عودة «النصر للسيارات».. الكشف عن أول أتوبيس صديق للبيئة «تصنيع محلى»
تعلن شركة «النصر للسيارات»، غدا، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، عن نجاحها فى تصنيع أتوبيسات كهربائية صديقة للبيئة، وتسليمها لوزارة النقل، للعمل فى العاصمة الإدارية الجديدة، ما يؤكد نجاح خطة الدولة لإحياء الشركة التابعة لوزارة قطاع الأعمال.
ويكشف الدكتور مصطفى مدبولى عن مستجدات جهود تعميق التصنيع المحلى للسيارات، عبر توجه شركة «النصر للسيارات» لإنتاج نحو ٤٠ ألف سيارة ملاكى سنويًا، بالتعاون مع الشركاء الأجانب.
وحسب مصادر فى وزارة قطاع الأعمال، سيتم تأسيس شركة أخرى تدخل فيها «النصر للسيارات» شريكًا، وتضم شركاء آخرين من القطاع الخاص، لتنفيذ الخطة، على ضوء جدية الحكومة فى تعميق صناعة السيارات وتوطينها، بهدف خفض الاستيراد، وتعزيز الصناعة المحلية، وزيادة التصدير فى المقابل.
ويكشف عدد من الخبراء فى مجال صناعة السيارات، خلال السطور التالية، ملامح خطة التطوير، وحجم الإنتاج المنتظر، وفوائد ذلك على الاقتصاد الوطنى.
وقال المهندس حسين مصطفى، رئيس رابطة مصنعى السيارات، إن إعادة تشغيل مصنع «النصر للسيارات» تعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى فى مجال التصنيع، وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية خلال السنوات الماضية.
وأضاف «مصطفى»: «مصر كانت تعتمد بشكل كبير على استيراد السيارات لتلبية الطلب المحلى، ما كان يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطنى، ويؤدى إلى زيادة العجز فى الميزان التجارى، لذا فإن تطوير هذا المصنع يسهم فى خفض الواردات، وزيادة الإنتاج المحلى، ما يعزز من قوة الصناعة الوطنية، ويخفف الضغط على العملة الصعبة».
وواصل: «مصنع النصر للسيارات يعد مصدرًا كبيرًا لفرص العمل، سواء فى خطوط الإنتاج أو فى الصناعات المغذية المرتبطة به، ومن خلال إعادة إحياء المصنع وتحديثه سيتم توفير الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ما يسهم فى تقليل البطالة وتعزيز الاقتصاد المحلى»، مشددًا على أن «هذه الخطوة تعد من الاستثمارات القوية فى العنصر البشرى، الذى يشكل ركيزة أساسية فى رؤية التنمية المستدامة التى يتبناها الرئيس السيسى».
وبين أن «النصر للسيارات» تعرضت للعديد من الأزمات منذ الثمانينيات، بداية من انخفاض الإنتاج، وزيادة تكاليف التشغيل، وصولًا إلى المنافسة القوية من السيارات المستوردة ذات الجودة العالية والأسعار المنافسة.
وأضاف: «الشركة واجهت مشاكل إدارية وفنية أدت إلى تدهور مستوى الإنتاج، إضافة إلى قلة الاستثمارات فى التكنولوجيا الحديثة وعمليات التصنيع المتقدمة، وبحلول أوائل الألفية وصلت الشركة إلى مرحلة توقف تام عن الإنتاج وكادت تُعلن تصفيتها».
قال هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال السابق، إنه فى إطار رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى لتحفيز التنمية الصناعية، وتطوير البنية التحتية فى مصر، وضعت الحكومة خطة طموحة لإعادة إحياء مصنع «النصر للسيارات».
وأضاف «توفيق»: «البداية كانت التعاون مع شركات عالمية لتحديث خطوط الإنتاج، وتزويد المصنع بتقنيات حديثة، وشملت عملية التطوير إدخال تكنولوجيا تصنيع متقدمة تواكب المعايير الدولية، بما فى ذلك تصنيع السيارات الكهربائية، التى تعد المستقبل الواعد فى صناعة السيارات عالميًا».
وواصل: «اتجهت مصر إلى التعاون مع كبرى شركات صناعة السيارات العالمية لتطوير الإنتاج، فعلى سبيل المثال، تم توقيع اتفاقيات مع شركات صينية وأوروبية لتعزيز التكنولوجيا ونقل الخبرات، وكان هناك اهتمام خاص بتطوير السيارات الكهربائية كجزء من رؤية مصر ٢٠٣٠ للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات الكربونية»، مؤكدًا أن «هذا التعاون الدولى لا يسهم فقط فى تحسين الجودة، لكنه يفتح أيضًا فرصًا جديدة للتصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية».
وأكمل: «مصنع (النصر للسيارات) بدأ فى عهد الرئيس السيسى بتطوير إنتاجه؛ ليشمل الأتوبيسات والسيارات الملاكى، وتم التركيز على تصنيع أتوبيسات تعمل بالكهرباء والهيدروجين، وهى خطوة تتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى».
وشدد على أن صناعة السيارات تعد من الصناعات الاستراتيجية التى تسهم فى تعزيز الاقتصاد الوطنى، لما لها من دور كبير فى التنمية الصناعية، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الاكتفاء الذاتى.
وأتم بقوله: «يأتى تطوير وتعميق هذه الصناعة فى إطار خطة مصر لتعزيز الإنتاج المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة فى البلاد».
واتفق الدكتور أحمد سعودى، الأمين العام للاتحاد الأفروآسيوى للاقتصاد والاستثمار، على أهمية تعميق صناعة السيارات فى مصر، بما يعزز من مكانتها كقاعدة صناعية إقليمية مهمة.
وأضاف «سعودى»: «ما يمكن مصر من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وجود صناعة سيارات قوية تدعم العديد من القطاعات الأخرى، مثل الصناعات المغذية التى تشمل تصنيع المكونات والأجزاء المختلفة للسيارات، مثل المحركات والإطارات والزجاج، وهذه الصناعات المغذية تخلق سلسلة من القيمة المضافة داخل الاقتصاد المحلى، ما يؤدى إلى تحفيز النمو الاقتصادى وزيادة الإنتاج الصناعى».
وواصل: «الصناعات المغذية تمثل جزءًا لا يتجزأ من سلسلة الإنتاج فى قطاع السيارات، فى ظل اعتماد الشركات المصنعة على مزودى قطع الغيار والأجزاء»، مؤكدًا أن « تعميق صناعة السيارات يعزز من تطوير هذه الصناعات، خاصة مع زيادة الطلب على مكونات العربات المصنعة محليًا».
وأكمل: «هذا التطوير يتيح الفرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة الدخول فى سلسلة التوريد، ما يزيد من قدرة السوق المحلية على توفير منتجات ذات جودة تنافسية وأسعار أقل من المستوردة».
وشدد على أن «إعادة إحياء مصنع النصر وتطويره بهدف إنتاج سيارات بجودة عالية يفتح أبوابًا جديدة أمام مصر لدخول أسواق التصدير»، مضيفًا: «إنتاج سيارات محلية بمعايير دولية يتيح لمصر التوسع فى أسواق إقليمية وعالمية، خاصة فى إفريقيا والشرق الأوسط، ما يسهم فى زيادة حجم الصادرات».
وتابع: «زيادة الصادرات تعزز من الدخل القومى وتسهم فى تحسين الميزان التجارى، ما يقلل من العجز التجارى ويزيد من احتياطات العملة الصعبة فى البلاد»، لافتًا إلى أن تعميق صناعة السيارات يتطلب استثمارات كبيرة فى مجالات البحث والتطوير والابتكار.
واختتم بقوله: «تحفيز هذه المجالات يساعد على تحسين جودة المنتجات، وتطوير تكنولوجيات جديدة فى الصناعة، مثل السيارات الكهربائية والهجينة، التى تتماشى مع الاتجاهات العالمية نحو الحفاظ على البيئة وتقليل انبعاثات الكربون. كما أن دعم الابتكار المحلى يسهم أيضًا فى بناء قاعدة من المهندسين والمصممين المصريين ذوى المهارات العالية». وتعد شركة «النصر للسيارات» واحدة من أبرز العلامات الصناعية فى مصر، وهى مؤسسة لها تاريخ طويل يعود إلى الحقبة الناصرية فى خمسينيات القرن العشرين، أسسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كجزء من خطته لبناء قاعدة صناعية قوية فى مصر تدعم التحديث والتنمية.
واستهدفت «النصر للسيارات» فى الأساس إنتاج السيارات محليًا، وتقليل الاعتماد على الواردات. ولسنوات عديدة كانت الشركة رمزًا للنهضة الصناعية المصرية، لكنها عانت من تحديات كبيرة أدت إلى خسائر مالية دفعتها إلى حافة التصفية.
لكن فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، شهدت الشركة تحولًا كبيرًا نحو التعافى والنمو، بفضل خطوات جدية نحو التطوير وإعادة إحياء إنتاجها، بما يعكس احترامًا للإرث التاريخى للزعيم جمال عبدالناصر، الذى سعى لتعزيز التصنيع المحلى وجعل مصر دولة مستقلة صناعيًا.