آمنة تمامًا للكبار والصغار
"شكّة" الأمان.. التطعيمات المصرية حصن منيع لمواجهة الأمراض
مع تغيرات الأجواء من الصيف للخريف وتغير درجات الحرارة، تظهر الحاجة الماسَّة للتطعيمات التي باتت مصر واحدة من الدول الرائدة فيها، سواءً للصغار في مختلف المدارس والمحافظات، أو كبار السن الذين يتم تقديم لهم تطعيمات مهمة لمناعتهم وصحتهم، بجانب الموجودين من أصحاب الجنسيات الأخرى على أرض مصر الذين يتم تقديم الخدمة لهم بشكل متميز.
بدأت الدولة في دعم فكرة إنتاج اللقاحات بشكل مكثف، مع التركيز على تحقيق اكتفاء ذاتي في هذا المجال، وتُعتبر اللقاحات جزءًا أساسيًا من الأمن القومي، مماثلةً لأهمية الأسلحة، حيث تسعى الدولة إلى تلبية احتياجاتها من اللقاحات محليًا.
كما تهدف الدولة إلى تصدير اللقاحات إلى الدول الإفريقية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ما يمثل المرحلة الثانية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويشمل ذلك أيضًا نقل التكنولوجيا وتطوير قدرات الإنتاج داخل مصر، ما يسهم في تحويلها إلى مركز رائد لإنتاج اللقاحات في المنطقة.
"الدستور" تحدث مع عدد من الأطباء المعنيين باللقاحات، سواء للأطفال أو للكبار، وعدد من المواطنين الذين يتحدثون عن أهمية اللقاحات خاصة في تلك الفترة، وتغير الأجواء.
الحصن المنيع لحماية الأطفال من الأمراض الموسمية مع دخول المدارس
أكد الدكتور أشرف عقبة، رئيس أقسام الباطنة والمناعة السابق في جامعة عين شمس، ضرورة حماية الأطفال من الأمراض الموسمية عبر التطعيمات الرئيسية، والالتزام بالمشاركة في حملات التطيعم التي تقوم بها الدولة، مبينًا أن لذلك الأمر أهمية لا سيما مع بداية العام الدراسي وازدحام الفصول الدراسية، ما يزيد من خطر نقل العدوى بينهم.
وشدد عقبة، لـ"الدستور"، أهمية التطعيمات الدورية التي تحمي الأطفال من الأمراض التي تزداد في فصل الشتاء، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات لا تحمي الأطفال فحسب، بل تسهم أيضًا في حماية الأسر وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الذين قد يتعرضون للعدوى، لأن الطفل يمكن أن يصاب بالعدوى وبالتالي من السهل نقلها إلى ذويه في المنزل وبالتالي يزيد عدد المصابين.
وأشار الدكتور عقبة إلى أهمية تعليم الأطفال وسائل الوقاية الأساسية حتى تتسق تصرفاته مع حملات التطعيمات التي تقوم بها الدولة، ونصل إلى النتيجة المنشودة منها، ضاربًا مثالا بغسل اليدين بانتظام، واستخدام الأدوات الشخصية، والتأكد من نظافة ملابسهم.
كما دعا الأسر إلى الاهتمام بصحة أطفالهم من خلال تحضير وجبات مدرسية صحية، لتجنب الاعتماد على الوجبات الجاهزة أو الملوثة، مبينًا أنه كلما التزم الطفل بالتطعيمات حمى نفسه وأسرته من الأمراض الموسمية، لا سيما مع اقتراب دخول فصل الشتاء المعروف بأنه فصل الأمراض المعدية.
وأكد الدكتور أشرف عقبة أن التوعية والوقاية هما المفتاح للحفاظ على صحة الأطفال والمجتمع بأسره خلال هذا الموسم، لذلك لا بد على الأسرة كاملة المشاركة في أي حملات تطعيمات تقوم بها الدولة.
خطة طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتى والتوسع فى تصدير اللقاحات
أمجد حداد، رئيس قسم الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، قال إن اللقاحات أو التطعيمات من أبرز العوامل التي ساهمت في القضاء على الأوبئة عبر العصور، فقد أدت الأوبئة، في فترات سابقة، إلى وفاة ملايين الأشخاص بسبب انتشار الأمراض التي لم تكن لها لقاحات. فعلى سبيل المثال، كان مرض الجدري البشري يؤدي إلى معدلات وفيات مرتفعة، كما شهدت الأمراض المعدية الأخرى مثل الحصبة والتهاب السحايا حالات وفيات كبيرة.
وأضاف حداد، لـ"الدستور"، أن منظومة اللقاحات ساهمت بشكل كبير في تقليل هذه الوفيات، بل وأنهت بعض الأمراض تمامًا، ويشهد العالم اليوم اقتراب نهاية مرض شلل الأطفال، بفضل الجهود العالمية في التلقيح.
لكن دور اللقاحات لا يقتصر فقط على القضاء على الأمراض، بل يمتد إلى تقليل مضاعفاتها، وساهمت لقاحات كوفيد-19 في تقليل حدة الوباء وتحويل الفيروس إلى شكل أقل خطورة، فإن تعرض جهاز المناعة للقاح يعزز من قدرته على مواجهة الفيروسات.
وتابع أستاذ المناعة أن لقاح الإنفلونزا الموسمية يعتبر هو الآخر من اللقاحات الهامة، حيث يلعب دورًا حيويًا في تقليل مخاطر الوفاة الناتجة عن الإنفلونزا، التي تُعتبر مرضًا خطيرًا، كما تُساعد لقاحات التهاب الكبد الوبائي والحصبة والدفتيريا في حماية الأطفال وتخفيف انتشار هذه الأمراض، لذلك فإن اللقاحات تعد سلاحًا فعالًا في مواجهة الأمراض وتقليل مضاعفاتها، ما يعكس أهمية الالتزام بالتطعيمات لحماية المجتمعات من الأوبئة.
أما فيما يخص السؤال الشائع حول أفضلية ترك المناعة تكتسب الأمراض طبيعيًا بدلًا من أخذ اللقاحات، يقول "حداد" إنه إذا اعتبرنا ذلك تصورًا فعلًا، فإننا نبدأ من الصفر مع الأطفال حديثي الولادة، حيث يجب ألا يحصلوا وقتها على التطعيمات الأساسية مثل لقاحات شلل الأطفال والحصبة والدفتيريا وغيرها.
وأضاف: هناك أطفال قد يكون لديهم ضعف في المناعة أو أمراض مزمنة، وإذا أصيبوا بأحد هذه الأمراض فقد تؤدي الحالة إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الوفاة، وسابقًا كان يُحتفل بانتشار الأمراض مثل الحصبة بطريقة غير واعية، حيث تتجمع العائلات والأطفال للاحتفال بإصابة طفل واحد بالمرض، ما يعرض الأطفال الآخرين للخطر.
وأوضح أستاذ المناعة أنه من المهم أن نفهم أن اللقاحات تُعطى في صورة مضعفة أو ميتة من الفيروس، ما يجعلها آمنة وتساعد في بناء المناعة دون التعرض لمخاطر المرض الحقيقي، والإصابة بأمراض حقيقية يمكن أن تكون خطيرة، خصوصًا للأطفال ذوي المناعة الضعيفة.
لذلك لا يجب الاعتماد على العدوى الطبيعية لبناء المناعة، وإن تُرِكَت النفس عُرضة للأمراض يعرض الفرد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك مضاعفات صحية قد تؤدي إلى الوفاة، وبالتالي اللقاحات تظل الخيار الأكثر أمانًا وفاعلية لحماية الأفراد والمجتمعات.
وأكد "حداد" أن الدولة، خاصةً خلال جائحة كورونا، أولت اهتمامًا كبيرًا لمنظومة اللقاحات، وقد أرسى الرئيس عبدالفتاح السيسي أولوية قصوى لهذا الملف، حيث كانت المفاجأة التي أحدثتها الجائحة دافعًا لتوجيه الأنظار نحو إنشاء أكبر مركز لإنتاج اللقاحات في مصر.
طبيب أطفال: التطعيمات تفيد فى تقليل شدة أعراض المرض وتسرع الشفاء
في حديثه مع "الدستور"، أكد الدكتور أكرم محمد عبدالرحمن، أخصائي الأطفال في قصر العيني، أهمية التطعيمات الإجبارية للأطفال في السنة الأولى من عمرهم، مشيرًا إلى أنها تمثل درعًا واقية ضد العديد من الأمراض الخطيرة.
وأوضح الدكتور عبدالرحمن أن هناك ثلاثة تطعيمات أساسية يجب أن يحصل عليها الأطفال في هذه المرحلة العمرية، وهي تطعيم "الروتا"، الذي يحمي من فيروس الروتا المسبب للإسهال الحاد، وتطعيم "المكورات الرئوية" الذي يساعد في الوقاية من التهابات الرئة، إضافة إلى تطعيم "الإنفلونزا" الذي يُعطى خلال فصل الشتاء.
وأشار إلى أن هذه التطعيمات تلعب دورًا حيويًا في تقليل شدة الأعراض ومدى انتشار الأمراض، حيث يسهم الحصول عليها في تخفيف الأعراض المرتبطة بالأمراض وتقليل مدة المرض، ما يقلل من الحاجة إلى دخول المستشفى، مشيرا إلى أن الأطفال الذين يحصلون على هذه التطعيمات يعانون من أعراض أقل حدة مقارنةً بأقرانهم غير الملقحين.
كما نبه الدكتور عبدالرحمن إلى أن فصل الشتاء يشهد ارتفاعًا في انتشار الفيروسات التنفسية، حيث يكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والفيروسات المخلوية، لذا من الضروري أن يتم تطعيم الأطفال في الفترة من ديسمبر إلى فبراير، وهي الفترة التي تُسجل فيها أعلى معدلات الإصابة بهذه الأمراض.
وأضاف أنه بجانب التطعيمات الأساسية، توجد تطعيمات إضافية مثل "الجديري المائي" و"التهاب الكبد"، التي ينبغي أخذها في الاعتبار، خصوصًا في البيئات التي قد يكون فيها الطفل معرضا للإصابة بالفيروسات، مؤكدًا أن الالتزام بجدول التطعيمات يعد خطوة حيوية للحفاظ على صحة الأطفال وتقليل المخاطر المرتبطة بالأمراض الشائعة.
كما دعا الدكتور عبدالرحمن، الآباء إلى التأكد من حصول أطفالهم على جميع التطعيمات اللازمة في مواعيدها المحددة، لضمان حماية صحتهم وتعزيز مناعتهم ضد الأمراض.
دعاء: أحرص على تطعيم ابنى وقاية له من الأمراض
أكدت السيدة دعاء محمود، والدة الطفل محمد سيد (7 سنوات)، حرصها على حصول طفلها على التطعيمات اللازمة التي تحددها الدولة.
وأشارت إلى أهمية التطعيمات الخاصة بنزلات البرد، خاصة في فصل الشتاء، حيث يتعرض الأطفال بشكل متكرر لهذه النزلات نتيجة تغير الفصول وانخفاض درجات الحرارة.
وأضافت أن ابنها يعاني من مناعة ضعيفة، ما يجعل الحصول على التطعيمات ضرورة قصوى لحمايته من النزلات الشعبية.
وأوضحت "دعاء" أنها تتأكد من عدم إصابة طفلها بارتفاع في درجات الحرارة أو تناوله مضادات حيوية في مواعيد التطعيم، حيث تؤكد العديد من النصائح الطبية أن هذه الظروف قد تؤثر سلبًا على فاعلية التطعيم.
منال: دور الدولة واضح فى الحرص على صحة أبنائنا
في سياق متصل، أكدت منال محمد، والدة الطفل نورالدين، أن التطعيمات تعتبر أمرًا مقدسًا، وأعربت عن حرصها على نصح جيرانها وأصدقائها بأهمية الالتزام بمواعيد التطعيم، مشيرة إلى أن تقصير أي آباء في تطعيم أطفالهم يعد تقصيرًا شديدًا في حق هؤلاء الأطفال، ليس فقط على المدى القصير ولكن أيضًا على المدى الطويل.
وذكرت أن التطعيمات تحمي الأطفال من أمراض خطيرة قد تكون أكثر تعرضًا لها، وأن التقصير في هذا الجانب يمكن أن يؤدي إلى مخاطر صحية عديدة.
كما أشادت منال بالجهود التي تبذلها الدولة لتوفير التطعيمات مجانًا، مشيرة إلى دور الفرق الطبية التي تجوب الشوارع وتزور المنازل لتطعيم الأطفال، ما يوفر على الأهل عناء الذهاب للمراكز الصحية.
كذلك أكدت أن الدولة توفر التطعيمات داخل المدارس، وتنبه الآباء بعدم تغيب أبنائهم للاستفادة من هذه الخدمة، واختتمت بالتأكيد على أن هذه الجهود تعكس حرص الدولة على صحة الأطفال ووقايتهم من الأمراض.
ربة منزل: إصابتى بالجدرى فى صغرى جعلتنى حريصة على تقديم اللقاحات لأطفالى
سارة علي، أم لطفلين، قالت إنها عندما كانت في الثامنة من العمر أصيبت بمرض الجدري المائي، ولا تزال تتذكر معاناتها معه إلى الآن، بعدما قضت مدة أكثر من أسبوعين كاملين دون القدرة على الاستحمام، محبوسة داخل غرفة، لا تتمكن من رؤية أصدقائها ومعزولة حتى عن أخواتها الآخرين، لا تتذكر من هذه الأيام سوى رائحة الدهان الذي حرصت والدتها على أن تمدها به صباحًا ومساءً.
عندما أصبحت سارة أمًا للمرة الأولى، لم تكن على دراية كافية بطبيعة التطعيمات، ولم تكن تعرف أن هناك تطعيمات أخرى غير التطعيمات التي تؤخذ داخل منافذ مكاتب الصحة.
ومع انتشار الوعي بأهمية التطعيمات الإضافية، التي تؤخذ في مراكز المصل واللقاح، وعندما علمت أن هناك تحديدًا مصل ضد الجدري المائي يؤخذ في جرعتين، الأولى قبل أن يتم الطفل عاما ونصف العام، والأخرى عند تمامه الأربع سنوات، ذهبت على الفور، وتابعت جدول التطعيمات الإضافية بانتظام.
تامر على: منذ انتشار جائحة كورونا وأنا حريص على تناول اللقاحات الطبية
يقول تامر علي، يعمل في مجال الهواتف المحمولة، أن انتشار جائحة كورونا فتح عينيه على أهمية تناول التطعيمات للوقاية من الأمراض المعدية، وبدأ أول مرة في تناول لقاح كورونا، ومن بعدها يحرص على تناول مصل الإنفلونزا الموسمية، الذي يحصل عليه كل عام من منافذ المصل واللقاح بالدقي.
وتابع "علي" أنه يحرص أيضًا على أن تحصل زوجته، وأطفاله الثلاثة، على المصل في شهر أكتوبر من كل عام، حتى لا يصابوا بالعدوى، مؤكدًا أن هذا الإجراء الذي يلتزم به منذ عامين ساهم بشكل كبير في الحد من إصابته هو وعائلته بأمرض الشتاء.
بسمة سعد: "التطعيم هو الوسيلة الوقائية الأهم"
بسمة سعد، 29 عامًا، أم لديها طفل يبلغ من العمر 3 سنوات، تلتزم بجميع التطعيمات التي تقرها الوحدة الصحية على الأطفال منذ ولادتهم حتى دخولهم المدارس، بسبب اقتناعها التام بأهمية تلك التطعيمات في حمايتهم من الأمراض الموسمية والعدوى المنتشرة كل فترة.
تقول لـ"الدستور": "التزمت بكل التطيعمات بداية من شهرين وحتى ثلاث سنوات، فكل فترة تعلن مديرية الصحة عن تطعيم جديد للأطفال من عدوى ما أو فيروس منتشر، إلى جانب التطعيمات الأساسية التي يأخذها الأطفال بشكل دوري من قبل وزارة الصحة".
وتوضح: "التطعيم هو الوسيلة الوقائية الأهم والمضمونة بالنسبة للطفل والأم، خاصة في تلك السن الصغيرة، فيجب الالتزام بها في كل الفترات، حتى مع دخوله المدرسة، وكذلك بالنسبة للأب والأم حتى لا يكونا سببًا في نشر العدوى للطفل".
نور: "التزمت بجميع حملات التطعيم"
نور مدحت، 32 عامًا، أم لطفل يبلغ من العمر عامين وثلاثة أشهر، لا تزال ملتزمة بالتطعيمات التي تقرها الدولة للأطفال في تلك السن، بسبب أهميتها في حمايتهم من الأمراض الموسمية، وهي جزء أساسي من رعاية الطفل مع جهازه المناعي الضعيف في تلك السن.
تقول: "كان لي أكثر من تجربة وقت تطعيمات كورونا، والتزمت بها كلها بسبب الخوف من العدوى، وكذلك جميع الحملات الصحية التي تقوم بها الدولة للمواطنين، مثل 100 مليون صحة، حيث شاركت فيها، والكشف عن السكر وغيرها من الحملات الصحية والتطعيمية".
وتلاحظ نور تحسن صحة ابنها بسبب الالتزام بالتطعيمات التي تقرها وزارة الصحة، لا سيما أنها تخص الكثير من الأمراض المناعية المنتشرة، إلى جانب إجراءات وقائية تقوم بها له في المنزل حتى تصل لأفضل نتيجة صحية له.