خبراء: رفع التصنيف الائتمانى لمصر «شهادة ثقة» تؤكد صحة المسار وتدعم النمو
رحب عدد من خبراء الاقتصاد بإعلان وكالة «فيتش» عن رفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة «B» مع «نظرة مستقبلية مستقرة»، مشيرين إلى الأهمية الكبيرة لهذا الإعلان فى دعم الاقتصاد المصرى وتعزيز مكانته بصورة كبيرة.
وأكد خبراء الاقتصاد الذين تحدثوا إلى «الدستور» أن رفع التصنيف الائتمانى لمصر يبعث رسالة قوية للمستثمرين المحليين والدوليين، مفادها أن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح، ما يعزز الآمال فى تحقيق التنمية المستدامة، ويسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات.
ونبه «الخبراء» إلى ضرورة الاستمرار فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، والحفاظ على الانضباط المالى، وتخفيض تكلفة خدمة الدين، بما يساعد على جذب مزيد من الاستثمارات وتحسن الأوضاع، الأمر الذى يسهم بدوره فى مزيد من التحسن فى التصنيف الائتمانى لمصر.
جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية
أكد الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أهمية قرار وكالة «فيتش» برفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى «B» مع «نظرة مستقبلية مستقرة»، خاصة فى ظل ما يعكسه من ثقة متزايدة فى الاقتصاد المصرى تسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف «سعد الدين»: «تصنيف فيتش يعد بمثابة رسالة قوية للمستثمرين، تشير إلى أن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح، خاصة مع توقعات ارتفاع متوسط الاستثمار الأجنبى المباشر إلى ١٦.٥ مليار دولار خلال السنوات المقبلة».
وواصل: «هذا التقييم الإيجابى يأتى نتيجة لعدة إصلاحات هيكلية نجحت الحكومة فى تنفيذها، على رأسها سياسة سعر الصرف المرنة، التى أسهمت فى القضاء على السوق الموازية، ما أدى إلى تحسين مناخ الاستثمار والأوضاع الاقتصادية بصفة عامة».
وأكمل: «تحسن الأوضاع الاقتصادية نتيجة هذه الإصلاحات أسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات، حتى وصلت الاحتياطيات النقدية الأجنبية إلى ٤٦.٥ مليار دولار، بما يعكس قدرة الحكومة على جذب رءوس الأموال وتعزيز الثقة بين المستثمرين».
وشدد رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، على أهمية الاستمرار فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، بما يساعد على تعزيز مكانة مصر كوجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية، إلى جانب ضرورة تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لجذب المزيد من الاستثمارات، معربًا عن أمله فى أن تؤدى هذه الجهود إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
رسالة لباقى المؤسسات الدولية
قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن رفع وكالة «فيتش» التصنيف الائتمانى لمصر قرار صائب وجيد، ويؤكد أن مصر بدأت فى جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.
وأضاف أن ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر سيكون أحد العوامل المؤثرة فى جذب المستثمرين الأجانب، نظرًا لأن ارتفاع التصنيف يبعث رسالة ثقة للمستثمرين، كما سيساعد مصر عند إصدارها سندات وأذون خزانة بالعملة الأجنبية لتقليل معدل الفائدة، ما يقلل عبء خدمة الديون التى تتحملها الموازنة العامة، كما أن قيام «فيتش» برفع التصنيف الائتمانى سيجعل المؤسسات المالية تغير من تصنيفها لمصر للأفضل خلال فترة قريبة.
وأوضح أن ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر فى هذا التوقيت له أهميته، خاصة أن مصر تستقبل خلال الساعات المقبلة مديرة صندوق النقد الدولى وفريق العمل بالصندوق، للقيام بأعمال المراجعة الرابعة، والتى ستؤهل مصر للحصول على الدفعة الرابعة وقدرها ١.٣ مليار دولار.
وأكد أن ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر سيساعد فى التفاوض مع صندوق النقد الدولى حول مد فترة سداد الأقساط وخدمة الديون، لا سيما فى ظل الأوضاع الحالية التى تعيشها المنطقة، مشيرًا إلى أن اتفاقية الصندوق تسمح بالتفاوض إذا كانت هناك أمور تؤثر على أى بلد عضو، وفقًا لأحكام المادة الثانية عشرة القسم الثالث من اتفاقية صندوق النقد الدولى.
وواصل: «وكالة فيتش رفعت التصنيف الائتمانى لمصر استنادًا إلى عدة عوامل؛ منها التزام مصر بسداد أقساط وخدمة الديون المستحقة عليها وعدم التأخر عن السداد وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية ١١.٤ مليار دولار فى الأشهر التسعة الأولى من ٢٠٢٤، لتصل إلى ٤٦.٥ مليار دولار»، مؤكدًا: «ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر جاء نتيجة توقع فيتش أن يبلغ متوسط الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر نحو ١٦.٥ مليار دولار خلال السنة المالية الحالية المنتهية فى يونيو ٢٠٢٥».
وتابع: «كما جاء ارتفاع التصنيف نتيجة الثقة فى السياسات النقدية والمرونة التى يتبعها البنك المركزى المصرى، وهو مؤشر على رصد تغيرات ملحوظة تدعم الاقتصاد الكلى وتقلل تأثيرات المخاطر الخارجية».
ولفت إلى أن «فيتش» أكدت انخفاض الديون الخارجية بمقدار ١٥ مليار دولار، بنسبة تصل إلى ٩.٩٪، من إجمالى الديون الخارجية، وهذا كان أحد العوامل التى تسببت فى رفع التصنيف الائتمانى.
دعم الحصول على تمويلات جديدة
وصف الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، رفع وكالة «فيتش» التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة «B» مع «نظرة مستقبلية مستقرة» بالإنجاز المهم والكبير، الذى يعكس التحسن الملحوظ فى الأوضاع الاقتصادية للبلاد.
وأضاف «جاب الله»: «هذا التقييم الإيجابى يأتى نتيجة تطبيق عدد من الإصلاحات الهيكلية التى أسهمت فى تعزيز الاستقرار المالى والنقدى، وزيادة الاحتياطيات النقدية الأجنبية بمقدار ١١.٤ مليار دولار، بما يعكس الثقة المتزايدة فى الاقتصاد المصرى، ويؤكد قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية».
وأشار إلى أهمية تطبيق سياسة سعر الصرف المرنة، التى أسهمت فى القضاء على السوق الموازية، واستعادة التوازن الاقتصادى، وإثبات نية الحكومة فى دعم النمو المستدام، مضيفًا: «الفائض الأولى البالغ ٦.١٪ والعجز الكلى ٣.٦٪ يشيران إلى نجاح الحكومة فى إدارة المالية العامة، ما يعزز من مصداقية السياسات الاقتصادية، ويزيد من فرص الحصول على تمويلات جديدة من المؤسسات المالية الدولية».
ونبه إلى ضرورة استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى، بجانب الحفاظ على الانضباط المالى، وتخفيض تكلفة خدمة الدين، ما يمكن مصر من تعزيز مكانتها فى الأسواق العالمية، ويساعدها على جذب المزيد من الاستثمارات، وكلها أمور تسهم فى مزيد من تحسين التصنيف الائتمانى فى المستقبل.
فرصة لمواصلة الإصلاحات الهيكلية
ذكر الدكتور فتحى السيد، الخبير الاقتصادى، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بنها، أن رفع التصنيف الائتمانى لمصر يعكس تحسنًا ملحوظًا فى الأوضاع الاقتصادية، ويعكس ثقة المجتمع الدولى فى الاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أن تقرير «فيتش» شهادة ثقة جديدة فى الاقتصاد المصرى، ويؤكد أننا نسير فى الطريق الصحيح، كما يؤكد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، ويأتى فى توقيت مناسب وجيد. وأضاف أن التقرير يشير إلى زيادة الاحتياطيات الأجنبية وتعافيها بشكل ملحوظ، مع توقعات بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يعكس الجهود المبذولة لتحسين المناخ الاستثمارى فى البلاد.
وأكد أهمية السياسات النقدية المرنة، التى تعزز قدرة الجنيه المصرى على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية، ورغم التحديات المرتبطة بعجز الحساب الجارى، يعتقد أن الانخفاض المتوقع فى العجز خلال السنتين المقبلتين يظهر قدرة الاقتصاد على التعافى التدريجى.
وشدد على ضرورة استثمار هذه الفرصة من خلال مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الطاقة والصناعة.
ونوه بأهمية تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، لضمان استدامة هذه التحولات الإيجابية وتحقيق الأهداف التنموية المستدامة لمصر.
نقطة انطلاق مهمة لتخفيض الفائدة على القروض
رأى محمد جاب الله، الخبير الاقتصادى، رئيس قطاع تنمية الأعمال والاستراتيجيات بشركة «بايونير»، أن رفع التصنيف يعزز قدرة الدولة على الاقتراض الخارجى، ما يؤدى إلى انخفاض تكلفة التأمين على الديون، مشيرًا إلى أن هذا التحسن فى التصنيف الائتمانى يُعتبر نقطة انطلاق مهمة لتخفيض الفائدة على القروض، وهو ما سيعود بالنفع المباشر على قطاع البنوك.
وأضاف: «جاء هذا التطور نتيجة للإصلاحات الاقتصادية الناجحة التى نفذتها الحكومة، والتى أسهمت فى زيادة الاحتياطيات النقدية وتعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى، وبالتالى ستحصل البنوك على فرص أفضل لتمويل المشاريع، ما يعزز من قدرتها التنافسية».
وبيّن أن هذا التحسن سينعكس إيجابيًا على البورصة المصرية، وسيؤدى إلى زيادة الاستثمارات فى مختلف القطاعات، ومع زيادة تدفقات السيولة يمكن أن تشهد السوق تحسنًا فى أداء الأسهم، ما يعزز من الثقة لدى المستثمرين.
وقال: «بناءً على ذلك، فإن رفع التصنيف الائتمانى لا يُعتبر مجرد إجراء مالى، بل هو مؤشر على استقرار الاقتصاد وقدرته على جذب الاستثمارات، مما يعزز من مكانة مصر فى الأسواق العالمية».
تعزيز الاستقرار المالى والنقدى
اعتبر الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، أن هذا التصنيف ليس مجرد رقم، بل هو شهادة على نجاح الجهود المتواصلة التى بذلتها الحكومة المصرية لتعزيز الاستقرار المالى والنقدى، مشيرًا إلى أن الخطوة تطور إيجابى يعكس التحسن المستمر فى الثقة العالمية فى الاقتصاد المصرى.
وأشار «الإدريسى» إلى أن زيادة الاحتياطيات النقدية الأجنبية، التى ارتفعت بمقدار ١١.٤ مليار دولار، تعكس نجاح السياسات الاقتصادية التى تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، كما اعتبر أن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر يعد علامة واضحة على عودة الثقة فى السوق المصرية، وهو ما يسهم فى دعم النمو الاقتصادى.
وأضاف أن الإصلاحات الهيكلية التى تم تنفيذها، بما فى ذلك تحسين بيئة الأعمال ومرونة سعر الصرف، قد ساعدت فى تقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار، مؤكدًا أهمية استدامة هذه الإصلاحات لضمان جذب مزيد من الاستثمارات وتعزيز النمو.
وشدد على ضرورة الحفاظ على الانضباط المالى والتزام الحكومة بسياسات اقتصادية منضبطة، حيث إن ذلك سيمكن البلاد من خفض تكلفة الاقتراض الخارجى ويعزز مكانتها فى الأسواق المالية الدولية.
ورأى أن استمرار تحسين التصنيف الائتمانى يعتمد على قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة وتطبيق المزيد من الإصلاحات الهيكلية.