق الحكيم من إطلاعي الواسع على كتبه ومؤلفاته ومن حفظي لجمل معينة من قصصه".


لم يستطع توفيق الحكيم أن يمنع نفسه من رؤية الجارة الحسناء، فطلبها للزواج ليرضي قلبه، ووضع 15 شرطًا قاسيًا لتوافق عليها "سيادات" قبل زفافهما، فوافقت على كل شروطه، ومنها  ألا يخرج معها خارج البيت، ألا ينشر خبر الزواج فى الصحف لا تلميحًا ولا تصريحًا، أن يسافر وحده إلى الخارج دون أن يكون لها الحق فى ذلك، وأن تكون مشاكل الأولاد من اختصاصها وأن تحضر حجرتين للنوم لينام هو فى غرفة مستقلة، ولا تتدخل فى عمله.وتم زفافهما، وهو يكبرها بعشرين عامًا، وبعد الزواج تنازل توفيق الحكيم عن الشروط واحدًا تلو الآخر  وهو في غاية الرضا ليكتب مقالًا في أخبار اليوم يقول فيه: "الحب، ليس غير الحب هو وحده الذي يستطيع أن يجعل حياتك سعيدة".

 

علاقة توفيق الحكيم وعبد الناصر صعود وهبوط

أنزل جمال عبد الناصر توفيق الحكيم منزلة الأب الروحي لثورة 23 يوليو، بسبب عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام 1933، ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها. 

منحه جمال عبد الناصر عام 1958 قلادة الجمهورية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام. 

لم يمنع عبد الناصر أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر «السلطان الحائر بين السيف والقانون» في عام 1959، و«بنك القلق» عام 1966، حيث انتقد النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية. وصل الأمر أن عبد الناصر كان يستقبل الحكيم في أي وقت وبغير تحديد لموعد، وهو ما أكده الحكيم نفسه في جريدة الأهرام في 15 مارس 1965. 

بعد وفاة عبد الناصر عام 1970 وأثناء تأبين الزعيم سقط توفيق الحكيم مغمى عليه، إلا أن الحكيم في عام 1972 أصدر كتاب عودة الوعي مهاجمًا فيه جمال عبد الناصر بعنف.

 ترتب على صدور كتاب عودة الوعي ضجة إعلامية لأن الحكيم وصف فترة حكم عبد الناصر بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقد الوعي، مرحلة لم تسمح بظهور رأي في العلن مخالف لرأي الزعيم المعبود. وأعلن في كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف الثورة بدون وعي 

مؤلفات توفيق الحكيم 

تنوعت أعمال توفيق الحكيم بين الروايات والمسرحيات والقصص القصيرة والدراسات والسير 

  • من أشهر رواياته عودة الرّوح، يوميات نائب في الأرياف، عصفور من الشّرق، أشعب،راقصة المَعبد ، حمار الحكيم ،الرباط المقدس
  • من القصص القصيرة التي كتبها توفيق الحكيم عهد الشّيطان، سلطان الظّلام، عدالة وفن،  أرني الله، ليلة الزّفاف
  • من مسرحيات توفيق الحكيم أهل الكهف،شهرزاد،جماليون،سليمان الحكيم،الملك أوديب،الأيدي النّاعمة، إيزيس،الصّفقة، لعبة الموت، السّلطان الحائر، يا طالع الشّجرة، شمس النّهار،مصير صرصار، الورطة، بنك القلق.

ومن أبرز أقوال توفيق الحكيم 

  • إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فَقَد ذبل عقل الأمة كلها ومات.
  • الإنسان كائن متعادل مادِّيّاً وروحيّاً، وهذا سر حياته
  • المصلحة الشخصية هي دائمًا الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ.
  • لا يوجد إنسان ضعيف، ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه موطن القوة.
  • ليس العقل ما يميز الإنسان عن الحيوان ولكن الضمير.
  • يجب على الإنسان أن يعرف كل شيء عن شيء ما، ويعرف بعض الشيء عن كل شي.
  • كل شيء في الوجود عندما يؤدي وظيفته جيداً، فإنما يحقق الغاية من وجوده.
  • صوت الحق لا يسمع أحياناً بالأذن، ولا بالرأس، ولكن بالقلب.
  • الصداقة هي الوجه الآخر غير البراق للحب ولكنه الوجه الذي لا يصدأ ابداً.
  • كثير من الناس يعيشون طويلًا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء.
  • القوة.. تعمي بصائرنا أحياناً عن رؤية عجزنا الآدمي ,وتنسينا ما منحنا من حكمة.
  • إن المرأة إذا لم تحب من قلبها فلا بد من إغرائها ببريق الذهب
  • العقرب تولد وسمها فيها.. أما أنت أيها الإنسان فتولد نقياً صافياً، ثم تصنع أنت بيدك سمومك، ثم تعيش حياتك تبحث عن الترياق.
  • الجمال هو العذر الوحيد الذي يغفر للمرأة كلّ تفاهتها وحماقتها
  • إن عالم الواقع لا يكفي وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة.
  • قيمة الكتب ليست أحيانًا في كمالها الفني، بل في استطاعتها أن تعيش في حياة طائفة من البشر.
  • عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: «انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم، لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون

من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم
من مؤلفات توفيق الحكيم