من 6 إلى 8 الصبح!
لسنوات طويلة اعتاد المصريون الاستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى مقار عملهم أو مدارسهم أو جامعاتهم عبر وسائل مواصلات متنوعة، مثل الميكروباص، المترو، سيارات الأجرة، والسيارات الخاصة. ورغم اختلاف الطرق التى يسلكها المواطنون بين مناطق القاهرة والجيزة ومعظم المحافظات، ومن قلبها إلى أطرافهما، يظل الحال ثابتًا بلا تغيير يُذكر لسنوات طويلة.
عادة تبدأ ساعات الذروة فى مصر من السادسة صباحًا وتمتد حتى الثامنة، حيث يسعى الموظفون للوصول إلى أماكن عملهم، أو يتوجه الطلبة ومدرسيهم للمدارس والجامعات استعدادًا لليوم الدراسى. وخلال هذه الساعات، تتكدس المواصلات العامة والخاصة، ما يجعل التنقل تجربة مرهقة تتكرر يوميًا.
ويتفاقم هذا الوضع خلال مواسم محددة مثل الأعياد، شهر رمضان، وبداية العام الدراسى، حيث تزداد أعداد الركاب بشكل ملحوظ ومتكرر أيضًا.
وهناك أيام محددة وأوقات تُعرف أنها تشهد ذروة الزحام، مثل نهايات الأسبوع، خاصة يوم الخميس، وأيام الإجازات الرسمية. وتشمل المناطق الأكثر ازدحامًا فى القاهرة والجيزة شوارع مثل فيصل، الهرم، السودان، مكرم عبيد، عباس العقاد، وعين شمس وجسر السويس. كما تعانى الزحام مواقف رئيسية مثل عبود، رمسيس، المنيب، حلوان، وشبرا وتكثر الطوابير التى تمتد لساعات انتظار طويلة، نفس المشاهد تجدها متكررة بين عواصم المحافظات والمدن والمراكز التابعة لها.
وتعتمد بعض خطوط المواصلات بالكامل على الميكروباصات، خاصة بين المحافظات والمدن، ما يجعلها أكثر عرضة للتحكمات الفردية للسائقين. يتحكم السائقون بمواعيد عملهم دون أى رقابة، ما يزيد العبء على الركاب، فيمكن أن يعمل عدد من سيارات الأجرة على أحد الخطوط ويعمل فى اليوم التالى نصف هذا العدد.
أيضًا مع كل زيادة فى أسعار الوقود، ترتفع الأجرة بشكل غير منطقى، كما حدث مؤخرًا عندما زادت تعريفة الميكروباص بمقدار جنيهين فى أغلب الخطوط، فى حين أن الزيادة فى أسعار الوقود تراوحت بين جنية وجنيه ونصف، فضلًا عن معدومى الضمير ممن يقسمون المسافات فتتضاعف الأجرة على الركاب.
وهنا يطرح المواطنون ونحن معهم تساؤلًا مشروعًا: أين الحلول الجذرية؟ أليست هذه الأزمة المتكررة جديرة باهتمام السادة المحافظين ومعهم إدارات السرفيس التى تحصل رسومًا يوميًا تحت مسمى «كارتة» لا نعلم ماذا تقدم للسائقين وللمجتمع مقابلها، وعندنا أيضًا، نواب وأعضاء البرلمان الممثلون لجميع مناطق ودوائر الجمهورية ويرون أمام أعينهم الأزمة يوميًا ولم نسمع عن تحرك شعبى واحد؟
الأزمة قائمة منذ عقود، ولم تُتخذ أى إجراءات لتخفيف الضغط أو إنهاء المعاناة اليومية، على الرغم أنه بعد كل ما أنُجز من تطوير وإنشاء شبكات طرق ومحاور وكبارى جديدة، فإن أى خطوة على الأرض سوف تؤتى بثمارها سريعًا وسيشعر بها المواطن مباشرة.
فى الماضي، كان هناك بعض التدخلات السريعة تحدث مؤقتًا من بعض المسئولين بإرسال حافلات إضافية لنقل الموظفين والطلاب كحل عاجل حين تحدث أزمة طارئة كعطل فى قطارات السكك الحديدية التى تساهم بجزء فى حل الأزمة، إلا أن هذه التدخلات تبقى فى إطار الحلول الفردية ومؤقتة كردود أفعال طارئة لم تتحول إلى استراتيجية دائمة أو خطة شاملة تراعى أوقات الذروة واعتبار ساعات الصباح حالة طوارئ يومية تنعكس ظروفها على حال معظم أفراد الشعب وصحتهم النفسية والبدنية والذهنية وجميعهم موظفون وعمال وطلبة ومدرسون يقومون بواجبهم بشكل يومى وعددهم بالملايين.
لذلك، فالحل يتطلب رؤية شاملة، تتضمن تطوير البنية التحتية لوسائل المواصلات الخاصة، وتعزيز وسائل النقل العام وتوسعة خطوطها لتغطية مساحات ومناطق جغرافية أوسع، وأن تعمل إدارات السرفيس بما تحصله من أموال وتقوم بتنظيم عمل السائقين بآليات رقابة صارمة تسمح بتحول مفهوم الميكروباص من عشوائية متنقلة إلى وسائل نقل خاصة تخضع للرقابة وتخدم المواطنين وتنهى أزمة يومية مستمرة منذ عقود تبدأ يوميًا فى السادسة وتستمر للثامنة صباحًا وتعود لتتجدد من الثانية إلى الخامسة مساءً.