مصر وقطر.. على طريق مدينة الصلاة
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا من خلال البيت الأبيض أن مصر وقطر هما جزء أساسى من الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل. هذه التصريحات تؤكد الدور المهم الذى تقومان به فى الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، كما يعكس فى الوقت نفسه التحديات الكبيرة التى تواجه المنطقة فى ظل تزايد التصعيد العسكرى.
تاريخيًا، كان لمصر دور محورى فى الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بفضل موقعها الجغرافى ومكانتها السياسية فى العالم العربى، وقبل ذلك كله بسبب خبرتها التاريخية فى مفاوضات السلام منذ كامب ديفيد، وخبرتها فى رعاية المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وعلاقاتها الوثيقة مع كل أطراف الحوار.
لم تقطع مصر علاقاتها مع حماس، رغم مساندتها فترة حكم الجماعة الإرهابية فى مصر. وفى نفس الوقت حافظت مصر على علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، مما جعلها طيلة الوقت طرفًا محايدًا فى المفاوضات، يستطيع القيام بدور الوسيط فى العديد من الهدنات بين حماس وإسرائيل بالضغط على كل الأطراف المختلفة لإيقاف التصعيد.
أما قطر، فهى تمتلك تاريخًا من العلاقات فى قطاع غزة، حيث ساندت القضية الفلسطينية ودعمت حماس عبر استخدام قوتها الدبلوماسية المرنة وتمويل الكثير من المشروعات هناك.. مما جعلها طرفًا مؤثرًا فى عملية التفاوض.
تشير التوقعات إلى إمكانية نجاح الدور المصرى والقطرى فى المفاوضات، ولا ينفى هذا أن الوضع الإقليمى المعقد يجعل من أى اتفاق بين حماس وإسرائيل محفوفًا بالمخاطر. فما زالت حركة حماس لا تعترف بوجود إسرائيل، وهى تواصل دعوتها إلى تحرير فلسطين، وهو ما يعنى سياسيًا أن هناك فجوة عميقة فى الأيديولوجيات والمرجعيات بين الطرفين. هذا الأمر يعقد المفاوضات التى تشهد تحديات كبيرة تتعلق بمواقف مثل وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة.
هناك تأثيرات إقليمية معقدة تسهم فى تعقيد الأمر؛ تصاعد التوترات مع إيران التى تدعم حركة حماس بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على بعض الدول العربية الأخرى الضغط على الحركة لتقديم تنازلات. فى نفس الوقت، لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة، التى تسعى لحل النزاع وفقًا لمصالحها الأمنية والاستراتيجية فى المنطقة.
المنطقة العربية بأسرها تواجه خطر التصعيد فى ظل النزاع الفلسطينى- الإسرائيلى المستمر. أى فشل فى المفاوضات أو انهيار اتفاق الهدنة قد يؤدى إلى حرب شاملة، لا سيما فى ظل تحركات عسكرية مكثفة من الجانبين. كما أن التصعيد فى غزة قد يمتد إلى مناطق أخرى مثل الضفة الغربية، وقد يؤدى إلى تداعيات إنسانية أكثر خطورة.
الأوضاع الإقليمية ليست أقل تعقيدًا، حيث يمكن أن تتداخل مساحات النزاع فى سوريا واليمن والعراق مع الأزمة الفلسطينية، مما يتسبب فى تفجير صراعات جديدة تؤثر على استقرار المنطقة كلها. إذا فشلت المفاوضات، فإن الأوضاع فى غزة سوف تشهد المزيد من العنف والمعاناة الإنسانية، مما يعقد من فرص التسوية السلمية.
نقطة ومن أول الصبر..
يعد الدور المصرى والقطرى فى المفاوضات بين حماس وإسرائيل جزءًا أساسيًا من عملية معقدة قد تؤدى إلى تحقيق نوع من التهدئة فى ظل مواجهة تحديات كبيرة على المدى الطويل، سواء من حيث التنفيذ أو التوافق على ملفات أساسية، مثل: الاعتراف المتبادل وحقوق الفلسطينيين.