رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بموافقة الجيش الإسرائيلى.. العصابات تنهب مساعدات غزة!

مع تفاقم أزمة الجوع فى غزة، تسرق عصابات منظمة معظم المساعدات القليلة التى تسمح إسرائيل بدخولها إلى القطاع، وتعمل هذه العصابات بحرية فى المناطق التى يسيطر عليها الجيش الإسرائيلى، وفقًا لمسئولى مجموعة الإغاثة والعاملين فى المجال الإنسانى وشركات النقل والشهود، الذين أكدوا أن النهب الإجرامى أصبح أكبر عائق أمام توزيع المساعدات فى النصف الجنوبى من غزة، الذى تقطنه الغالبية العظمى من الفلسطينيين النازحين.. وقد قتلت عصابات مسلحة العديد من الرجال، وضربت وخطفت سائقى شاحنات مساعدات، فى المنطقة المحيطة بمعبر كرم أبوسالم الإسرائيلى، وهو نقطة الدخول الرئيسية إلى جنوب غزة.. وقال الأهالى إن اللصوص، الذين أداروا عمليات تهريب السجائر طوال هذا العام، ويسرقون الآن أيضًا الطعام والإمدادات الأخرى، مرتبطون بعائلات إجرامية محلية.. ويصف المراقبون العصابات بأنها مُعادية لحماس، وفى بعض الحالات تم استهدافها من قبل بقايا قوات الأمن التابعة لحماس، فى أجزاء أخرى من القطاع.
وخلُصت مذكرة داخلية للأمم المتحدة، حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضى، إلى أن العصابات «قد تستفيد من تشجيع سلبى، إن لم يكن نشطًا» أو «حماية» من الجيش الإسرائيلى.. إذ أكدت المذكرة أن أحد قادة العصابة أنشأ «مجمعًا شبيهًا بالجيش» فى منطقة «مقيدة وخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلى، ويقوم بدوريات فيها»، فى الوقت الذى رفضت السلطات الإسرائيلية معظم طلبات منظمات إغاثية باتخاذ إجراءات أفضل لحماية القوافل، بما فى ذلك مناشدات من أجل طرق أكثر أمانًا، ومعابر أكثر انفتاحًا، والسماح للشرطة المدنية فى غزة بحماية الشاحنات.. وقد شهد عمال إغاثة ومسئولون بالأمم المتحدة وعمال نقل وسائقو شاحنات بأن القوات الإسرائيلية، التى كانت على مرأى من الهجمات، رفضت أكثر من مرة التدخل، مع استمرار أعمال النهب.. إلا أن الجيش الإسرائيلى نفى- كاذبًا- هذه الحقائق، وقال إن قواته نفذت «إجراءات مضادة مستهدفة» ضد اللصوص، «مع التركيز على استهداف الإرهابيين، ومنع الأضرار الجانبية لشاحنات المساعدات وعناصر المجتمع الدولى»..  وأنه- أى الجيش الإسرائيلى- «يعمل على تمكين وتسهيل نقل المساعدات».. مستغلًا فى كذبه عدم قدرة الوكالات والقنوات الإخبارية على تغطية الأحداث على الأرض فى غزة، لأن إسرائيل منعت الصحفيين من الوصول إلى القطاع.. لكن مراسلى «واشنطن بوست»، والمساهمين معها- بمن فيهم صحفيون من غزة- يتحدثون إلى السكان والأطباء وعمال الإغاثة، عبر الهاتف والرسائل النصية، ويدعِّمون رواياتهم، من خلال مصادر متعددة والأطباء والعاملين بالطب الشرعى، وغيرها من الأدوات.
فى أحدث واقعة كبرى فى هذا الصدد، تعرضت ثمانى وتسعون شاحنة، من أصل مائة وتسع شاحنات- تحمل مساعدات غذائية تابعة للأمم المتحدة من كرم أبوسالم- للنهب على يد مسلحين ليل السبت الماضى، وفقًا لوكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، ورجل الأعمال فى غزة، أدهم شحيبر، الذى كان معه ثمانى شاحنات فى القافلة.. إذ قال «شحيبر» إن اللصوص أطلقوا النار على الشاحنات واحتجزوا سائقًا لساعات.. وقال بيان صادر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى «أونروا» إن الهجوم تسبب فى «إصابات للناقلين« و«أضرار جسيمة فى المركبات».. وهو ما صدّق عليه مهند هادى، منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بقوله إن «غزة خارجة عن القانون فى الأساس.. لا يوجد أمن فى أى مكان».. وأكد أن إسرائيل هى «القوة المحتلة»، لذا فإن «هذا مردود عليهم.. إنهم بحاجة إلى التأكد من أن المنطقة محمية وآمنة».
وتستند هذه القصة إلى شهادة أكثر من عشرين شخصًا، ممثلين عن مجموعة من منظمات الإغاثة الدولية، ورجال أعمال فلسطينيين مشاركين فى نقل البضائع، وشهود على الهجمات على القوافل الإنسانية.. وقد تحدث الكثيرون، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لتجنب تعريض وصولهم إلى غزة أو سلامة موظفيهم للخطر.. وتقول جماعات الإغاثة إن ما بدأ فى فصل الربيع كظاهرة عشوائية إلى حد كبير، من المدنيين اليائسين الذين يسرقون من الشاحنات، قد تحول الآن إلى مشروع إجرامى مُنظم، وأصبحت العصابات المسئولة عنه عنيفة وقوية بشكل متزايد، مما يضاعف الجهد من أجل توصيل الغذاء ومستلزمات النظافة واحتياجات مواجهة الطقس البارد إلى مليونى نازح وجائع، مع اقتراب فصل الشتاء.
●●●
فى أكتوبر الماضى، انخفض حجم المساعدات التى تصل إلى سكان غزة إلى أدنى مستوى له منذ المراحل الأولى من الحرب، حتى عندما طالب المسئولون الأمريكيون إسرائيل بزيادة المساعدات عبر القطاع، أو المخاطرة بفقدان بعض الدعم العسكرى.. وفى حين أن خطر المجاعة هو الأكثر حدة فى الشمال، فإن جميع السكان يواجهون الآن انعدام الأمن الغذائى الحاد.. بررت وحدة تنسيق أعمال الحكومة فى المناطق، وهى إدارة الشئون المدنية للأراضى الفلسطينية التابعة للجيش الإسرائيلى، القيود المفروضة على تدفق البضائع بزعم متكرر، أن حماس تسرق المساعدات وتمنعها من الوصول إلى المدنيين!!.. وفى الوقت الذى تحث فيه واشنطن، إسرائيل على السماح بدخول المزيد من الشاحنات إلى غزة، أصبح النهب أكبر عقبة أمام توزيع المساعدات المحدودة، التى تصل إليها، وفقًا لمسئول أمريكى، الذى أضاف أن حماس ليست وراء الهجمات.. وهو تقييم يشاركه فيه على نطاق واسع أولئك الذين يعملون على الأرض، «لم نرَ أى تدخل على الأرض من حماس فى أى مكان فى برامجنا، شمالًا أو جنوبًا»، هجذا قال مسئول من منظمة إغاثة دولية كبرى.
ومنذ شنت إسرائيل حملتها العسكرية فى غزة قبل أكثر من عام، بدأ النظام المدنى فى الانهيار فى فبراير الماضى، حيث استهدفت إسرائيل ضباط الشرطة المدنية، الذين كانوا يحرسون قوافل المساعدات الإنسانية، بحجة انتمائهم إلى الحكومة التى تديرها حماس.. وبدأ المدنيون اليائسون والمجرمون فى الاندفاع نحو الشاحنات لسرقة الإمدادات، مما تسبب فى تباطؤ عمليات التسليم.. فى البداية، وفقًا لعمال الإغاثة، كان العديد من اللصوص من الجياع الذين يحاولون إطعام أسرهم.. فى مايو، استولت إسرائيل على معبر رفح الحدودى مع مصر وأغلقته بعد أن كان شريان الحياة الرئيسى لغزة، مما قلل من عدد شاحنات المساعدات القادرة على دخول القطاع.. وتحولت غالبية حركة المساعدات الإنسانية إلى معبر كرم أبوسالم الإسرائيلى، المؤدى إلى جزء من جنوب غزة، حيث تسيطر منذ فترة طويلة عائلات بدوية قوية، بعضها متورط فى الجريمة المنظمة.
بحلول الصيف، كانت تجارة السوق السوداء المربحة فى السجائر المهربة- التى منعتها إسرائيل من دخول غزة خلال الحرب- مزدهرة، حيث هاجمت عصابات منظمة الشاحنات للبحث عنها.. أصبح التبغ شكلًا مهيمنًا من أشكال العملة.. علبة من عشرين سيجارة يصل ثمنها الآن إلى حوالى ألف دولار!!، وفقًا لجورجيوس بتروبولوس، رئيس مكتب غزة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، الذى وصف ما يحدث بأنه «سرطان.. تسلل إلى سلسلة التوريد لدينا».. وقال إن السجائر، التى كانت مخبأة فى الأصل بين المنتجات، يتم العثور عليها الآن داخل علب الطعام، مما يدل على أن التهريب يبدأ فى المصانع.. ويقول مسئولو الأمم المتحدة إنهم طلبوا مرارًا من إسرائيل تضييق الخناق على تهريب السجائر، أو السماح بدخولها بشكل قانونى، لتخفيف وباء النهب، لكن المناقشات باءت بالفشل.
فى شريط فيديو، صوره أحد العاملين فى المجال الإنسانى فى يونيو، وقف أربعة رجال أو جلسوا على شاحنة مكشوفة، استخدم أحدهم أداة حادة لقطع صندوق مساعدات من الأمم المتحدة، كانوا يبحثون عن السجائر، على حد قول العامل.. وخلال الصيف، خسرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية ما قيمته 25.5 مليون دولار من السلع الإنسانية بسبب النهب.. بينما قطعت إسرائيل خطوط الإمداد التجارية إلى غزة الشهر الماضى، مبررة قرارها بأن النشطاء يستفيدون من هذه التجارة.. وانخفض عدد شاحنات المساعدات التى سمحت لها بدخول القطاع إلى مستويات قياسية منخفضة.. وسُرِق ما يقرب من نصف المساعدات الغذائية التى تقلصت بالفعل، والتى نقلها برنامج الأغذية العالمى على طول طريق جنوب غزة، وفقًا للعرض الذى قدمه مكتب تنسيق الشئون الإنسانية، لمجموعة تضم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والدول المانحة، بما فى ذلك الولايات المتحدة.
وقد اعتادت العصابات التخلص من المساعدات على الطريق، ليلتقطها المدنيون، بعد العثور على السجائر المخبأة داخلها.. أما الآن «فى كثير من الحالات، يختطفون الشاحنة بأكملها ويأخذونها إلى مستودع.. لإعادة بيع المواد الغذائية وغيرها من السلع، بأسعار باهظة فى السوق السوداء».. ويظل سؤال: من يستفيد فى نهاية المطاف من البضائع المهربة أو المسروقة؟، غامضًا.. وأخيرًا اعترف مسئولون إسرائيليون- كثيرًا ما اتهموا حماس بخطف المساعدات والشحنات التجارية لإثراء نفسها- بأن عائلات إجرامية كانت وراء بعض عمليات النهب، «بعض اللصوص لهم صلات بحماس، والبعض الآخر لا»، هكذا قال مسئول إسرائيلى للصحفيين فى مؤتمر صحفى فى الحادى عشر من الشهر الحالى.. فمن الجانى إذن؟.
●●●
الرجل الذى تعتقد جماعات الإغاثة أنه زعيم العصابة الأكثر سطوًا، سبق أن قضى وقتًا فى سجن حماس، بتهم جنائية قبل الحرب، كما قال ناهد، شقيق أدهم شحيبر، رئيس جمعية النقل الخاصة فى غزة.. وحددت المذكرة الداخلية للأمم المتحدة، ياسر أبوشباب- وهو من قبيلة الترابين، التى تمتد جنوب غزة وصحراء النقب فى إسرائيل- باعتباره «صاحب المصلحة الرئيسى والأكثر نفوذًا، وراء النهب المنهجى والجماعى» لقوافل المساعدات.. قال ناهد شحيبر إن أبوشباب، الذى يعمل فى الجزء الشرقى من رفح، يقود مجموعة من حوالى «مائة بلطجى»، يهاجمون شاحنات تحمل المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات إلى غزة.. ووصف كيف تُقيم العصابة حواجز أمام مواكب السيارات على طول الطريق الذى تسيطر عليه إسرائيل من كرم أبوسالم، حيث ينتظرون ببنادق كلاشينكوف وأسلحة أخرى.. فى إحدى الحوادث التى وقعت فى أوائل أكتوبر الماضى، تعرضت نحو ثمانين شاحنة من أصل مائة شاحنة مساعدات تابعة لشحيبر للهجوم، وسرق رجال أبوشباب البضائع التى بداخلها، وقتلت العصابة أربعة من سائقيه، منذ مايو الماضى، كان آخرهم فى هجوم وقع فى الخامس عشر من أكتوبر.. وقال شحيبر إن سائقًا آخر تعرض للهجوم الشهر الماضى، لا يزال فى المستشفى، مصابًا بكسور فى الذراعين والساقين.. وقال بتروبولوس: «السمة الواضحة الآن، على عكس ما كان عليه الحال قبل شهرين، هى أن هناك عنفًا حقيقيًا واضحًا.. سائقو الشاحنات الذين نستأجرهم يتعرضون للضرب والتشويه والقتل».
تواصلت «واشنطن بوست» مع أبوشباب، زعيم العصابة المزعوم، عبر الهاتف هذا الشهر.. ونفى أن يحمل رجاله أسلحة أو يهاجمون السائقين.. وبينما أقر بأنه وأقاربه «يأخذون السجائر من الشاحنات»، أصر على أنهم لا يلمسون «الطعام أو الخيام أو الإمدادات للأطفال».. مؤكدًا أن هجماته وُلِدت من اليأس، «لم تترك لنا حماس شيئًا، ويأتى رجالها المسلحون من حين لآخر ويطلقون النار علينا.. دعوا أولئك الذين يتهموننا بالعمل مع إسرائيل يقولون ما يريدون.. إسرائيل ليست بحاجة إلينا».. وفى المناطق المكتظة بالسكان الأبعد داخل غزة، حيث لا تزال قوات الأمن التابعة لحماس تعمل، وإن كان حجمها أقل بكثير، فإنها تعاقب التجار الذين يشترون البضائع من أبوشباب لبيعها بأسعار مبالغ فيها، على حد قول ناهد شحيبر.. الذى قال إن «الأمور تحت السيطرة» فى المناطق التى تسيطر عليها حماس.. إن «التحدى الوحيد الذى يواجهنا هو المنطقة التى يقع فيها أبوشباب»، وهى جزء من غزة «تحت الحماية الإسرائيلية»، ولم ترد إسرائيل على أسئلة من الـ«واشنطن بوست» حول أبوشباب وأنشطته الإجرامية.
لعدة أشهر، وافقت إسرائيل على مسار واحد فقط لجميع المساعدات التى تدخل عبر معبر كرم أبوسالم.. طريق وعر يمتد من نقطة التقاط البضائع عبر رقعة مُقفرة فى جنوب شرق غزة.. يقول أحد العاملين فى المجال الإنسانى، الذى يسافر بانتظام على هذا الطريق، إن اللصوص عادة ما يتمركزون على بعد ما يزيد قليلًا عن ميل ونصف الميل من المعبر.. وروى آخرون أنهم رأوا رجالًا وصبية أقرب إلى نقطة الدخول، بعضهم مُسلح بالعصى والقضبان والبنادق.. وأثناء سفره فى قافلة إنسانية خلال زيارة إلى غزة هذا الشهر، قال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجى للاجئين، إنه رأى مجموعة من الرجال يحملون عِصيًا على بعد أقل من نصف ميل من نقطة التقاط المساعدات.. وقد تناثرت الفُرش المخصصة للنازحين على طول الطريق، بعد أن مزقها اللصوص الذين يبحثون عن السجائر.. موضحًا أن عدة شاحنات هُوجمت فى وقت لاحق من ذلك اليوم.. ويُزيد كل من أدهم شحيبر، وقاهر حميد، صاحب شركة نقل أخرى فى غزة، إن شاحنتيهما نُهبتا على بعد ما يزيد قليلًا عن خمسمائة ياردة، من المواقع العسكرية الإسرائيلية!!.. «الجيش الإسرائيلى يراهم ويراقب بصمت كل ما يحدث».
إلا أن إيجلاند، الذى تُقدم منظمته الإغاثة الإنسانية والدعم النفسى والاجتماعى للأطفال فى غزة، أكد أنه «لا يمكن فعل أى شىء فى القطاع، دون علم إسرائيل».. وأشارت مذكرة الأمم المتحدة إلى أنه فى الوقت الذى تقوم فيه العصابات بعملها علنًا، فإن المرافقين المحليين الذين توظفهم شركات الخدمات اللوجستية «تعرضوا لإطلاق النار بشكل متكرر» من قِبل القوات الإسرائيلية أوائل أكتوبر، واصفًا حادثة واحدة، شملت طائرة دون طيار «كوادكوبتر».. وفى الوقت نفسه، فإن مقاتلى حماس المشتبه بهم، الذين يحملون أسلحة فى أجزاء أخرى من غزة، يتم إخراجهم بشكل عام على الفور من قِبل الجيش الإسرائيلى، كما قال عمال الإغاثة.. وكثيرًا ما ينشر الجيش الإسرائيلى لقطات مراقبة بطائرات دون طيار لمثل هذه الضربات المستهدفة.. وقد واجه مسئولو الأمم المتحدة نظراءهم الإسرائيليين بشأن انعدام الأمن حول معبر كرم أبوسالم، «فى مرحلة ما قلنا للمسئولين الإسرائيليين، ما الذى يعنيه ذلك، ليجعلنا نفكر إذا كان المكان الوحيد فى غزة، الذى يمكن فيه لفلسطينى مسلح، أن يقترب من مائة وخمسين مترًا من دبابة، ولا يصاب بالرصاص هناك؟»، كما قال بتروبولوس.
ويبقى القول بأن جماعات إغاثة إنسانية طلبت مرارًا من السلطات الإسرائيلية الموافقة على معابر وطرق أخرى تسمح لها بتجاوز العصابات.. وأكدت أنه تم تجاهل هذه المناشدات لعدة أشهر، «الطريق الوحيد الذى يقدمونه لنا هو مباشرة من خلال اللصوص»، على حد قول أحد عمال الإغاثة.. وعندما حاول برنامج الأغذية العالمى فتح طريق آخر للاستخدام الإنسانى فى الأشهر الأخيرة، تعرض فريقه لإطلاق النار فى عدة مناسبات، وفقًا لما ذكرته علياء زكى، المتحدثة باسم الوكالة.. ووافقت إسرائيل أخيرًا على المسار الجديد الشهر الماضى، وبدأت بعض شاحنات المساعدات فى استخدامه.. لكن اللصوص تكيفوا مع الطريق الجديد، واستهدفوا القوافل هناك أيضًا.. وقال جانتى سوريبتو، الرئيس التنفيذى لمنظمة إنقاذ الطفولة، إن الطريقة الوحيدة لمعالجة الأزمة الإنسانية فى غزة حقًا هى إغراق القطاع بالمساعدات والإمدادات التجارية، مما يُقوِّض التلاعب بالأسعار الذى يُغذى أعمال النهب، «يختفى الكثير من الفوضى عندما تحصل بالفعل على مساعدات إنسانية كافية.. إن حياة الفلسطينيين الذين لا حصر لهم يمكن أن تعتمد على ذلك».. لكن السؤال هو: هل تهتم إسرائيل بحياة الفلسطينيين فى قليل أو كثير؟.. الإجابة: لا.. إنها تتمنى لو استطاعت محوهم من فوق الأرض!!.. ولذلك، تسمح بحدوث حالات النهب والسرقة لشاحنات المساعدات الإنسانية، على مرأى ومسمع من جنود جيشها.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.