رئيس هيئة الرعاية الصحية: 5 ملايين منتفع من «التأمين الصحى» الشامل منذ 2019 (حوار)
أكد الدكتور أحمد السبكى، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية المشرف العام على مشروع التأمين الصحى الشامل، نجاح المنظومة فى تحقيق طفرة كبيرة فى تحسين مستوى الخدمات الصحية، عبر خدمة ٥ ملايين مواطن، وتقديم ٥٧ مليون خدمة طبية، إلى جانب إجراء ٦٥٠ ألف عملية جراحية، فى محافظات المرحلة الأولى الست، منذ انطلاق المنظومة قبل ٥ سنوات.
وكشف «السبكى»، فى حواره مع «الدستور»، بمناسبة مرور ٥ سنوات على إطلاق منظومة التأمين الصحى الشامل، عن أن المرحلة الثانية من المنظومة سينتهى العمل بها فى عام ٢٠٢٦، وتتضمن محافظات عالية الكثافة، من بينها محافظات من إقليم الدلتا، بتكلفة تصل إلى ١١٥ مليار جنيه، لتوفير الرعاية لـ١٢ مليون مواطن.
ونبه إلى تبنى نموذج مبتكر لإدارة المنظومة، يضمن تحقيق الاستدامة وكفاءة الإدارة المالية والتشغيلية، وتقليل الهدر فى الموارد، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى العمل على إنشاء أول مستشفى افتراضى فى مصر، لرعاية المواطنين فى المناطق النائية، وتقديم خدمات «التطبيب عن بُعد».
■ بداية.. ما أبرز إنجازات منظومة التأمين الصحى الشامل خلال السنوات الـ٥ الماضية؟
- على مدار خمس سنوات من تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى مصر، حققت المنظومة العديد من الإنجازات المهمة التى أسهمت فى تحسين مستوى الرعاية الصحية فى المحافظات التى بدأت فيها التجربة، حيث سجل أكثر من ٥ ملايين مواطن فى محافظات المرحلة الأولى للتطبيق، التى تضم كلًا من بورسعيد، والأقصر، والإسماعيلية، وجنوب سيناء، والسويس، وأسوان.
كما تم إنشاء ٣٢٨ منشأة صحية تابعة لهيئة الرعاية الصحية فى هذه المحافظات، ما أسهم بشكل كبير فى تسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات الصحية المختلفة، كما تمكنت المنظومة من تقديم أكثر من ٥٧ مليون خدمة طبية وعلاجية للمنتفعين فى تلك المناطق، ما يعكس قدرة النظام على تقديم رعاية صحية شاملة تتناسب مع احتياجات المواطنين.
وعلى مستوى الخدمات الصحية الأولية، تم تقديم حوالى ٣٣ مليون خدمة طب أسرة فى منشآت طب الأسرة التابعة للهيئة فى هذه المحافظات، كما تم إجراء أكثر من ٦٥٠ ألف عملية جراحية تحت مظلة التأمين الصحى الشامل، وكان ٣٥٪ منها عمليات متقدمة تتطلب مهارات طبية عالية، ما يعكس تطورًا كبيرًا فى مستوى العناية الطبية.
وقد قمنا، أيضًا، بإجراء حوالى ٣ ملايين فحص طبى شامل للمنتفعين فى المحافظات الست، كما تم إنشاء أكثر من ٤.٨ مليون ملف طبى موحد للمنتفعين فى منشآت هيئة الرعاية الصحية، ما يسهم فى تسهيل متابعة الحالات الصحية بشكل دقيق وفعال.
وفيما يخص الجودة والاعتمادية، تم اعتماد ٢٤٩ منشأة طبية، وفقًا لمعايير الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، سواء بالاعتماد الكلى أو المبدئى، ما يضمن تقديم خدمات صحية على أعلى مستوى من الكفاءة.
وأخيرًا، نجحت المنظومة فى إصدار ٥٤ مليون وصفة طبية مميكنة، ما سهل عملية صرف الأدوية وضمان توفير العلاج بشكل أسرع وأكثر دقة.
■ ما خطة تطبيق المنظومة فى محافظات المرحلة الثانية وعدد المنتفعين منها؟
- المرحلة الثانية من المقرر أن تشمل محافظات كفرالشيخ، والمنيا، ودمياط، ومطروح، وشمال سيناء، أى أنها تتضمن محافظات مليونية وعالية الكثافة، وبعضها من إقليم الدلتا، ومن المقرر أن يستفيد من هذه المرحلة أكثر من ١٢ مليون مواطن.
■ كم يتكلف تطبيق المرحلة الثانية؟ ومتى يتم الانتهاء منها؟
- التكلفة المتوقعة للمرحلة الثانية تبلغ ١١٥ مليار جنيه، ومن المقرر أن يتم العمل فيها على مدار عامين، لتكتمل فى عام ٢٠٢٦.
■ ما أبرز التحديات التى واجهتها الهيئة فى تنفيذ المرحلتين؟
- أكبر التحديات كانت فى بداية تطبيق المنظومة فى المرحلة الأولى منها، وتمثلت فى إعادة التخطيط الصحى وفق الاحتياجات والخريطة الصحية لكل محافظة، ما تطلب تقليص عدد وحدات ومراكز طب الأسرة، وهو ما لم يكن مقبولًا مجتمعيًا.
وقد قمنا بوضع خريطة صحية وسكانية لكل محافظة من المحافظات، لتحديد احتياجات تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل داخل كل محافظة على حدة، لأن التخطيط الصحى يختلف من محافظة إلى أخرى، وفقًا للطبيعة الجغرافية لكل محافظة وطبيعة سكانها، إلا أنه بتطبيق المنظومة مرحليًا وإعادة تخطيط القطاع الصحى على أساس علمى سليم، شعر المواطن بالفرق.
وبعد مرحلة التخطيط، تمت تهيئة المنشآت والبنية التحتية للتحول الإلكترونى للمنظومة، من كابلات، وغيرها من المتطلبات، وهو ما تم بالتعاون مع الجهات المعنية، سواء وزارة الاتصالات أو الإنتاج الحربى أو وزارة المالية.
وتم بالفعل تأهيل المنشآت للتحول الرقمى، ثم تدريب القوى البشرية على برامج CMO، وتسجيل المنتفعين إلكترونيًا، ثم تدريب القوى البشرية على التسجيل الإلكترونى، ثم تشغيل تطبيقات التأمين الصحى داخل الأقسام الخارجية، فضلًا عن تدريب العاملين أيضًا على نظام الإحالة.
وكان على عاتقنا تغيير ثقافة الأفراد لتقبل تغيير شكل تقديم الخدمة الصحية من الذهاب مباشرة إلى المستشفى إلى وضع آلية للإحالة لمستويات الخدمة، فكان هناك تحد كبير لرفع وعى المواطن بطريقة تقديم الخدمة الجديدة من خلال الوحدة وطبيب الأسرة، الذى يقدم ٨٠٪ من الخدمة الصحية، مع تقديم كل التيسيرات اللازمة لتسهيل الإحالة للحالات التى تتطلب ذلك من خلال منظومة التحول الرقمى.
وهذا كله تطلب تنظيم حملات توعوية ومكثفة تجوب الشوارع وحملات طرق الأبواب للتعريف بطرق تقديم الخدمة داخل المنظومة، من أجل أن يستوعب المواطنون أن هذه الطريقة فى تقديم الخدمة الطبية تتم بشكل أسهل وأسرع.
■ ما دور الهيئة فى تدريب وتأهيل الكوادر الطبية لدعم تطبيق المنظومة؟
- القوى البشرية أثمن مورد لدى الهيئة، لذا نحرص على تدريبهم بشكل مستمر للوقوف على آخر المستجدات، وقد استطعنا تنفيذ أكثر من ٣٠.٠٠٠ برنامج تدريبى للعاملين والقوى البشرية بالهيئة ومنشآتها وفروعها.
■ كيف تتعامل الهيئة مع شكاوى المنتفعين من المنظومة؟
- رضاء المنتفعين هو الهدف الأسمى للمنظومة، ومتوسط رضاء المنتفعين عن مستوى الخدمة الصحية بمنشآت هيئة الرعاية الصحية تحت مظلة التأمين الصحى الشامل تخطى ٩١٪، كما تخطت نسبة الاستجابة الفورية لحل أى شكاوى واردة عبر قنوات التواصل مع المنتفعين ٩٨٪.
وتتمثل قنوات التواصل فى ماكينات استطلاع آراء المواطنين بالمنشآت الصحية، ومكاتب رضاء المنتفعين، والكول سنتر، وصفحات التواصل الاجتماعى، والبوابة الإلكترونية للشكاوى الموحدة لمجلس الوزراء.
هذا بالطبع إلى جانب الجولات والزيارات الميدانية المستمرة لكل المنشآت التابعة للهيئة بمحافظات تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، لاستقصاء آراء المواطنين على أرض الواقع، والوقوف على أى تحديات، والعمل على تخطيها وإزالة كل المعوقات وتحسين مؤشرات الأداء، ما يضمن المردود الإيجابى من قبل المواطن.
■ كيف تضمن الهيئة تحقيق الاستدامة المالية للتأمين الصحى الشامل؟
- تحقيق الاستدامة المالية للمشروع يعتمد على البنية المؤسسية التى أرساها القانون المنظم لمنظومة التأمين الصحى الشامل، الذى بموجبه تم إنشاء ٣ هيئات، وتم فصل مقدم الخدمة عن ممولها عن الرقابة على معايير الجودة بالمنشآت.
وتم إنشاء هيئة التأمين الصحى الشامل كجهة مسئولة عن تمويل المنظومة، وهذا الفصل يعزز الشفافية والحوكمة، ويتيح لكل جهة التركيز على مهامها الأساسية، ما يسهم فى تحسين كفاءة الإنفاق الصحى وتقديم خدمات طبية ذات جودة عالية للمواطنين، ما يحقق استدامة المنظومة على المدى الطويل.
كما أن هيئة الرعاية الصحية تعتمد على نموذج مبتكر، يضمن كفاءة إدارة الموارد المالية، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتبنى التكنولوجيا الرقمية لتقليل الهدر وتحقيق الكفاءة التشغيلية، وأؤكد أهمية هذا النهج لضمان الاستدامة المالية، ما يتماشى مع رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة.
■ كيف تتعاون الهيئة مع الجهات الدولية والمنظمات الصحية لتعزيز تطبيق المنظومة وفقًا للمعايير العالمية؟
- تعتمد الهيئة على شراكات استراتيجية مع الجهات الدولية والمنظمات الصحية العالمية، ونعمل بشكل وثيق مع منظمات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية والبنك الدولى والاتحاد الدولى للمستشفيات، بالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات رائدة فى مجالات الرعاية الصحية ونظم التأمين الصحى NHS، لتبادل الخبرات وتطبيق أفضل الممارسات العالمية.
وهذه الشراكات تتيح لنا الاستفادة من الخبرات الدولية فى مجالات تصميم السياسات الصحية، والتخطيط المالى المستدام، وتطوير البنية التحتية الصحية، والتدريب على أحدث التقنيات الطبية والإدارية ورفع كفاءة العنصر البشرى، والاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، كما أنها تسهم فى تحقيق الأهداف الخاصة بتقديم خدمات صحية متكاملة ذات جودة عالية، وضمان استدامة المنظومة، ويضمن وضع مصر فى مكانة متميزة عالميًا.
■ ما دور الهيئة فى تقديم خدمات متميزة لذوى الاحتياجات الخاصة، ضمن منظومة التأمين الصحى؟
- نحرص فى هيئة الرعاية الصحية على تقديم خدمات طبية متميزة لذوى الاحتياجات الخاصة، ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل، وتلبية احتياجاتهم بشكل يضمن حقهم فى الرعاية المتكاملة، إلى جانب توفير خدمات متخصصة، تشمل الخدمات التشخيصية والعلاجية والتأهيلية، التى نقدمها فى منشآتنا الصحية بأعلى معايير الجودة العالمية.
نعمل، كذلك، على تهيئة البنية التحتية لمنشآت الهيئة بما يراعى ذوى الاحتياجات الخاصة، من خلال تجهيز المستشفيات ووحدات طب الأسرة لتكون ملائمة لاستقبالهم، بما فى ذلك توفير مداخل مخصصة ومصاعد وأجهزة طبية متطورة.
أضف إلى ذلك العمل تحت مظلة المبادرات الرئاسية الخاصة بدعم هذه الفئة، من بينها الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية، فضلًا عن توفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، لضمان تقديم حلول متكاملة تعزز من جودة حياة ذوى الاحتياجات الخاصة.
وتتضمن الجهود، كذلك، تأهيل الفرق الطبية والإدارية للتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة بطرق مهنية وإنسانية، ما يضمن تقديم أفضل تجربة علاجية لهم، إلى جانب التوسع فى البرامج التأهيلية، وتقديم جلسات العلاج الطبيعى والنفسى لهم، لضمان تحسين الأداء الوظيفى والدمج المجتمعى.
■ كيف أسهمت التكنولوجيا والتحول الرقمى فى تحسين أداء منظومة التأمين الصحى الشامل؟
- أبرز مردود لآليات ونظم «الميكنة» على المنتفع كان إنشاء الملف الطبى الإلكترونى الموحد «EMR» لكل منتفع داخل محافظات تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، لتسهيل وصول المريض للخدمات الصحية، وكذلك تسهيل وصول مقدمى الخدمة الصحية إلى بيانات المريض، التى تساعد الطبيب فى اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة، ووضع خطة العلاج، من خلال الاطلاع على تاريخه المرضى، إضافة إلى منظومة المعامل «LIS»، ومنظومة الأشعة «PACS»، وصولًا إلى استطلاع آراء المنتفعين بشكل إلكترونى.
نظم «الميكنة» وآليات التحول الرقمى داخل الهيئة ارتكزت على عدة محاور تعزز رؤية التحول الرقمى واستخدام تكنولوجيا المعلومات، التى تبنتها الهيئة فى دعم واتخاذ القرار، كجزء من رؤية مصر ٢٠٣٠، وبما يتماشى مع توجهات الدولة فى التحول الرقمى لجميع القطاعات والمؤسسات الحكومية، لتيسير تقديم الخدمات للمواطنين.
وارتكزت، كذلك، على إنشاء قواعد بيانات مؤمنة داخل هيئة الرعاية الصحية بكل فروعها ومنشآتها، سواء المحافظات المطبق بها نظام التأمين الصحى الشامل حاليًا أو مستقبلًا، مع التطبيق المرحلى للمنظومة فى باقى محافظات الجمهورية، لتصل «الرعاية الصحية» إلى أن تكون أول هيئة حكومية رقمية ذكية لا ورقية.
ووصلت التكلفة الإجمالية لإعداد البنية التحتية التكنولوجية ونظم «الميكنة» والتحول الرقمى، فى محافظات المرحلة الأولى لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، ما قيمته ٥ مليارات جنيه.
ونحن حاليًا بصدد إنشاء أول «مستشفى افتراضى» فى مصر، فى إطار تقديم الرعاية والوصول للمواطنين فى المناطق النائية، خاصة بعد توسع منظومة التأمين الصحى الشامل فى ٦ محافظات، منها الأقصر وأسوان وجنوب سيناء.
سيقدم المستشفى خدمات «التطبيب عن بُعد» من خلال شبكة معلوماتية، وسيتم تلقى الاستشارات الطبية والخدمات التشخيصية، مثل الأشعة والتحاليل من خلال أجهزة معينة يتم توصيلها بالمريض عن بُعد، وتسمح للطبيب بتشخيص الحالة، وتحديد العلاج المناسب له، بجانب الاستفادة والاستعانة بالأطباء المصريين فى مصر أو خارجها لمناظرة الحالات على مدار الساعة.
ما أبرز الإنجازات التى حققتها هيئة الرعاية الصحية فى دعم ملف السياحة العلاجية؟
- حققت الهيئة إنجازات بارزة فى مجال السياحة العلاجية، وأصبحت منشآتها الصحية وجهة متميزة لاستقطاب المرضى من مختلف دول العالم، لتلقى خدمات طبية متكاملة على أعلى مستوى من الجودة.
أطلقت الهيئة مشروعها للسياحة العلاجية تحت شعار العلامة التجارية «نرعاك فى مصر»، الذى يهدف إلى تقديم خدمات السياحة العلاجية بأسعار تنافسية، مع ضمان تطبيق أعلى معايير الجودة العالمية، بما يعزز مكانة مصر كوجهة إقليمية رائدة فى هذا المجال. نجحت الهيئة فى استقطاب مرضى من أكثر من ٥٠ دولة، خاصة مع تميز منشآتها الطبية، مثل المجمع الطبى فى الإسماعيلية، والمجمع الطبى فى الأقصر، بتقديم خدمات متخصصة فى جراحات القلب والأوعية الدموية، وجراحات العظام، وزراعة الأعضاء، والعلاج الطبيعى.
وتعتمد الهيئة على الكفاءات الطبية المصرية المؤهلة، بجانب استخدام أحدث التقنيات الطبية، لتقديم تجربة علاجية مميزة للمرضى الدوليين، ما يسهم فى دعم الاقتصاد الوطنى، وتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العلاجية العالمية. لذا كان من الطبيعى أن تحققت الإيرادات من السياحة العلاجية نموًا سنويًا أكثر من ٣٠٠٪، خلال العام الجارى ٢٠٢٤.