رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كذبة جديدة لواشنطن بوست

عن صورة لملعب مدرجاته شبه خالية، قالت إن دونالد ترامب سيتحدث فيه أمام مؤيديه، حصلت جريدة «واشنطن بوست»، فى يناير ٢٠١٨، على المركز الخامس فى جوائز «الأخبار الكاذبة». ومع رابط لقائمة الفائرين بالجوائز، كتب ترامب فى حسابه على «تويتر»، «إكس» حاليًا، أن «٢٠١٧ كانت سنة الانحياز المفرط، والتغطية الإعلامية غير النزيهة، والمعلومات الكاذبة المخجلة»، متعهدًا بأن تعمل الولايات المتحدة تحت إدارته «على الحد من انحياز وسائل الإعلام لتعود عظيمة من جديد».

لو تكررت هذه التجربة، تجربة منح جوائز لـ«الأخبار الكاذبة»، نعتقد أن الجريدة الأمريكية الرصينة، أو التى كانت كذلك، ستقفز إلى المركز الأول عن انفرادها بنشر تفاصيل مكالمة لم تحدث بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكى المنتخب، رآها ديميترى بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسية الروسية، «المثال الأكثر وضوحًا على جودة المعلومات التى يتم نشرها الآن، حتى فى وسائل الإعلام المحترمة». 

عن مصادر مجهولة، أو وهمية، وصفتها بـ«المطلعة»، ذكرت جريدة «واشنطن بوست»، فى تقرير نشرته، الأحد الماضى، أن ترامب ناقش الحرب فى أوكرانيا مع بوتين، الخميس الماضى، وطالبه أو نصحه بـ«ضبط النفس»، و«عدم التصعيد»، فى أول محادثة تليفونية بين الرئيسين، بعد فوز ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبسؤاله بشكل مباشر، بعد تعليقه المشار إليه، عما إذا كانت المحادثة جرت أم لا، قال بيسكوف: «هذا غير صحيح تمامًا.. لم تكن هناك محادثة.. إنها ببساطة معلومات كاذبة»، كما أكد أنه «لا توجد خطط محددة حتى الآن» لمحادثة بين بوتين وترامب، ونفى، بشكل قاطع، أن تكون الرئاسية الروسية أو وزارة الخارجية قد أجرتا أى اتصالات مع حملة ترامب بعد الانتخابات.

الطريف، هو أن المركز الثانى، فى جوائز ٢٠١٨ لـ«الأخبار الكاذبة»، كان من نصيب براين روس، الذى طردته شبكة «إيه. بى. سى»، بسبب تقرير زعم فيه أن ترامب أمر مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومى، بإجراء اتصالات مع روسيا، قبل الانتخابات. أما المركز الأول، فحصل عليه بول كروجمان، الحاصل على جائزة نوبل فى الاقتصاد، عن مقال نشرته «نيويورك تايمز»، توقع فيه أن يؤدى فوز «ترامب»، فى انتخابات ٢٠١٦، إلى انهيار الاقتصاد الأمريكى، وكانت المراكز السادس والسابع والتاسع، من نصيب شبكة «سى. إن. إن»، وحدها، عن عدة تقارير، زعم أحدها أن جيمس كومى، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق، لم يخبر ترامب بأنه لن يتم التحقيق معه بشأن قضية التدخل الروسى، و... و... كان المركز الأخير من نصيب كل التقارير التى تناولت قضية التدخلات الروسية فى تلك الانتخابات بوصفها «أكبر عملية خداع تعرض لها الشعب الأمريكى». 

وقتها، احتفت «واشنطن بوست» بمقال كتبه السيناتور الجمهورى الراحل جون ماكين، لا رحمه الله، انتقد فيه ترامب، ودعاه إلى التوقف عن الهجوم على وسائل الإعلام، لأن «القادة الأجانب، يستخدمون عباراته كذرائع للحد من حرية التعبير»، زاعمًا أن تعبير «أخبار كاذبة» الذى أعطى له ترامب الشرعية، «يستخدمه الطغاة لإسكات الصحفيين». كما احتفت الجريدة، أيضًا، بتصريحات أدلى بها السيناتور جيف فليك، قال فيها إنه «لم يعد ممكنًا تجاهل الهجمات التى يقوم بها رئيس لا يقبل الانتقاد على وسائل الإعلام»، واتهم ترامب باستخدام «لغة ستالينية»، فى إشارة إلى الرئيس الروسى الأسبق جوزيف ستالين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الـ«واشنطن بوست» كانت قد قررت، على غير عادتها، ألا تدعم أيًّا من المرشّحين، وأدى هذا القرار إلى استقالة ثلث هيئة التحرير تقريبًا، وإلغاء ٢٥٠ ألف اشتراك. وقيل إنه جاء استجابة لضغوط مالكها جيف بيزوس، مؤسس «أمازون»، الذى ردّ بأن الحياد هو أفضل ما يمكن فعله فى وقت «لم يعد فيه الأمريكيون يثقون فى وسائل الإعلام الإخبارية». وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، أكد أن واشنطن تعتزم تقديم ما تبقى من التمويل المخصص لكييف، قبل تنصيب ترامب رئيسًا، فى ٢٠ يناير المقبل، محذرًا من مخاطر توقف الدعم الأمريكى لأوكرانيا على العالم.. كل العالم!