جلسة نقاشية حول "جودة الرعاية الصحية كركيزة للتنمية البشرية"
قال الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، إن جودة الرعاية الصحية لها مفهوم أعمق من علاج المرضى، بل تعتبر شرطًا أساسيًا للتنمية البشرية، التي تنعكس على رفاهية الفرد والصحة العامة، وهو ما أكدت عليه أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، والتي وضعت جودة الصحة والرفاه كهدف أساسي لتحقيق باقي الأهداف، ومحرك رئيسي لتحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠، مشيرًا إلى ارتباطها الوثيق بتقليل الفقر وزيادة فرص التعليم وتعزيز المساواة بين الجنسين من خلال بناء أنظمة صحية متكاملة تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا، وهي أهداف مبادرة بداية لبناء الإنسان المصري بالجمهورية الجديدة.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي نظمتها الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، وأدارها الدكتور جاسر جاد الكريم، استشاري النظم الصحية بمنظمة الصحة العالمية بعنوان: "جودة الرعاية الصحية كركيزة للتنمية البشرية" ضمن فعاليات النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية (PHDC24) بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وذلك بحضور آية نصار، نائب رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، ود. نانسي عبدالعزيز، المدير التنفيذي للهيئة، وكل من ولاء عبداللطيف، خالد عمران، وائل الدرندلي، إيمان الشحات، السيد العقدة، أعضاء مجلس إدارة الهيئة.
وأضاف رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية أن الاستثمار في الصحة لا يقتصر على معالجة الأمراض فحسب، بل يتعداه إلى تعزيز الصحة الوقائية والتثقيف الصحي، ما يقلل من الأعباء الصحية على الأفراد والمجتمع من خلال تعزيز الرعاية الصحية الأولية، ويحد من انتشار الأمراض ويسهم في تقليل الفجوة الصحية بين مختلف شرائح المجتمع، وهي الفلسفة الأساسية لمنظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة.
تحسين جودة الرعاية الصحية
وأشار طه إلى أن تحسين جودة الرعاية الصحية لا يمثل فقط التزامًا أخلاقيًا تجاه الأجيال الحالية، بل هو أيضًا استثمار طويل الأمد في رأس المال البشري، الذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار المجتمعي.
ولفت إلى أن اعتماد المنشآت الصحية، وفقًا لمعايير الجودة الصادرة عن "جهار"، يمهد الطريق أمام التنمية البشرية وهو ما يتوافق مع تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة الذي يعتبره أساس بناء الإنسان، مؤكدًا أن الجودة تستهدف خفض الأخطاء الطبية التي تعد، وفقًا للدراسات الحديثة، السبب الثالث من أسباب الوفاة في العالم إلى جانب حسن استخدام الموارد ومنع الهدر.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد لطيف، الرئيس التنفيذي لمجلس الصحي المصري، أن التعليم والتعلم المستمر يعد هدفًا عالميًا لتحقيق التنمية المتطورة بكل القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي، باعتبار أن العنصر البشري هو القوة المحركة والدافعة لكامل النظم الصحية العالمية بما يستدعي الاهتمام بالتعليم والتطوير المستمر للأطقم الطبية لضمان توفير رعاية صحية آمنة وتتماشى مع معايير الجودة العالمية، مشيرًا إلى دور المجلس الصحي المصري في بناء قدرات العاملين في المجال الصحي، وإصدار الأدلة الاسترشادية لمختلف التخصصات الطبية.
وأشارت الدكتورة مها الرباط، أستاذ الصحة العامة بجامعة القاهرة ووزير الصحة والسكان الأسبق، إلى التعقيد المتزايد في نظم الرعاية الصحية العالمية في ظل المتغيرات المتسارعة سواء الاقتصادية أو الطبيعية أو التكنولوجية أو الصحية والعلاجية، وطرق الحصول على الخدمة الصحية سواء التقليدية أو عن بعد، وأكدت ضرورة الاستغلال الامثل لتلك المتغيرات وتحويل التحديات إلى فرص بما يسهم في ضمان جودة الرعاية الصحية.
نشر ثقافة الجودة
وأضافت الرباط أن نشر ثقافة الجودة بالرعاية الصحية يحتاج إلى وضع آليات تنظيمية تساعد على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة مع وضع سلامة المرضى في الأولوية والتحفيز لعملية التعليم والتعلم المستمر للأطقم الطبية، إلى جانب الاستفادة من التطور التكنولوجي الهائل بهدف ضمان حصول المريض على خدمة صحية تتماشى مع أعلى مستويات الجودة.
وأكدت ضرورة دعم المؤسسات الصحية لتصبح قادرة على الصمود أمام الأزمات مع ضرورة توافر المرونة اللازمة بالمنشآت الصحية وتأهيلها للاستجابة لتطبيق معايير الجودة والوصول إلى رضا المنتفعين.
وفي ذات السياق، أشار اللواء دكتور سعيد النجار، رئيس قطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية، إلى أن جودة وسلامة الرعاية الصحية حق أصيل من حقوق الإنسان في الحياة، لافتًا إلى التزام المستشفيات التابعة للقطاع الطبي بالشرطة بتنفيذ كل الآليات والإجراءات التي تضمن أمن وسلامة المرضى ومقدمي الخدمة الصحية، مشيدًا بالتعاون الوثيق مع الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في مجال تأهيل المستشفيات للاعتماد.
فيما أثنى الدكتور جاسر جاد الكريم، مسئول النظم الصحية بمكتب منظمة الصحة العالمية في مصر، على التقدم الملحوظ الذي حققته منظومة التأمين الصحي الشامل في مصر، والجهود التي تبذلها الجهات المعنية لضمان تقديم رعاية صحية عالية الجودة، مشيرًا إلى أن الجمهورية الجديدة تضع على رأس أولوياتها تطوير القطاع الصحي وتوفير رعاية صحية متكاملة وفقًا لأعلى مستويات الجودة العالمية، وننتقل الآن لمرحلة جديدة تعتمد على تنمية العنصر البشري للوصول إلى التنمية الشاملة والمستدامة.
وأوضح ناصر لوزة، مدير مستشفى بهمان رئيس لجنة تطوير معايير الصحة النفسية بالهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن معايير الصحة النفسية الصادرة عن "جهار" والمعتمدة من منظمة الإسكوا الدولية تسهم بقوة في توفير منشآت صحة نفسية متطورة وقادرة على مواجهة التحديات التي يعاني منها الطب النفسي بسبب عدم استيعاب المجتمع للمريض النفسي، لافتًا إلى أهمية تغيير نظرة المجتمع للمريض النفسي إلى جانب الالتزام بتطبيق معايير الجودة التي تضمن توافر احتياجات المريض خلال فترة إقامته بالمستشفى.
واستعرضت الدكتورة ميهي التحيوي، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، من خلال عرض تقديمي، العلاقة بين جودة الرعاية الصحية والتنمية البشرية، حيث أكدت أن الجودة هي أساس التنمية البشرية و"الاعتماد" هو ما يضمن وضع النظام، وبالتالي استدامة الجودة في مختلف مكونات الخدمة الصحية، موضحة اختلاف الثقافة على أرض الواقع داخل المنشآت الصحية الحاصلة على الاعتماد.