فلسطينيون: «خطة الجنرالات» قيد التنفيذ.. والاحتلال مستمر فى تفريغ شمال القطاع من الأهالى لإقامة منطقة عازلة
قال خبراء وسياسيون فلسطينيون إن تكثيف العدوان الإسرائيلى على مدينة جباليا وشمال قطاع غزة يأتى فى إطار تنفيذ خطة التهجير والإخلاء لمناطق الشمال، المعروفة باسم «خطة الجنرالات»، عبر اتباع سياسة الحصار والتجويع والقتل، لإجبار المواطنين الفلسطينيين على النزوح من أراضيهم، موضحين أن تنفيذ الخطة يتم بالفعل دون الإعلان عن ذلك، خشية الفشل ومواجهة الضغوط الدولية.
وأوضح الخبراء الفلسطينيون، فى حديثهم مع «الدستور»، أن مخطط تفريغ الشمال يعد خطوة أساسية لخلق واقع جديد على الأرض، عبر السيطرة على القطاع جغرافيًا، بعد إخلائه من سكانه، تمهيدًا لاستكمال مشروعات إسرائيل، الباحثة عن دور أكبر على الساحة الدولية، ومن بينها مشروع الممر الهندى الأوروبى، وقناة بن جوريون، ما يحوّل دولة الاحتلال لدولة صاحبة كلمة فى الشئون الإقليمية والدولية.
جهاد أبوملكة: مخطط الإخلاء يتم بهدوء ودون تغطية إعلامية
قال الكاتب والباحث السياسى الفلسطينى، جهاد أبوملكة، إن الهجوم العسكرى الإسرائيلى الذى يجرى فى شمال غزة منذ نحو أسبوعين يشكل استمرارًا للهجوم البرى والجوى والبحرى الواسع والمتواصل منذ سنة كاملة على جميع محافظات قطاع غزة، ولكن بصورة مصغرة، لكونه يتم على مساحة جغرافية محدودة.
وأضاف: «ما يحدث فى شمال قطاع غزة، وتحديدًا فى جباليا، هو تنفيذ لخطة إسرائيلية تسمى (خطة الجنرالات)، التى وضعها الجنرال احتياط جيولا آيلاند، وتهدف إلى إفراغ شمال قطاع غزة من السكان الفلسطينيين، تمهيدًا لإقامة منطقة عازلة وبعض المستوطنات الإسرائيلية؛ وإلا فكيف يمكن تفسير فصل جباليا عن غزة ومنع الماء والغذاء وفرض حصار تام على شمال غزة مع فتح ممرات للعبور لجنوب الوادى؟».
وأكد «أبوملكة» أن جيش الاحتلال الإسرائيلى يعمل على تنفيذ «خطة الجنرالات» بهدوء، ودون شوشرة إعلامية، حتى لا يحدث ضغط على حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من الرأى العام العالمى والعربى، بحيث يتم تطويرها وتوسيعها لاحقًا لتشمل كل مناطق قطاع غزة، حسب الوضع الميدانى والنجاحات على الأرض.
وتابع: «رغم تشبث المواطنين الفلسطينيين بخيار عدم النزوح من شمال القطاع، فإنه من المبكر الحديث عن فشل الاحتلال فى تنفيذ خطته، إذ تُعتبر الأسابيع الثلاثة المقبلة حاسمة فى نجاح أو فشل الخطة الإسرائيلية، لذا يجب على السلطة الفلسطينية أن تسارع بطلب اجتماع عاجل لقمة عربية طارئة، لاتخاذ قرارات جادة وفاعلة لوقف هذه المجزرة فورًا، والتواصل مع الدول الصديقة، وعلى رأسها جمهورية مصر العربية، لدعمها أمام المؤسسات الأممية والمحافل الدولية، وإلا فالعواقب ستكون وخيمة على أرواح المدنيين وعلى القضية الفلسطينية برمتها».
ثائر أبوعطيوى: القتل والتجويع وسيلة لطرد 250 ألف فلسطينى
أكد ثائر أبوعطيوى، الكاتب الصحفى الفلسطينى، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات فى فلسطين، أن حصار الاحتلال الإسرائيلى شمال قطاع غزة مستمر بشكل محكم لأكثر من أسبوعين على التوالى، وسط عملية عسكرية واسعة تستهدف مدينتى بيت حانون وبيت لاهيا، إضافة إلى مدينة جباليا، التى تتعرض بشكل عنيف ومكثف ومتواصل للقصف والقتل والتدمير والحصار والتجويع.
وأوضح أن هذا كله يأتى ضمن خطة الاحتلال لتهجير السكان المدنيين، الذين يبلغ عددهم فى شمال قطاع غزة نحو ٢٥٠ ألف مواطن فلسطينى، مع دفعهم للنزوح القسرى نحو جنوب القطاع، وهذا من خلال تصعيد وتيرة الحرب وفرض الحصار والتجويع بشكل كامل.
وأضاف: «واقع المواطنين فى شمال قطاع غزة وضع مأساوى منذ شهور طويلة، نظرًا للنقص الحاد فى الغذاء والمياه والدواء وجميع مستلزمات الحياة اليومية الأساسية، ولكن فى الفترة الحالية اشتدت الأزمة بشكل واضح، نتيجة فرض الاحتلال الإسرائيلى الحصار الكامل على شمال القطاع، ومنعه دخول أى مساعدات إغاثية وإنسانية وأى سلع غذائية، إضافة إلى الاجتياحات والاقتحامات لبعض المناطق، خصوصًا مدينة جباليا ومخيمها، مع القيام باستهداف المواطنين العزل، واعتقال العديد من المواطنين فى ظروف غير إنسانية».
واستطرد: «استمرار العدوان الإسرائيلى على القطاع، وفصل مناطق الشمال عن بعضها البعض، بهدف التحكم بها والسيطرة عليها، وجعل المواطنين يستعجلون بالنزوح إلى جنوب القطاع، يهدف أساسًا لإخلاء كل مناطق شمال غزة وتفريغها من سكانها وتهجيرهم منها، وجعل أكبر مساحة جغرافية عبارة عن مناطق عازلة كما يسميها الاحتلال».
وشدد «أبوعطيوى» على أن عمليات القصف والقتل والاعتقالات والحصار والتجويع فى شمال قطاع غزة كلها ممارسات لإجبار السكان للهروب والنزوح من جحيم الموت، قصفًا أو جوعًا، مضيفًا: «هذا هو الوجه الحقيقى للإبادة الجماعية، فى ظل تطبيق الاحتلال الإسرائيلى (خطة الجنرالات) وتفريغ شمال قطاع غزة وترحيل سكانه بشكل كامل».
واختتم حديثه بالقول: «من الضرورى والعاجل تحرك المجتمع الدولى من أجل الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلى لإنهاء حصار الشمال من جهة، والعمل بشكل فورى وسريع على مضاعفة وتكثيف الجهود من أجل إنهاء الحرب المستمرة والعدوان المتواصل على قطاع غزة».
عماد عمر: الخوف من الفشل وراء عدم الإعلان عن المخطط الجارى تنفيذه
رأى الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، عماد عمر، أن استمرار الاحتلال فى عمليته العسكرية فى محافظة شمال غزة يأتى فى إطار العمليات العسكرية المتواصلة، التى تهدف أساسًا لاستمرار الحرب أكبر وقت ممكن، لحين الوصول إلى المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
وأضاف: «التصعيد الحالى فى شمال القطاع ربما يكون تمهيدًا غير معلن لـ(خطة الجنرالات)، التى تكسرت أمام صمود أهالى الشمال، ورفضهم الخروج من منازلهم، رغم الحصار الخانق والمجازر والقصف العشوائى على المنازل، وباعتقادى أن عدم الإعلان عن تنفيذ الخطة يأتى خشية من فشلها، لذا يتم الاكتفاء بالقول بأنها عملية عسكرية».
وتابع: «الأمر أيضًا يتعلق بالضغط على حركة حماس للعودة إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية، تحت القصف والمجازر، ووفقًا لوجهة نظرى فإن هذه الورقة أثبتت فشلها، لأنها لا تجدى نفعًا مع فصائل المقاومة الفلسطينية». وأشار إلى أن إسرائيل حاولت أكثر من مرة وبكل الوسائل تهجير سكان غزة وجباليا إلى جنوب وادى غزة إلا أنها فشلت تمامًا، لافتًا إلى أن هناك مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين ما زالوا محاصرين فى جباليا، وخروجهم منها ليس بالأمر السهل، فى ظل إصرارهم على البقاء فى بيوتهم وعلى أرضهم، والمحافظة عليها. وأردف: «حكومة الاحتلال تستغل عجز المجتمع الدولى من جهة، والضعف العربى من الجهة الأخرى، لرفع حصيلة الشهداء عبر جرائم الإبادة الجماعية وتدمير كل شىء فى القطاع، لخلق واقع جديد غير قابل للحياة، وفرض خروج طوعى للمواطنين، فى ظل تدمير القطاع صحيًا وتعليميًا وهدم المبانى والبنية التحتية». واستطرد: «الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية فى جباليا، وأعداد الشهداء فى تزايد، لأن الاحتلال يمنع دخول سيارات الإسعاف والدفاع المدنى إلى المناطق السكنية لنقل الجرحى والشهداء للمستشفيات، وهذا مخالف للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى».
عزيز العصا: التهجير أولى خطوات تنفيذ «قناة بن جوريون» للوصل بين البحرين المتوسط والأحمر
قال الكاتب السياسى الفلسطينى، عزيز العصا، إن ما يفعله الاحتلال فى شمال غزة تجاوز مرحلة التمهيد إلى مرحلة تنفيذ «خطة الجنرالات»، القائمة على طرد أهالى شمال غزة، أو تجويعهم حتى الموت، التى تعد جزءًا من خطة استراتيجية كبرى تقوم على تحويل قطاع غزة إلى جغرافيا بلا ديموجرافيا؛ أى إخضاع القطاع والقضاء على أى فعل مقاوم فيه.
وأضاف: «سيتم بعد ذلك توظيف القطاع فى خدمة المشروع الإسرائيلى الكبير الخاص بقناة بن جوريون، الهادفة للوصل بين البحرين المتوسط والأحمر، كما سيتم توظيفه لإنجاح مشروع الطريق بين الهند وأوروبا، ومن خلال هذين المشروعين ستصبح إسرائيل مركز الثقل الاقتصادى والتجارى على مستوى الشرق الأوسط وصاحبة الكلمة الأولى فى قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، وعلى مستوى العالم أيضًا، مع السعى للوصول إلى مصادر الطاقة فى الشرق الأوسط».
وتابع: «سيتم هذا كله فى حال انتهت المقاومة فى كل من قطاع غزة ولبنان، وهو الأمر المستبعد جدًا على المدى المنظور».
واستطرد: «إسرائيل، وهى تنفذ خطتها الاستراتيجية تتحرك بجنون للبحث عن نصر مطلق، وهو أمر لن يتحقق، لأن شعوب المنطقة أصبحت على مستوى متقدم من الوعى والإدراك لأهداف إسرائيل بعيدة المدى، بعد أن تحولت إلى دولة قاطعة طريق، تمارس إبادة جماعية وتطهير عرقى غير مسبوق فى التاريخ المعاصر، وتحاول دفع القوى العظمى لحرب عالمية، تستخدم فيها الأسلحة النووية».