رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من فتاة مرفهة لمُغسلة موتى محترفة.. "مى": أستر المسلمات لوجه الله

جريدة الدستور

بدأت قصتها في موقف صعب مرت به لم تدع له بالًا، ولم تسول لها نفسها أنها ستمر به في يوم من الأيام، تلك الفتاة التي كانت تعيش حياة مرفهة وتدعى "مي فاروق" ونشأت في عائلة ميسورة الحال، ولكن عند وفاة أحد أقاربها خلال جائحة كورونا، وجدت نفسها أمام أزمة كبيرة، فلم تجد من يقوم بتغسيله، وحتى من تواجد ليقوم بهذه المهمة بعضهم استغل الأزمة وطلبوا أجورًا كبيرة، ما جعلها تجارة لا يقدر عليها الكثيرون، في تلك اللحظة، قررت أن تتعلم كيفية تغسيل الموتى بنفسها، وتقديم هذه الخدمة بالمجان.

من الرفاهية إلى التضحية في سبيل ستر الموتى

قالت مي إنها اتخذت قرار التفرغ لهذه المهمة بعد أن لاحظت العجز الكبير في تغسيل المتوفين خلال فترة كورونا، حيث انعزل الكثير ممن يعملون في مهنة تغسيل الموتى عن العمل خوفًا من العدوى، في حين استغل البعض الآخر هذه الظروف بشكل مبالغ فيه، وبدأوا بطلب مبالغ مالية كبيرة لتقديم هذه الخدمة عندها، فكرت في التدخل بنفسها وقررت تعلم التغسيل وكيفية تقديم هذه الخدمة بإتقان وإخلاص، ليس لتحقيق مكاسب مادية، بل فقط لوجه الله.

"مغسلون بلا أجر" لنشر الفكرة في المحافظات

لم تكتف مي بتعلم التغسيل وحدها، بل سعت لنقل هذه التجربة لغيرها، فأنشأت مبادرة تحت اسم "مغسلون بلا أجر" وسرعان ما انتشرت الفكرة، وأصبحت تتلقى العديد من المكالمات من شباب وفتيات وسيدات يرغبون في تعلم هذا العمل الإنساني والمشاركة به، فقامت بتدريبهم على أسس الغسل وأصول التعامل مع الموتى بما يتماشى مع القيم الدينية والعادات المجتمعية والطرق الصحيحة، على حد وصفها.

مستلزمات الغسل بالمجان

وأشارت مي إلى أنها نجحت في وقت قصير في تشكيل فرق من المتطوعين في مختلف المناطق والمحافظات، لتكون جاهزة للاستجابة عند الحاجة، وعندما يتم إبلاغها بوجود حالة تحتاج إلى الغسل، تقوم فورًا بتحريك الفريق الأقرب إليها عبر التنسيق والتواصل المستمر بين أعضاء المبادرة، مشيرة إلى أنها لا تحمّل أقارب المتوفى أي تكلفة، فكل مستلزمات الغسل وحتى الكفن تقوم بتجهيزه بنفسها وتقدمه مجانًا، بل وقامت مؤخرًا بشراء عدد من المقابر ووهبتها كصدقة لمن لا مدفن له.